مُسيرات «الألياف البصرية».. سلاح روسي يربك جبهات أوكرانيا

في منطقة سومي الأوكرانية، اعتاد الجنود على مواجهة الطائرات المسيّرة القاتلة التي تلاحق مركباتهم حتى داخل الأبواب والنوافذ.
لكنهم، وبحسب تقرير طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "واشنطن بوست"، واجهوا مؤخرًا نوعا حديثا من المسيرات الروسية لم يتمكنوا من إيقافه أو التعامل معه.
ووفقا للتقرير، فالمسيرات الروسية الحديثة لا تعتمد على إشارات الراديو القابلة للتشويش كما في الطرازات القديمة، بل تُدار عبر كابلات دقيقة من الألياف البصرية، وهي الألياف نفسها التي أحدثت ثورة في عالم الإنترنت عالي السرعة.
ورغم أن هذه الألياف قد تتشابك أحيانًا وتقطع الاتصال، لكنها تمنح السلاح ميزة كبرى؛ لأنه لا يمكن التشويش عليه إلكترونيًا.
ولفتت الصحيفة إلى أن "روسيا صعّدت منذ عدة أشهر، من استخدامها للطائرات المسيّرة المزودة بألياف بصرية، حيث يصل مداها إلى نحو 19 كيلومترًا".
ويقول الجنود الأوكرانيون إن هذه التكنولوجيا الجديدة كانت السبب الرئيس في انسحابهم المؤلم مؤخرًا من كورسك.
مواصفات
وتمتلك هذه الطائرات مزايا عدة، بينها:
عمر بطارية أطول.
قدرة أكبر على الاستهداف الدقيق مقارنة بالطرازات اللاسلكية.
فاقت عدد الطائرات الأوكرانية في ميدان المعركة، مما منح روسيا تفوقا رئيسيا وجعل التنقل محفوفا بالمخاطر إلى درجة أن بعض القوات الأوكرانية علقت على الجبهة دون طعام أو ذخيرة أو طرق للانسحاب، بحسب شهادات الجنود.
ورغم استخدام أوكرانيا أيضًا طائرات مماثلة في كورسك ومناطق أخرى، فإن أعدادها أقل بكثير، ولهذا، فهي تسابق الزمن لمجاراة روسيا في إنتاج هذا النوع من الطائرات.
ويصف الجنود والخبراء هذا التطور بأنه المرة الأولى التي تتفوق فيها روسيا على أوكرانيا في تكنولوجيا الطائرات المسيّرة على الخطوط الأمامية منذ بدء العملية العسكرية واسعة النطاق عام 2022.
ويمنح الاستخدام الواسع لهذه الطائرات روسيا ميزة عسكرية جديدة في لحظة حرجة لكييف، وسط ضغوط دولية وغموض يكتنف مستقبل المساعدات العسكرية.
كما يعزز هذا التفوق، ثقة روسيا في النصر ويزيد من ترددها في القبول بوقف إطلاق النار. وفق الصحيفة.
ورغم أن توصيل ألياف بصرية بطائرة مسيّرة كان يُعتبر تكنولوجيًا "خطوة إلى الوراء" فإن هذا التعديل جعل هذه الطائرات الانتحارية أكثر فتكًا بشكل عام، رغم بعض السلبيات.
ويقول أندرو كوتيه، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، إن ما يحدث في أوكرانيا هو ثورة في الحرب غير المأهولة.
وأشار إلى أن الطائرات بالألياف البصرية تنقل المعلومات بشكل أكثر أمانا وتتيح تحديد الأهداف بدقة أكبر، رغم بعض القيود مثل مدى الطيران.
وتراقب شركات الدفاع الأمريكية هذه الطائرات عن كثب، إذ أصبحت أوكرانيا ساحة اختبار للتكنولوجيا العسكرية الحديثة.
وهذه المسيرات ليست سوى تطور بسيط للطائرات دون طيار الرخيصة من نوع FPV التي زوّدها الأوكرانيون بالمتفجرات عام 2022.
وهي صغيرة بما يكفي ليحملها جندي في يد واحدة، لكنها قوية بما يكفي لتعطيل دبابة.
وقد غيّرت وجه المعركة بسرعة وأصبحت السلاح المفضل في الخطوط الأمامية للطرفين.
كيف تعمل؟
عادة ما يتم تشغيل هذه الطائرات من قبل جنود يرتدون خوذات مزوّدة بكاميرات تعرض مسار الطيران مباشرة.
وتنفجر عند الاصطدام بالهدف على مسافة قد تتجاوز 19 كيلومترا، مما يجعلها بديلا منخفض التكلفة للمدفعية التقليدية في الهجمات القريبة.
ووفق "واشنطن بوست"، انتشرت هذه الطائرات من أوكرانيا إلى ساحات معارك أخرى مثل غرب أفريقيا وسوريا.
وكانت الوسيلة الرئيسية لمواجهة هذا النوع من الطائرات هي أنظمة التشويش الإلكتروني، لكن الطريقة الوحيدة لوقف الطائرات المزودة بألياف بصرية هي إسقاطها.
وتحسن الألياف جودة الصورة وتتيح للمشغلين المناورة عبر تضاريس معقدة دون فقدان الاتصال.
كما يمكن لهذه المسيرات، الطيران على ارتفاع منخفض لمفاجأة القوات المعادية وأداء مناورات أكثر تعقيدًا، رغم أن الانعطافات الحادة قد تعيقها بسبب الكابل.
ويتيح عمر البطارية الأطول لهذه الطائرات الانتظار حتى يظهر هدف، لكن هذه المزايا تأتي بتكلفة، إذ يتجاوز سعر الواحدة منها ضعف سعر الطراز السابق.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODgg جزيرة ام اند امز