بايدن والخام الروسي.. هل يدمر الحظر ما رمّمته الحرب؟
حظر يعتزم الرئيس الأمريكي إعلانه على واردات النفط الروسي في قرار يهدد مساعيه لترميم شعبيته والاستفادة من موقف واشنطن من حرب أوكرانيا.
قرار قالت وسائل إعلام أمريكية إنه يأتي ردا على "الغزو الروسي" لأوكرانيا، وإن جو بايدن سيعلنه خلال خطاب يلقيه في وقت لاحق الثلاثاء، في إطار "خطوات تهدف إلى محاسبة روسيا على حربها غير المبررة" ضد كييف، وفق البيت الأبيض.
ولئن اكتسبت الدعوات المطالبة بحظر استيراد النفط الروسي زخما بالأيام القليلة الماضية في واشنطن تنديدا بـ"العملية العسكرية" التي تقول موسكو إنها تنفذها منذ نحو أسبوعين شرقي أوكرانيا، إلا أن قرار الحظر قد يقلب المعادلة بالنسبة لبايدن.
فالمؤكد وفق خبراء أن الصراع الدائر شرقي أوروبا بين موسكو وكييف منح الرئيس الأمريكي فرصة لتعزيز شعبيته، خصوصا عقب بدء الهجوم؛ الخطوة التي اعتبرها أمريكيون فشلا من قبل بايدن في ردع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكنه في حال تمكن من قيادة المعسكر الغربي وإبقائه موحدا تحت قيادة واشنطن، فقد يجعله قائدا قويا بعيون مواطنيه ويمنحه نقاطا سياسية.
موقف واشنطن المناهض للحرب الروسية في أوكرانيا رفع "أسهم" بايدن في الأزمة الجارية، لكن فرض حظر على الخام الروسي قد ينزل بها لأدنى مستوياتها، لأن قرارا مماثلا سيقود آليا إلى تفاقم التضخم وارتفاع أسعار المحروقات بالولايات المتحدة الأمريكية.
حيثيات من شأنها أن تنقل السخط الشعبي الأمريكي من بوتين إلى بايدن، ويبدو أن هذه المقاربة الصعبة هي ما جعل الإدارة الأمريكية تعارض في البداية حظرا أمريكيا على النفط الروسي، قبل أن يتراجع البيت البيض ليعلن أنه يخوض نقاشات مع الحلفاء بهذا الشأن وبموازاة العمل على ضمان إمدادات نفطية ملائمة".
والأسبوع الماضي، قدم مشرعون أمريكيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع "قانون واردات الطاقة الروسية"، يقضي بإعلان حالة طوارئ وطنية جراء الحرب وحظر جميع واردات الولايات المتحدة من الطاقة الروسية.
تداعيات
رغم المخاوف، يرى مراقبون أن قرار الحظر الأمريكي المرتقب قد لا يكون له تأثير مأساوي على سوق النفط الأمريكية، وإن تظل الارتدادات الجانبية واردة، ذلك أن حصة موسكو لا تتجاوز 10 بالمائة من واردات الولايات المتحدة من منتجات النفط والبترول.
حصة ضئيلة نسبيا من سوق الطاقة الأمريكية، وفق وكالة "فرانس برس"، تعني أن قرار الحظر قد لا يكون صعبا أي أنه قابل للتحقيق، لكن الإشكال يشمل بالأساس التداعيات على أسعار النفط.
وحتى من دون حظر، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 30 بالمائة على وقع الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث بلغ متوسط أسعار البنزين بالولايات المتحدة، أمس الإثنين، 4,07 دولار للغالون، أي بزيادة بمقدار 0,62 دولار مقارنة بالشهر الماضي، وأعلى بنسبة 47 بالمئة عن معدل العام الماضي.
أما اليوم، فقالت جمعية السيارات الأمريكية إن أسعار التجزئة للبنزين في الولايات المتحدة وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزة 4.17 دولار للغالون.
وبحسب ما نشرت الجمعية على موقعها عبر الإنترنت، فإن متوسط السعر الوطني للبنزين العادي الخالي من الرصاص بلغ 4.173 دولار للغالون، ما يعادل 3.785 لتر، وهو أعلى سعر مسجل.
ميزان الحرب
انتعاشة نسبية سجلتها شعبية بايدن في عيون الأمريكيين عقب اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، في أرقام حاولت ترميم ما أظهره استطلاع رأي أجرته شبكة "إن بي سي" الإخبارية، نهاية فبراير/ شباط الماضي.
وجاء بالاستطلاع أن 22 بالمئة فقط من الأمريكيين يعتبرون أن واشنطن تسير بشكل عام في الاتجاه الصحيح تحت حكم بايدن، في حين رأى 72 بالمئة أنها تسير في الاتجاه الخاطئ.
آراء عززها استطلاع أجرته صحيفة "واشنطن بوست" بالفترة نفسها، وأظهر أن 33 بالمئة فقط من الأمريكيين يؤيدون طريقة إدارة بايدن لأزمة أوكرانيا.
معطيات تضاف إلى معدلات التضخم القياسية التي تشهدها الولايات المتحدة، وفّرت في حينه أرضية خصبة خصوصا للجمهوريين ممن حاولوا اللعب على "خسائر" السياسة الخارجية لبايدن وتداعياتها الداخلية، لدفع الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس نحو أرضية مهتزة قبل أشهر قليلة فقط من انتخابات التجديد النصفي المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
هل تنضم أوروبا؟
مع أن الاقتصاد الأوروبي يعتمد بشكل أكبر على موارد الطاقة الروسية، إلا أن توسّع الحظر ليشمل القارة العجوز سيكون أكثر إيلاما.
ففي تصريحات أدلى بها قبل يومين، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن "نقاشات نشطة" تجري مع دول أوروبية بشأن حظر واردات النفط الروسي.
لكن القارة التي تعول على موسكو في نسبة هامة من إمداداتها للطاقة، قد لا تبدو مستعدة لقرار مماثل، حيث قلل مسؤولون أوروبيون من أهمية الفكرة على الأقل في السياق الراهن.
وهذا ما أكده المستشار الألماني أولاف شولتز الذي قال في بيان إن "أوروبا تعمدت استثناء إمدادات الطاقة الروسية من العقوبات"، معتبرا أنه لا يمكن الحصول على بديل في الوقت الحالي خصوصا أنه "لا يمكن ضمان إمدادات الطاقة الأوروبية لإنتاج الحرارة والتنقل والكهرباء والصناعة بأي طريقة أخرى".
aXA6IDMuMjEuNDYuMjQg
جزيرة ام اند امز