أكتوبر الأعنف.. خسارة أراضٍ ومُسيرات بالمئات تبعثر أوراق أوكرانيا
أكتوبر/تشرين الأول شهرٌ تكثفت فيه أحداث في أوكرانيا ضمن مساحة زمنية لم تتجاوز فيزيائيا الـ31 يوما، لكن كثافة نيرانه هي ما جعلته الأعنف.
فما بين زحف روسي في الشرق، وأسراب مُسيرة بالمئات، وجدت كييف نفسها أمام معادلة ميدانية صعبة.
أسراب المسيرات
اليوم الجمعة أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية أن روسيا أطلقت أكثر من 2000 طائرة هجومية مسيرة على أهداف مدنية وعسكرية في أنحاء البلاد، الشهر الماضي.
ووفق مسؤولين من أوكرانيا شنت موسكو ضربات جوية منتظمة على المدن والبلدات الأوكرانية، وأن العاصمة كييف تعرضت للهجوم 20 مرة في أكتوبر/تشرين الأول وحده.
ومن أصل 2023 طائرة مسيرة أُطلقت الشهر الماضي اعترضت القوات الأوكرانية 1185، حسب بيان صادر عن هيئة الأركان العامة، مع عدم الاستدلال على موقع 738 طائرة أخرى.
وبعيدا عن شهر أكتوبر/تشرين الأول أطلقت روسيا منذ بداية العام الجاري -بحسب البيان- 6987 طائرة هجومية مسيرة على أراضي أوكرانيا.
ولفت البيان إلى أن أغلب الهجمات استهدفت البنية التحتية المدنية والحيوية.
وفي وقت لاحق اليوم أعلنت أوكرانيا تدمير 31 طائرة مسيرة وصاروخ واحد، في منطقتين على الأقل ومحطة إطفاء في منطقة أوديسا بجنوب البلاد.
ومرارا، نفت روسيا استهداف المدنيين، وتقول إن منشآت الطاقة هي أهداف مشروعة حين تكون جزءا من البنية التحتية العسكرية الأوكرانية.
يأتي ذلك، في وقت تستعد فيه أوكرانيا لثالث شتاء في الحرب تشهد فيه البلاد انقطاعا للكهرباء.
تقدم روسي
في هذه الأثناء، أطلق أكتوبر/تشرين الأول العنوان لروسيا في شرق أوكرانيا، حيث سيطرت على عدد من المدن هناك.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزارة الدفاع الروسية، سيطرة قواتها على ثلاث مناطق في شرق أوكرانيا، وهي ليونيديفكا ونوفوكرينكا وشاختارسكه.
وقبل يومين، أعلنت روسيا سيطرتها على بلدة كروغلياكيفكا في منطقة خاركيف شمال شرق أوكرانيا، حيث تكثّف ضغوطها على القوات الأوكرانية.
والشهر الماضي سيطرت أيضا على بلدة سيليدوفي, ما يمثل تقدما ملحوظا باتجاه مدينة بوكروفسك، وهي مركز لوجستي مهم في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.
وتحرز روسيا تقدما متواصلا على الجبهة منذ نحو عام بوجه القوات الأوكرانية الأقل تجهيزا وعددا.
ومنذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري سيطر الجيش الروسي على مساحة 478 كيلومترا مربعا في أوكرانيا، ما يشكل أكبر تقدم له خلال شهر منذ مارس/آذار 2022 والأسابيع الأولى من الحرب، وفق بيانات المعهد الأمريكي لدراسة الحرب.
وتمثل السيطرة على شرق أوكرانيا "أولوية" بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ اندلاع الحرب.
وحاولت أوكرانيا المناورة بشنها هجوما في أغسطس/آب على منطقة كورسك الروسية الحدودية التي احتلت قسما منها.
إرهاق واستعداد للتفاوض
وعلى الصعيد الداخلي يعاني الأوكرانيون إرهاقا متزايدا جراء الحرب، وتشير استطلاعات الرأي إلى تزايد تدريجي في أعداد المؤيدين لفكرة التفاوض مع روسيا، ومع ذلك لا يدل هذا على استعدادهم لتقديم تنازلات.
ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة المبادرات الديمقراطية، وهي مؤسسة بحثية مقرها كييف، فإن أقل من شخص واحد من كل عشرة أوكرانيين يقبل بالتخلي عن أراضٍ لموسكو لإنهاء النزاع.
وأمس، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن روسيا وأوكرانيا تناقشان وقف الضربات على مواقع البنية التحتية للطاقة في بلديهما.
وفي تقرير لها طالعته "العين الإخبارية" نقلت الصحيفة عن مسؤولين أوكرانيين كبار أن كييف "كانت تسعى إلى استئناف المفاوضات التي اقتربت من الاتفاق في أغسطس/آب قبل أن تخرج عن مسارها بسبب التوغل في كورسك".
وقال دبلوماسي مطلع على المفاوضات "هناك الآن محادثات بشأن مرافق الطاقة".
وسيمثل الاتفاق حال حدوثه -حسب الصحيفة- أكبر خفض للتصعيد في الحرب منذ اندلاع الحرب في فبراير/شباط عام 2022.
ووفق مسؤول أوكراني كبير فإن موسكو وكييف قللتا بالفعل من وتيرة الهجمات على البنية التحتية للطاقة لدى كل منهما في الأسابيع الأخيرة كجزء من التفاهم الذي توصلت إليه وكالات الاستخبارات.
وتعتمد أوكرانيا الآن بشكل كبير على منشآتها للطاقة النووية وواردات الطاقة من الشركاء الأوروبيين.
هل سيوافق بوتين؟
لكن "فايننشال تايمز" نقلت عن مسؤول كبير سابق في الكرملين مطلع على المحادثات، استبعاده موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على صفقة حتى يتم طرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك، حيث لا تزال تسيطر على نحو 600 كيلومتر مربع من الأراضي.
وقال المسؤول نفسه الذي لم تذكر الصحيفة اسمه "طالما أن (الأوكرانيين) يدوسون الأرض في كورسك، فإن بوتين سيضرب البنية التحتية للطاقة لزيلينسكي".
ومع ذلك تخطط أوكرانيا لمواصلة ضرب الأهداف، بما في ذلك مصافي النفط، للضغط على روسيا للدخول في المحادثات، بحسب المسؤول الأوكراني الكبير.
وأضاف الأخير أنه بخلاف قدرات كييف الهجومية بعيدة المدى، التي سمحت لها بضرب أهداف الطاقة والمرافق العسكرية داخل روسيا "ليس لدينا الكثير من النفوذ (لإجبار الروس) على التفاوض".
aXA6IDMuMTcuNzUuMTM4IA== جزيرة ام اند امز