حرب أوكرانيا.. تقدم روسي يغير ميزان القوى وبنك أهداف قبل الشتاء
بالتزامن مع دخول الحرب الأوكرانية عتبة الشتاء الثالث، تسعى روسيا لتحقيق أهداف «طموحة»، مستغلة «إجهاد» كييف التي خرجت لتوها من أحد شهور المعركة «الأكثر صعوبة».
فبحسب مجلة «نيوزويك» الأمريكية، فإن روسيا ستحاول «استغلال الشقوق» في عمليات كييف في منطقة دونيتسك مع توجه الحرب إلى شتاء ثالث.
وبعد أيام من تصوير قوات فلاديمير بوتين وهي ترفع أعلامها فوق مبنى بلدي في سيليدوف، قالت وزارة الدفاع في موسكو يوم الثلاثاء إن قواتها سيطرت على منطقة التجمع المهمة لدفاعات أوكرانيا.
وسيليدوف هي أكبر مدينة تسيطر عليها روسيا منذ سقوط أفدييفكا وتقع على بعد حوالي 11 ميلاً جنوب شرق المركز اللوجستي في بوكروفسك، وهي مفتاح تحقيق الأهداف الروسية، المتمثلة في السيطرة على منطقة دونيتسك بأكملها ومنطقة دونباس الأوسع.
نقاط انطلاق
وقال إميل كاستيهلمي، الخبير في الاستخبارات مفتوحة المصدر في مجموعة بلاك بيرد التي يقع مقرها في فنلندا، إن روسيا تشن هجوماً في شرق وجنوب دونيتسك على جبهة يبلغ عرضها 30-40 ميلاً - من سيليدوف إلى القرى الواقعة شرق فيليكا نوفوسيلكا.
وأوضح كاستهيلمي في تصريحات لمجلة «نيوزويك»، أن «النشاط الروسي زاد في هذه المناطق، وتمكنت كييف من التقدم بسرعة في قرى وحقول مختلفة. إنه تطور مثير للقلق بالنسبة لأوكرانيا، حيث لم يتم ملاحظة مثل هذه التحركات السريعة عادة»، مشيرًا إلى أن «التقدم الحالي في سيليدوف يمكن اعتباره بمثابة تحضير لخلق مواقع أفضل للهجوم على بوكروفسك».
وبعد السيطرة على سيليدوف، ستحاول القوات الروسية إجبار الأوكرانيين على الانسحاب من كوراخوفكا، يقول الخبير كاستيهلمي، مشيرًا إلى أنه إذا تمكنت موسكو من ذلك، فسيوفر لها ذلك نقاط انطلاق جيدة لمزيد من العمليات.
وتابع: «على المستوى العملياتي، من المرجح أنهم يحاولون دفع أوكرانيا إلى الخروج من جنوب دونيتسك، وفي الوقت نفسه، هناك طموحات محتملة لتطويق كوراخوف، وهي مدينة محصنة بشدة».
شهر «صعب»
وبحسب المجلة الأمريكية، فإن أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان شهرًا صعبًا بالنسبة لأوكرانيا، حيث حققت القوات الروسية مكاسب جنوب كوبيانسك، متوغلة حتى نهر أوسكيل. وفي يوم الثلاثاء، تقدمت جنوب شرق كوبيانسك وغرب سفاتوف.
كما عبرت القوات الروسية قناة سيفرسكي دونيتس-دونباس، ووصلت إلى مشارف تشاسيف يار، قبل شن هجوم محتمل على المدينة. كما اخترقت قوات موسكو الدفاعات الأوكرانية بالقرب من توريتسك.
وفي الاتجاه الجنوبي، لاحظ كاستيهلمي كيف تقدمت القوات الروسية أكثر من ستة أميال في غضون أيام قليلة، لتسيطر الآن على معظم شختارسكه ونوفوكرينكا على الأقل، ومن المرجح أن يكون لديها سيطرة كاملة على بوهويافلينكا.
وتقول «نيوزويك»، إن هذا التقدم والقدرات الجوية قد يكون لها «عواقب وخيمة» على أوكرانيا، التي لن تكون قادرة على جلب معداتها إلى مسافة قريبة من الجبهة، على الأقل من دون خسائر كبيرة في القوات.
وبحسب كاستهيلمي، فإن الهجوم الجنوبي سيستمر في إحراز تقدم عبر الحقول غير المحصنة، وكذلك نحو أندرييفكا، مما سيجبر القوات الأوكرانية على الخروج من منطقة كوراخوف المحصنة بشدة، متوقعًا أن تفقد كييف كوراخوف قبل نهاية العام.
ورغم ذلك، قال معهد دراسة الحرب يوم الثلاثاء إن التقدم الروسي الذي بلغ نحو 14 كيلومترا مربعا (5 أميال مربعة) يوميا ظل بطيئا و«متسقا مع الحرب الموضعية وليس مع المناورة الميكانيكية السريعة».
ميزان القوى
وقالت مؤسسة واشنطن البحثية إنه على الرغم من أن الاستيلاء على فوهليدار والمنطقة المحيطة بسيليدوف كان «مهمًا من الناحية التكتيكية»، إلا أنه لا يشير إلى زيادة في وتيرة التقدم الروسي عبر الخطوط الأمامية، «والتي لا يزال الكثير منها متوقفا نسبيًا».
وكان معهد دراسات الحرب قد أشار في وقت سابق إلى أن القوات الروسية ربما تكثف هجماتها الآلية قبل أن تصبح الأرض موحلة في أشهر الخريف.
وقال فوك فوكسانوفيتش، وهو زميل في مركز أبحاث LSE IDEAS التابع لمدرسة لندن للاقتصاد، لمجلة نيوزويك: «إن سقوط سيليدوف يظهر أن ميزان القوى قد تحول لصالح روسيا».
وأشار إلى أن حقيقة عدم تدمير سيليدوف كما حدث مع باخموت يرجع إلى سببين: الأول أن الروس يريدون استخدام هذه المدينة لمزيد من العمليات، والأهم من ذلك، أنه لم يكن هناك عدد كاف من القوات الأوكرانية.
وأكد أن الهدف المنطقي التالي هو مدينة بوكروفسك الاستراتيجية؛ فالروس لديهم نية استكمال سيطرتهم على منطقة دونيتسك لأن الجزء الأكبر من المكاسب الإقليمية التي حققتها موسكو مؤخراً تقع في دونيتسك.
وتستمر أوكرانيا في الضغط من أجل الحصول على إذن باستخدام الأسلحة التي زودتها بها الغرب لشن هجوم في عمق الأراضي الروسية، وتأمل كييف أيضا أن يساعد تغيير قوانين التعبئة في البلاد في أبريل/نيسان في تجديد أعداد القوات بسرعة.
وقال كاستيهلمي: «على الرغم من المساعدات وعمليات التعبئة الأخيرة، لا تزال أوكرانيا تكافح من أجل تثبيت استقرار الجبهة وبناء قدرات جديدة. ومن المرجح أن الروس يريدون استغلال الشقوق في الخطوط الأوكرانية، وهذا ما نراه الآن».
aXA6IDE4LjExOC4xNjMuMTEwIA== جزيرة ام اند امز