روسيا تغير وجه الحرب في أوكرانيا بـ«الهاتف اللعبة»
مع تحقيق روسيا مزيدًا من «الانتصارات» في حرب أوكرانيا، كان هناك سلاح جديد بمثابة كلمة السر في تقدم موسكو على أرض المعركة.
هذا السلاح أشبه بالهاتف اللعبة، الذي غيّر وجه الحرب في ساحة المعركة الأوكرانية، بحسب صحيفة «التلغراف» البريطانية، التي كشفت تفاصيل جديدة عنه.
وتقول «التلغراف»، إن روسيا استخدمت نوعًا جديدًا من الطائرات دون طيار في السماء، بتقنية الألياف الضوئية، التي تعد «فعالة» ضد التشويش.
وأشارت إلى أنه بينما تحلق تلك المسيرات يتبعها شيء غير عادي: كابل من الألياف الضوئية بالكاد يمكن رؤيته بالعين المجردة، فيما يتم ربط الطرف الآخر من الكابل بطيار يستخدم وحدة تحكم عن بعد لتوجيه آلة الرؤية من منظور الشخص الأول نحو هدفها: مركبة مدرعة أوكرانية على جانب الطريق.
وتُعد مثل هذه الطائرات دون طيار التي تعمل بالألياف الضوئية أحدث مثال على الحلول منخفضة التقنية المستخدمة لمكافحة الحرب الإلكترونية عالية التقنية في ساحة المعركة.
وتغطي مئات الأميال من خطوط المواجهة في أوكرانيا دروع غير مرئية، لكنها غير قابلة للاختراق تقريبا، من النبضات الإلكترونية التي تسقط الطائرات دون طيار من السماء.
وفي العام الماضي، قال الجنرال بيير شيل، رئيس أركان الجيش الفرنسي، في مناسبة في باريس، إن 75% من الطائرات دون طيار الروسية والأوكرانية تم تدميرها بسبب التشويش، مما دفع مصنعي الطائرات دون طيار على الجانبين إلى تكتيك بدائي إلى حد ما يشبه الهاتف اللعبة المصنوع من علبتين مرتبطتين ببعضهما البعض بقطعة من الخيط.
وقد لجأ المصنعون إلى ربط بكرات من كابلات الألياف الضوئية بالهيكل السفلي للطائرات دون طيار التي وصفت بأنها «غير قابلة للتشويش»، حتى يتمكن الجنود على الأرض من الحفاظ على قدراتهم على توجيه الضربات بطائرات دون طيار والتي تحدد ساحة المعركة.
وكانت كييف تأمل أن يتحقق هذا الإنجاز من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي القادر على تولي مهمة الطيار البشري لضرب الهدف، لكن القوات المتحاربة اضطرت إلى اتخاذ خطوة أكثر بساطة لإبقاء طائراتها دون طيار في الخدمة وفعّالة.
وقال جاستن كرومب، الرئيس التنفيذي لشركة الاستخبارات الاستراتيجية سيبيلين: «لقد طورت روسيا طائرات دون طيار تعمل بالألياف البصرية لمواجهة مشاكل الحرب الإلكترونية الفعالة».
وأضاف: «يعتقد الناس أن الطائرة دون طيار عبارة عن حبل يسحب بكرة كبيرة من الأسلاك في نهاية الحبل، لكن الكابل خفيف الوزن لدرجة أن الطائرة دون طيار تحمله وتضعه خلفها، مما يعني أنه لا يتعطل أو يعلق أو يوفر مقاومة للسفر».
وأشار إلى أن وجود كابل مادي بين الطائرة دون طيار وطيارها يعني أن أجهزة التشويش في الحرب الإلكترونية غير قادرة على تشويش الترددات الراديوية المعتادة المستخدمة لتوجيهها.
وقال الطيار الأوكراني إيغور يو: «رغم أن هذه التكنولوجيا ليست جديدة، فإنها فعالة للغاية في الحرب الحديثة، خاصة ضد التدابير الإلكترونية المضادة للعدو النشط».
وعلى الرغم من بعض التحديات التشغيلية، فإن هذه الطائرات دون طيار ضرورية لإنجاز المهام المتخصصة بنجاح.
وتبدو العديد من الطائرات دون طيار التي تعمل بالألياف الضوئية مشابهة إلى حد كبير للطائرات دون طيار الأخرى قيد التشغيل - طائرات رباعية المراوح مزودة بمتفجرات مثبتة بين المراوح، إلا أن الفرق الوحيد هو آلية اللف الأسطوانية الموجودة أسفل بطن الطائرة بدون طيار لحمل وتوزيع كابلات الألياف الضوئية.
