تفجير سد كاخوفكا... "فجوة" بمسار حرب؟
فجوة في سد أوكراني رئيسي تضبط عقارب الحرب عند ساعة حاسمة يعتقد مراقبون أنها ستكون منعطفا بمسار النزاع.
هجوم يستهدف سد كاخوفكا الواقع تحت سيطرة روسيا جنوبي أوكرانيا، يخلط أوراق الحرب ويرفع منسوب الضبابية في توقيت بالغ التعقيد لكييف وموسكو أيضا.
من يقف وراء أزمة السد؟
فجوة "حررت" مياه السد ودفعتها غاضبة لتغمر مدينة صغيرة و24 قرية وأدت إلى إجلاء 17 ألف شخص، وفق بيانات أوكرانية.
وكما كان متوقعا، تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بإحداث الفجوة بالسد، في خطوة رأت فيها أوكرانيا محاولة روسية لعرقلة هجومها المضاد المنتظر.
فيما قالت المخابرات الأمريكية إن روسيا تقف وراء الهجوم على سد نوفا كاخوفكا الأوكراني.
فيما لم يستبعد متابعون أن تكون كييف وراء الاستهداف، معتبرين أنه من غير المنطقي أن تستهدف روسيا سدا ضمن مناطق سيطرتها.
وسارع أهالي خيرسون التي تعد أكبر مركز سكاني في المنطقة، للتوجه إلى المرتفعات، بينما ارتفع منسوب المياه التي كانت تحت السيطرة بفضل السد ومحطة للطاقة الكهرومائية في نهر دنيبرو.
وأفاد المدعي العام الأوكراني أندريي كوستين "أكثر من 40 ألف شخص معرضون لخطر التواجد في مناطق غمرتها الفيضانات"، مضيفا أنه يتعيّن إجلاء أكثر من 25 ألف مدني في الضفة الخاضعة للسيطرة الروسية لنهر دنيبرو.
غطاء حرب؟
بالعودة على تصريحات روسية، أكدت بدء الهجوم الذي لطالما توعدت به كييف، قد يتحول الهجوم على السد إلى مناورة أوكرانية لتشتيت الانتباه أولا، وثانيا اللعب على وتر تأجيج العداء ضد موسكو بالمناطق الخاضعة لسيطرة الأخيرة.
فالمؤكد أن حادثة مماثلة قادرة على رفع منسوب العداء تجاه الروس، وهذا ما يحتاجه الأوكرانيون خلال فترة من الواضح أنهم يخوضون فيها هجوما مضادا يحاولون عبره الإيفاء بوعد يهدده تناوب الفصول.
طرح قد يجد تبريره في حرص السلطات في كييف على عدم الإفصاح عن أي معلومة متعلقة بهجوم تأمل أن يقلب موازين الأرض لصالحها ويحسن شروطها في حال المضي نحو طاولة المفاوضات.
وفي وقت سابق الثلاثاء، قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إن النظام الأوكراني يشن الهجوم الذي طالما وعد به على مختلف قطاعات الجبهة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وكشف شويغو عن "مقتل العشرات من الجنود الروس، خلال التصدي لهجوم أوكراني، حيث قتل 71 جنديا وأصيب 210 بجروح".
وبحسب وزير الدفاع، فقد حاولت القوات المسلحة الأوكرانية بدءا من السبت الماضي التقدم على خمسة محاور بمساعدة لواءين، إلا أنها لم تنجح، وخسرت 300 جندي.
"رد فعل" دولي
من الجانب الأوكراني، لم يكن مستغربا أن تنقض كييف على الهجوم وتحاول الاستفادة منه بأكبر قد ممكن، حيث اتهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي روسيا بتفجير السد، مطالبا بـ"رد فعل" دولي.
وقال زيلينسكي لمبعوث البابا فرنسيس للسلام الكاردينال الإيطالي ماتيو زوبي الذي يزور كييف، إن "هذه الجريمة تحمل تهديدات هائلة وستكون لها عواقب وخيمة على حياة الناس والبيئة"، وفق ما نقلت عنه الرئاسة الأوكرانية.
كما شدد الرئيس الأوكراني على أن وقف إطلاق النار وتجميد النزاع لن يفضي إلى السلام"، في إشارة واضحة إلى أن كييف تريد نهاية للصراع على مقاييسها.
تكتيك أكده زيلينسكي بالقول للكاردينال إن الطريقة الوحيدة "لجلب السلام إلى أوكرانيا" هي عبر فرض "عزلة وضغوط" على روسيا.
كما دعت أوكرانيا إلى انعقاد مجلس الأمن الدولي وحذرت من "إبادة بيئية" محتملة اثر تسرّب 150 طنا من زيت المحركات إلى النهر.
وبالفعل، حصد الهجوم انتقادات واستنكارا واسعا من الغرب، في ردود فعل تمضي بنفس تيار كييف، وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالقول إن التدمير الجزئي لسد كاخوفكا في أوكرانيا "أحد التداعيات الأخرى المدمرة" لحرب روسيا.
وقال غوتيريش للصحفيين في نيويورك إن "مأساة اليوم مثال آخر على التكلفة المخيفة للحرب على الناس"، مضيفا أن "سيل المعاناة يتواصل منذ أكثر من عام. يجب أن يتوقف ذلك".
سلاح الخوف
لا شيء يرفع وتيرة العداء الشعبي ضد طرف معين أكثر من إثارة الرعب، وهذا ما يحصل على ما يبدو بالجزء الخاضع لموسكو على ضفة نهر دنيبرو.
ومع أن موسكو شددت على أن السد تضرر جزئيا بفعل "عدة ضربات" نفّذتها القوات الأوكرانية، إلا أن كييف تحاول التسويق للحادثة بالاتجاه المعاكس.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الهجوم "عمل تخريبي متعمد بشكل لا لبس فيه من الجانب الأوكراني"، في رواية منطقية وفق مراقبين يرون أنه من غير المنطقي أن تستهدف موسكو سدا ضمن مناطق سيطرتها.
ويقع السد على نهر دنيبرو الذي يوفر المياه لتبريد محطة زابوريجيا النووية الخاضعة للقوات الروسية وتعد الأكبر في أوروبا.
وتأسس السد في خمسينيات القرن الماضي ويملك قيمة استراتيجية إذ يضخ المياه إلى قناة شمال القرم، تبدأ من جنوب أوكرانيا وتعبر شبه جزيرة القرم بأكملها، ما يعني أن أي مشكلة تطرأ على السد يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في إمدادات المياه بالنسبة للقرم التي ضمتها روسيا منذ 2014.
aXA6IDE4LjIxNi4xMDQuMTA2IA== جزيرة ام اند امز