حصار بدل اقتحام.. لماذا غيّر بوتين خطط روسيا في "آزوف ستال"؟
بدل اقتحامه أمر الرئيس الروسي بمحاصرة آخر المقاتلين الأوكرانيين بمصنع "آزوف ستال" في مدينة ماريوبول التي أعلنت موسكو "تحريرها" بالكامل.
تغيير تكتيكي يحول خطة اقتحام سبق أن أعلنها الرئيس الشيشاني رمضان قديروف منذ الثاني من أبريل/نيسان الجاري، إلى "تطويق" المبنى الصخم بالمدينة الساحلية الاستراتيجية.
واليوم الخميس، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته بإلغاء خطط اقتحام مصنع التعدين في مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية، مشيرا إلى أنه يريد استمرار حصاره بشكل آمن بدلا من ذلك.
ونقل إعلام روسي عن بوتين تأكيده أنه من الضروري محاصرة "المنطقة بطريقة لا تسمح بمرور ذبابة واحدة".
وهنأ الرئيس الروسي وزير الدفاع سيرجي شويغو على نجاح العملية في ماريوبول، وقال إن السيطرة على المدينة تمت بنجاح ولا حاجة لاقتحام المنطقة الصناعية فيها.
كما شدد بوتين على أن روسيا تضمن عدم التعرض والتعامل باحترام مع القوات الأوكرانية التي تغادر منشأة "آزوف ستال".
من جانبه، قال وزير الدفاع الروسي لبوتين إن الوضع في ماريوبول هادئ ويسمح بعودة المدنيين، لافتا إلى أن قواته سيطرت على ماريوبول بالكامل، باستثناء مصنع "آزوف ستال"، حيث ما زال هناك مقاتلون أوكرانيون في المصنع.
وقال شويغو إنه لحظة تطويق ماريوبول، كان عدد القوات الأوكرانية والمرتزقة الأجانب يبلغ حوالي 8 آلاف و100 شخص، مشيرا إلى أنه خلال تحرير المدينة، تم القضاء على أكثر من نصفهم، فيما استسلم ألف و478.
أما الجموعة المتبقية والتي قدرها الوزير الروسي بأكثر من ألفي مقاتل، فقال إنها تختبئ في منطقة "آزوف ستال" التي جرى تطويقها.
تصريحات تؤكد تغيير التكتيك الروسي من اقتحام المصنع الذي يعتبر من أكبر مصانع التعدين في أوروبا، إلى تطويقه، فما الذي يدفع بالقوات الروسية إلى هذا التغيير؟
متاهة مضادة للنووي
تخشى روسيا من مفاجآت حال اقتحامها للمصنع الذي يعتبر بمثابة مدينة داخل المدينة، ما يضع قواتها في خطر الكمائن والتفجيرات وبالتالي يكبدها خسائر في الأرواح يمكن أن تتفاداها بالتضحية بوقت إضافي بدل تحقيق نصر سريع لكنه مكلف.
ومن هذا المنطلق، يبدو أن موسكو الخبيرة بخفايا المصنع الذي بناه السوفيت، تفضل اللعب على وتر الوقت ومسار الحرب بشكل عام وانتصاراتها على الأرض، حتى تحدد بوصلة الصراع لصالحها ما من شأنه أن يشيع نوعا من الإحباط بصفوف المقاتلين الأوكرانيين المرابطين بالمصنع، وقد يدفعهم ذلك للاستسلام، فيكون نصرا بلا خسائر.
وبإعلان حصار المصنع، تلعب روسيا أيضا على معنويات الأوكرانيين، لأن سقوط المدينة وبقاءهم داخل حصنهم يعني أنهم سينتهون عاجلا أم آجلا بأيدي الروس، وهو ما يندرج في إطار الحرب النفسية التي تشكل أحد أهم أضلع النزاع.
وبناء على ذلك، تخير موسكو البقاء بالمنطقة الآمنة من المصنع الذي يشكل مع شبكته من الأنفاق تحت الأرض متاهة قد تبتلع جنودها.
فالمصنع يشكل مدينة كبيرة مترامية الأطراف تمتد على مساحة 4 أميال مربعة على طول الواجهة البحرية لمدينة ماريوبول، ويضم عددا كبيرا من المباني المقاومة للنووي والانفجارات ومسارات السكك الحديدية والأقبية والأنفاق تحت الأرض.
ومن الداخل لا يبدو المبنى على ما هو عليه من الخارج، إذ يضم تحته مدينة أخرى مشيدة على طول شبكته الجوفية، وفي طبقته التحتية الأولى، ويوجد طابق مزيف للتمويه يضم المواد الصلبة والتعدين والمواد الخام ليوحي بأنه وحدة تخزين.
طابق تمويهي يخفي مدينة سرية تبدأ بالظهور كلما تقدم المرء نحو عمق الأرض، حيث توجد طبقة سفلية ثانية، وتحتها طبقة أخرى تتكون من مزارع تنبت فيها مختلف أنواع الفواكه والخضراوات، ما يعني أن مطعم المصنع قادر على تحقيق اكتفائه الذاتي، وهو ما يفسر صمود مئات أو آلاف المقاتلين المرابطين داخله.
وإلى الأسفل، توجد طبقة أخرى فيها مقهى وورشة، وتحتها طبقة تضم مساكن للقاطنين، وفي آخر الطبقات، توجد وحدة نظام ترتبط بوحدات التحكم موزعة على كل أجهزة الكمبيوتر العاملة بالمدينة الصناعية، بنظام اتصالات متطور، ما يجعل المقاتلين داخله قادرين على التواصل مع الخارج ومراقبة الحركة بمحيط المبنى.
وفي وقت سابق الخميس، أعلن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف أن القوات الروسية ستسيطر على مصنع آزوف ستال للصلب في ماريوبول، وقال في رسالة صوتية: "قبل وقت الغداء أو بعده سيكون (مصنع) آزوف ستال تحت السيطرة التامة للقوات الروسية".
aXA6IDE4LjIxOS4xOC4yMzgg جزيرة ام اند امز