لقاء بايدن واجتماع الجيش.. زيلينسكي وبوتين في "حرب الطاولة"
عادة ما تُحدد موازين القوى على الأرض بوصلة الاجتماعات ولكن ماذا لو بعثر طول أمد النزاع عقارب المعادلة ونقل المعركة من الميدان للطاولة؟
هذا ما يحدث تقريبا في شرقي أوروبا، وتحديدا في أوكرانيا حيث تتواصل حرب بدأتها روسيا أواخر فبراير/ شباط الماضي، ولم تضع حتى الساعة أوزارها وسط مد وجذب يراكمان زمن صراع مفتوح.
امتداد زمني أفقد المعارك على الأرض بريقها وقدرتها على استقطاب الاهتمام وتحولت إلى مجرد محرار يحاول العالم عبره قياس موازين القوى واستشراف سيناريو منطقي لحرب تبدو عابرة للتسلسل المنطقي للصراعات.
ووسط أخبار القصف والسيطرة والانسحاب، استحوذت أنباء الاجتماعات على الأضواء بشكل أكبر بالآونة الأخيرة، خصوصا حين تتحول المعارك من الأرض إلى الغرف المغلقة أو المفتوحة، هناك حيث باتت تضبط على ما يبدو جميع مقاربات الحرب.
زيارتان
زيارتان مفاجئتان للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأولى داخلية أجراها الثلاثاء إلى بخموت، المدينة التي تحاول القوات الروسية السيطرة عليها منذ أشهر وتشكّل راهناً النقطة الأكثر سخونة عند خط الجبهة في الشرق.
زيارة بخموت تزامنت تقريبا مع إعلان الكرملين أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "سيعقد اجتماعاً موسّعاً لوزارة الدفاع (...) حيث سيتمّ عرض نتائج أنشطة القوات المسلّحة الروسية في العام 2022 وسيتم تحديد المهمّات للعام المقبل".
أما زيارة زيلينسكي الثانية فخارجية، وتحمله إلى واشنطن، وتعتبر أولى رحلاته الخارجية منذ بداية الحرب، حيث أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيستقبل نظيره الأوكراني، الأربعاء، قبل أن يلقي الأخير كلمة أمام الكونغرس.
واللافت في توقيت الزيارة الخارجية أنها تتزامن مع انعقاد الاجتماع العسكري المهم في موسكو، والذي من المنتظر أن يلتقي فيه بوتين كبار القادة العسكريين، ويشارك فيه نحو 15 ألف مسؤول بالجيش الروسي عبر تقنية الفيديو.
وخلال الاجتماع، "سيتم عرض نتائج أنشطة القوات المسلحة الروسية في 2022 وسيتم تحديد المهمات للعام المقبل"، وفق ما أعلن الكرملين الثلاثاء.
كما أن وزير الدفاع سيرغي شويغو سيشارك خصوصا في هذا الاجتماع بهدف "عرض مدى تقدم العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا وعملية تزويد القوات المقاتلة شحنات الاسلحة.
ومما يزيد من أهمية الاجتماع هو أنه يأتي بعدما عدل بوتين عن عقد مؤتمره الصحفي التقليدي في نهاية العام، وهو الذي واظب على ذلك منذ عام سنوات طويلة.
استفزاز؟
في زيارته إلى بخموت التي وصفها بأنها "حصن" الجبهة في أوكرانيا، رأى مراقبون أن زيلينسكي يوجه رسائل استفزاز واضحة لموسكو التي تحاول منذ أشهر السيطرة على المدينة.
استفزاز يستبق الاجتماع العسكري الروسي المهم الذي سيرسم أهداف الجيش لعام 2023 ومعها سيرسم سيناريوهات الحرب في أوكرانيا، ولذلك حرص زيلينسكي على أن تكون له فيه رسائله الخاصة.
أما الرسالة الأبرز فأرادها أن تكون من وراء الحدود، وتحديدا من الولايات المتحدة، وفيها جانب يخص واشنطن ويشمل امتنان كييف لدعمها ووقوفها إلى جانبها.
لكن الجانب الأكبر سيكون موجها لموسكو، غير أنه سيكون بروح مختلفة تماما، خصوصا أن الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار قالت إن بايدن سيعلن مساعدة "كبيرة" جديدة لأوكرانيا.
ومع أن المتحدثة الرئاسية لم تقدم في بيانها تفاصيل أكثر حول طبيعة المساعدة "الكبيرة"، إلا أن مسؤولا أمريكيا رفيعا أكد أنها تشمل نظام باتريوت للدفاعات الجوية المتطورة.
ساعات قصيرة
في الأول من سبتمبر/ أيلول 2021، استقبل بايدن زيلينسكي في المكتب البيضوي ووعده بدعمه في مواجهة روسيا.
واليوم الأربعاء سيلتقي الرجلان في المكان نفسه لكن في اجتماع يأخذ بعدا تاريخيا مختلفا كونه أول لقاء حضوري منذ الحرب.
وخلال هذه الزيارة التي لن تستغرق سوى "ساعات قصيرة"، سيعقد الرئيس الأوكراني أولا اجتماعا مع بايدن وأجهزته في البيت الأبيض، قبل عقد مؤتمر صحفي كما أوضح مسؤول أمريكي كبير خلال لقاء مع الصحفيين.
وبحسب المصدر الذي تحدث لوكالة فرانس برس وطلب عدم الكشف عن هويته، فان بايدن سيكشف في هذه المناسبة عن حزمة جديدة من المساعدة "بقيمة ملياري دولار" لأوكرانيا تشمل نظام صواريخ أرض-جو باتريوت.
لكن المؤكد هو أن إعلانا مماثلا ستكون له ردة فعل فورية من موسكو، وقد يكون هذا ما يريده زيلينسكي الذي يناور حاليا بخطوات استفزازية يرنو من ورائها إلى التأكيد لحلفائه بأن دفة الموازين لم تفلت بعد من يديه.