من أمريكا إلى كندا.. هل يتخطى زيلينسكي "ألغام" الحرب؟
من نيويورك إلى واشنطن وصولا لكندا، جولة مضنية يخوضها الرئيس الأوكراني أملا في ضمان استمرار الحصول على مساعدات غربية في حربه ضد روسيا.
فمن أزمة الحبوب إلى التوتر مع وارسو وانتقاد استراتيجيته العسكرية، تتراكم الصعوبات بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يواصل جولته في أمريكا الشمالية بزيارة، الجمعة، إلى كندا التي تضمّ جالية كبيرة من الأوكرانيين والتي تدعم كييف منذ بداية الحرب.
ووصل زيلينسكي إلى العاصمة أوتاوا، في وقت متأخر من مساء الخميس، قادماً من الولايات المتحدة، وكان في استقباله رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي أكد له "دعم كندا الثابت" في نزاعه مع روسيا.
ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي الذي يرافقه وزير دفاعه رستم أوميروف، الحاكمة العامة لكندا ماري سايمون، كما سيلقي كلمة أمام البرلمان الكندي.
وبعد ذلك، سيتوجه برفقة ترودو إلى مدينة تورنتو حيث سيلتقيان رؤساء شركات وعناصر من الجالية الأوكرانية في كندا.
وكندا هي آخر دولة من مجموعة السبع يزورها زيلينسكي، وتضم ثاني أكبر جالية أوكرانية في العالم بعد روسيا، يصل عددها إلى حوالى 1,4 مليون شخص من أصول أوكرانية.
وهذه أول زيارة رسمية للرئيس الأوكراني إلى كندا منذ بداية الحرب، غير أنه سبق أن خاطب قبل أشهر البرلمانيين الكنديين عبر الفيديو.
وقال ترودو في بيان الخميس إنّ "الشعب الأوكراني رأس الحربة الذي يحدّد، في هذه اللحظة، مستقبل القرن الحادي والعشرين".
وأكد أنّ كندا ستبقى إلى جانب أوكرانيا "طالما كان ذلك ضرورياً"، موضحاً أنّ بلاده ستواصل تقديم "دعم لا يتزعزع للشعب الأوكراني الذي يناضل من أجل سيادته وديمقراطيته".
ومنذ بدء الحرب، تعهّدت كندا بتقديم أكثر من 8,9 مليارات دولار لدعم أوكرانيا من خلال مجموعة واسعة من التدابير، بما في ذلك 4,95 مليار دولار من الدعم المالي المباشر وأكثر من 1,8 مليار دولار من المساعدات العسكرية.
كذلك، قامت أوتاوا بتدريب أكثر من 36 ألف جندي أوكراني وقدمت مساعدات عسكرية تشمل ثماني دبابات قتالية من طراز "ليوبارد 2"، ومركبة إنقاذ مدرّعة، و39 مركبة مدرّعة، وأسلحة مضادة للدبابات، وطائرات بدون طيار، ومعدّات اتصالات عبر الأقمار الصناعية.
"لحظة حاسمة"
ألكسندرا تشيكزيج، رئيسة منتدى الأوكرانيين الكنديين، قالت في بيان "تأتي هذه الزيارة في وقت حاسم حيث يدافع الجنود الأوكرانيون بشجاعة عن بلادهم وحريتهم في أوروبا".
وأضافت أنّ "أوكرانيا ستنتصر، لكنها تحتاج إلى مساعدتنا"، مؤكدة أنّ "هذه فرصة تاريخية لكندا لدعم انتصار كييف".
وخلال تواجده في واشنطن، شكر زيلينسكي، الرئيس الأمريكي جو بايدن على المساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة ودعا إلى استمرار هذا الدعم بعد عام ونصف من الصراع.
من جانبه، أعلن بايدن بالتفصيل، الخميس، عن مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 325 مليون دولار، غير أنها لا تضم الصواريخ التكتيكية طويلة المدى التي تصرّ كييف عليها.
كذلك أكد بايدن أنّ أوكرانيا ستتسلم "الأسبوع المقبل" دبابات أبرامز.
وكان رئيس الوزراء الكندي زار أوكرانيا في يونيو/ حزيران الماضي، وأعلن بشكل خاص أن أوتاوا ستشارك في الجهود المتعددة الأطراف لتدريب الطيارين المقاتلين الأوكرانيين.
جبهة دبلوماسية
بعد مرور أكثر من 18 شهرا على بدء الحرب، يخشى زيلينسكي أن يكون الرأي العام في أوروبا والولايات المتحدة قد سئم هذا النزاع.
وفي الكونغرس الأمريكي، حظي الرئيس الأوكراني باستقبال أكثر هدوءا بكثير من استقبال "الأبطال" الذي لقيه العام الماضي، لكنه حصل أيضا على دفعات إيجابية بشكل عام بشأن الجولة التالية من المساعدات الأمريكية التي يقول إنه يحتاج إليها لتفادي الهزيمة.
وجاء زيلينسكي، الذي كان يرتدي ملابس زيتونية طويلة الأكمام، إلى مبنى الكابيتول برسالة حازمة في محادثات خاصة مع القادة الجمهوريين والديمقراطيين.
ونقل المشرعون عن الأوكرانيين تأكيده لهم أن كييف لديها خطة حرب قوية، وأنهم "ينتصرون"، في وقت يراقب فيه العالم الدعم الغربي لكييف. بحسب ما ذكرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
أما في البيت الأبيض، فاستقبله نظيره الأمريكي جو بايدن على السجادة الحمراء في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، وأقام له مراسم أكثر مما يستقبله عادة زعماء العالم.
جس نبض يحاول زيلينسكي تحسسه من خلال جولته، وهو المحاصر بعوامل عديدة يخشى أن تفرط عقد الحلفاء من حوله.
فالهجوم الأوكراني المضاد يصطدم بخطوط الدفاع الروسية المحصنة، والأمل في تحقيق خرق سريع لا ينسجم مع التحليل ولا مع الوقائع. ولذلك فإن الدعم الغربي يجب أن يستمر.
كما أن التوترات تتفاقم مع وارسو التي تمر عبرها المساعدات العسكرية الغربية، حيث استدعت بولندا قبل يومين السفير الأوكراني "بشكل عاجل" للاحتجاج على تصريحات الرئيس زيلينسكي في الأمم المتحدة بعد إعلانه أن "بعض الدول تظهر تضامنا من خلال دعم روسيا بشكل غير مباشر".