"لفيف" الأوكرانية.. مدينة تاريخية تحولت لملاذ آمن للملايين
لا تزال مدينة لفيف كبرى مدن الغرب الأوكراني متماسكة في وقت تتعرض فيه مناطق عدة لضربات جوية روسية؛ حيث نجت المدينة من أسوأ أعمال العنف.
وأعلن مسؤولون أوكرانيون سقوط 7 قتلى، الإثنين، ليعيدوا للأذهان هجوما سابقا في مارس/آذار الماضي وأوقع أول قتلى بالمدينة.
حينها ضرب صاروخان روسيا لفيف، قبل أن تدوي صافرات الإنذار؛ وذلك جزئيًا لأن الرئيس الأمريكي جو بايدن حينها كان على بعد حوالي 250 ميلا خلال زيارته إلى بولندا، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وفي أول شهرين للحرب الروسية الأوكرانية، تحولت مدينة لفيف الآمنة نسبيا الواقعة قرب الحدود البولندية إلى مركز للدبلوماسيين ووكالات المساعدات الدولية.
ثم أصبحت ملاذا لعدة ملايين من الأوكرانيين النازحين من منازلهم ونقطة عبور للعديد لحوالي 4.5 مليون أوكراني، معظمهم من النساء والأطفال، الذين أصبحوا لاجئين بسبب الحرب.
وقال عمدة لفيف، أندريه سادوفي، إن الغارات الجوية يوم 26 مارس/آذار كانت بمثابة محاولة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين "للترحيب" ببايدن.
ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، تبرز مدينة لفيف على خريطة المعارك عبر مجموعة من المعلومات التاريخية والحالية فما هي؟
أهمية تاريخية
كانت لفيف، التي تبعد اليوم حوالي 40 ميلا عن الحدود البولندية، مركز القومية والثقافة الأوكرانية.
"كييف هي قلب أوكرانيا ولفيف هي الروح"، هكذا قال عمدة لفيف أندريه سادوفي لـ"واشنطن بوست" عن المدينة في منتصف فبراير/شباط.
تأسست المدينة رسميًا عام 1256، وتغيرت عدة مرات منذ ذاك الحين. لكن لفيف المعاصرة حافظت على بعض العمارة من العصور الوسطى والباروكية والكلاسيكية وعصر النهضة.
وجرت تسمية البلدة القديمة في لفيف موقعا للتراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وبالرغم من تغيير حكامها على مدار القرون، أصبحت لفيف تعرف بالمدينة متعددة الثقافات ذات جذور أوكرانية عميقة.
بدأت لفيف القرن العشرين بمنطقة غاليسيا في بولندا، والتي كانت حينها جزءًا من الإمبراطورية النمساوية المجرية.
وبعد الحرب العالمية الأولى وتفكك الإمبراطورية، عادت لفيف إلى الحكم البولندي فقط، ليتم دمجها بالاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، عندما غزتها ألمانيا النازية لفترة وجيزة.
وقبل الحرب العالمية الثانية، كان ثلث سكان المدينة من اليهود، وكانت أيضًا مركزًا للكنائس الأرثوذكسية. وعلى مدار تلك الفترات، حافظت المدينة على روابطها مع الحركات القومية والفكرية الأوكرانية.
وعند انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، أصبحت لفيف جزءًا من أوكرانيا المستقلة. واستوعبت أيضا المدينة، التي أصبحت الآن الأكبر في أوكرانيا، العديد من الأوكرانيين النازحين من منازلهم الواقعة في الغرب بعد اندلاع الحرب بين كييف وموسكو وحلفائها عام 2014.
قبل الحرب
خلال الأسابيع التي سبقت الحرب الروسية، قلل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من احتمال نشوب حرب، لكن بعض الأوكرانيين والموظفين الدوليين بدأوا الانتقال إلى لفيف كإجراء وقائي.
ومع تزايد الزخم بشأن الحرب في فبراير/شباط، نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى لفيف "لسلامة موظفيها"، بحسب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في 14 فبراير/شباط، وفعلت عدة سفارات أخرى الأمر نفسه.
وانتقد زيلينسكي الخطوة باعتبارها تزيد من قرع طبول الحرب، محذرا من أنه إذا اندلعت الحرب "ستكون في كل مكان".
وقال: "لا يمكنك الابتعاد عن التصعيد أو المشاكل خلال خمس أو ست ساعات"، في إشارة إلى الوقت الذي كانت تستغرقه الرحلة حينها من كييف إلى لفيف. لكن الآن، إذا أمكن قطع تلك الرحلة، فإنها تستغرق ساعات أطول وخطيرة.
ومنذ ذلك الحين، نقلت عدة دول، من بينها الولايات المتحدة، موظفيها الدبلوماسيين.
بعد الحرب
فيما سقطت مئات الصواريخ الروسية على المدن الأوكرانية الأخرى، تعرضت لفيف لضربتين فقط حتى الآن، بحسب "واشنطن بوست".
كانت أول مرة في 18 مارس/آذار الماضي، عندما استهدفت الصواريخ الروسية منطقة قرب مطار لفيف، على بعد حوالي أربعة أميال من وسط المدينة.
وجاءت الثانية في 26 مارس/آذار الماضي أيضا، عندما استهدفت روسيا مواقع عسكرية باستخدام الصواريخ طويلة المدى وعالية الدقة. وقال عمدة لفيف إنه تم تدمير منشأة لتخزين الوقود.
وانقلبت الحياة في لفيف بطرق لا تحصى، حيث تحولت من مركز للسياحة إلى آخر للنازحين.
وعلى مدار أسابيع، امتلأت محطة السكك الحديدية بالقطارات والناس الذين يبحثون عن تذاكر للخروج من أوكرانيا أو مكان آخر بالجانب الغربي من البلاد.
وفتحت الفنادق والمطاعم والسكان أبوابها لعرض الغرف الشاغرة أو الطعام على الوافدين الذين أنهكتهم الحرب.