وأفاد معهد دراسة الحرب في واشنطن يوم الأربعاء، بأن «القوات الروسية تستخدم بشكل متزايد طائرات دون طيار متصلة بكابلات الألياف البصرية في أوكرانيا».
وجاء هذا التقييم بعد أن اشتكى تقرير روسي من أن طائراته دون طيار «تم تثبيتها على الأرض» بواسطة الحرب الإلكترونية الأوكرانية عندما شنت قوات كييف محاولة مفاجئة للتوغل في عمق منطقة كورسك الروسية يوم الأحد.
وكتب صحفي مقرب من الكرملين عن الطوابير المتقدمة من المدرعات الأوكرانية: «طائراتنا دون طيار لا تستطيع أن تفعل أي شيء حيال ذلك».
وبحسب معهد دراسات الحرب، فإن أولى الطائرات دون طيار المزودة بالألياف البصرية تم دمجها في الوحدات الروسية للعمليات القتالية يوم الأربعاء. ومع ذلك، فقد تم اختبارها في ساحة المعركة لفترة أطول بكثير.
وقال محللون إن روسيا من المرجح أن يكون لها اليد العليا في إنتاج واستخدام هذه الطائرات دون طيار القادرة على تجنب أنظمة الحرب الإلكترونية على الخطوط الأمامية.
معركة مضادة
لكنّ المنتجين الأوكرانيين يخوضون معركة مضادة، وبدأوا أيضًا في تصنيع واختبار نماذجهم الخاصة للتغلب على ميزة موسكو في الحرب الإلكترونية، بما في ذلك تقنيات التشويش والقرصنة.
وظهرت لأول مرة أكثر من اثنتي عشرة طائرة دون طيار تعمل بالألياف الضوئية في عرض حديث نظمته وزارة الدفاع في كييف.
وقال يفهيني تكاتشينكو، رئيس الطائرات دون طيار في إدارة الابتكار الدفاعي في أوكرانيا: «تواصل روسيا تعزيز قدراتها في استخدام تقنيات الطائرات دون طيار التي يتم التحكم فيها عبر الألياف البصرية، لذلك من الأهمية بمكان تحييد مزاياها في هذا القطاع».
وتابع: أظهر المصنعون المحليون استعدادهم للتكيف بسرعة مع تحديات الحرب الحديثة وتنفيذ التطورات المتطورة. لكنّ الأمر ليس بهذه البساطة، حيث يمكنك ربط علبتين فارغتين من الفاصوليا المخبوزة معًا.
وفي أثناء العمل، يكون الكابل الموجود على الطائرات دون طيار معرضًا لخطر التعطل في أثناء طريقه إلى هدفه، وعلى الرغم من أنه يعتبر قويًا، فإنه عرضة للتعثر في مراوح الطائرة دون طيار.
أما المسألة الثانية فهي المدى. فكلما كان الكابل أطول، كانت الطائرة دون طيار أثقل وزناً، وبالتالي يتعين تخفيف الحمولة المتفجرة للتعويض عن ذلك.
تحديات
وقال أحد المنتجين الأوكرانيين، لمجلة فوربس إن آلية اللف تزن نحو 300 غرام وثلاثة أميال من الكابل تزن 1.25 كيلوغرام آخر، مما يعني أنه يجب تقليل الحجم الإجمالي للقنبلة بنحو 3 كيلوغرامات.
وسيتعين على مشغلي الطائرات دون طيار أيضًا أن يتعلموا مجموعة كاملة جديدة من المهارات مما طوروه طوال فترة الحرب.
وبحسب «فوربس»، فإن تعليق الكابل لا يعد مثاليًا، لذا فإن عددًا من العوامل الخارجية -بما في ذلك مهارة الطيار وما إذا كانت الطائرة بدون طيار تسافر عبر منطقة غابات كثيفة- يمكن أن تؤثر في احتمالية تعطلها.
وبينما يتحرر الكابل في أثناء تحرك الطائرة دون طيار لتجنب التوتر، فإن أسلاك الألياف الضوئية قد تنكسر بسهولة إذا تشابكت حول العوائق بين الطيار وهدفه النهائي.
وقال كرومب: «كان نظام التحكم هذا نادرًا نسبيًا على مستوى العالم بسبب العيوب المتأصلة فيه، لكن من المرجح أن يحظى باهتمام متزايد من حيث الاستغلال وكيفية مواجهة التهديد الدائم الذي يشكله».
aXA6IDMuMTQ1Ljc4LjIwMyA= جزيرة ام اند امز