«إسكندر» يشق درع «باتريوت».. دفاعات كييف في مأزق

من «درع حديدي» إلى «عبء باهظ»، يتعرض نظام الدفاع الجوي الأمريكي «باتريوت» لـ«أسوأ» اختبار ميداني منذ دخوله الخدمة، وسط مؤشرات متزايدة على تراجع فعاليته في صد الضربات الروسية المعقدة.
ففي سماء أوكرانيا، حيث تُخاض واحدة من أكثر الحروب تطورًا من الناحية التكنولوجية، لم تعد بطاريات «باتريوت» قادرة على فرض الهيبة، بعدما نجحت موسكو في كشف نقاط ضعفها واختراقها بصواريخ باليستية وشراك خداعية متطورة.
الضربات الدقيقة التي أصابت وحدات «باتريوت» في عمق أوكرانيا، وبتكلفة أقل بكثير من صواريخ الاعتراض الأمريكية، تطرح سؤالًا مقلقًا: هل دخلت الحرب مرحلة توازن سلبي في الدفاع الجوي؟
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مصادر مطلعة، قولها إن القوات الروسية نجحت في توجيه ضربات دقيقة لمنظومات باتريوت باستخدام صواريخ قادرة على المناورة والتشويش، ما يحد من قدرة المنظومة على اكتشافها واعتراضها.
ورجحت المصادر أن يكون الصاروخ المعني هو صاروخ 9كيه720 الذي يطلق من منظومة إسكندر-إم، والتي سبق أن دمرت عدة وحدات باتريوت منذ مارس/آذار 2024.
وفي تصريحات سابقة، حذّر المتحدث باسم سلاح الجو الأوكراني، إيغور إغنات، من أن صواريخ إسكندر تنفذ مناورات حادة في المرحلة الأخيرة من الطيران، ما يجعل من الصعب على باتريوت التنبؤ بمسارها. كما أشار إلى أن الصواريخ الروسية مزودة بشراك خداعية قادرة على تضليل أنظمة الاعتراض الأمريكية.
صاروخ إسكندر روسي
برغم هذه الإخفاقات، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 14 يوليو/ تموز بإرسال دفعة جديدة من منظومات باتريوت إلى أوكرانيا، قد تصل إلى 17 بطارية، في إطار تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية.
وأكد ترامب لاحقًا أنه قد يتم تأجيل تسليم بعض الطلبيات الأوروبية، مثل تلك الخاصة بسويسرا، لتسريع وصول الأنظمة إلى كييف.
وتُعد باتريوت أغلى منظومة دفاعية في الخدمة الأوكرانية، إذ تبلغ كلفة البطارية الواحدة نحو 2.5 مليار دولار. لكن فعالية هذه المنظومة باتت موضع جدل، خصوصًا في ظل الكلفة العالية لصواريخ الاعتراض التي تبلغ 4 ملايين دولار للصاروخ الواحد، مقارنة بأقل من مليون دولار للصاروخ الروسي.
وغالبًا ما يتطلب اعتراض هدف واحد إطلاق صاروخين، ما يضاعف الكلفة ويطرح تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية.
وسجّل أول تدمير مؤكد لمنظومة باتريوت على يد صاروخ إسكندر في 23 فبراير/ شباط 2024، تلاه تدمير وحدة أخرى قرب بلدة سيرغييفكا في 10 مارس/ آذار. وفي يوليو/ تموز، أظهرت لقطات مصوّرة استهداف بطاريتين في منطقة أوديسا، فيما أُعلن عن تدمير ثلاث بطاريات إضافية ورادار من طراز إيه إن/ إم بي كيو-65 في 11 أغسطس خلال ضربات مشابهة.
وتُفاقم هذه الخسائر الميدانية الضغوط على الدفاعات الأوكرانية، خصوصًا بعد استنزاف معظم مخزون البلاد من منظومات إس-300 السوفياتية. وفي المقابل، كثفت روسيا إنتاج منظومة إسكندر-إم، كما أدخلت صواريخ باليستية كورية شمالية متطورة من طراز كيه إن-23بي إلى ساحة المعركة.
ورغم محاولة الدول الغربية إيجاد بدائل دفاعية فعالة، تواجه تحديًا مزدوجًا يتمثل في محدودية الخيارات من جهة، والتكلفة الباهظة للأنظمة المتاحة من جهة أخرى. وفي ظل استمرار الهجمات الروسية باستخدام صواريخ متطورة، يبقى مستقبل الدفاع الجوي الأوكراني مرهونًا بمعادلة صعبة بين الكفاءة العسكرية والاستدامة الاقتصادية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU0IA== جزيرة ام اند امز