رئيس جديد لبعثة الحديدة الأممية.. هل تعود الحياة لاتفاق ستوكهولم؟
لم يلق تعيين الأمم المتحدة رئيسا جديدا لبعثتها بالحديدة أي زخم خلافا عن التعيينات السابقة عندما كانت الآمال معقودة على اتفاق ستوكهولم.
وعين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس الماضي، الجنرال الأيرلندي المتقاعد مايكل بيري رئيسا لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، ورئيسا للجنة تنسيق إعادة الانتشار، خلفا للجنرال الهندي المتقاعد أبهيجيت جوها.
ويعد بيري هو رابع جنرال أممي يتولى رئاسة بعثة دعم اتفاق الحديدة المتعثر منذ 18 ديسمبر/كانون الأول 2018 إثر الخروقات والانتهاكات لمليشيات الحوثي، حيث لم يتم تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق ووضعته بمهب الريح.
وبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاقية الحديدة، هي بعثة مراقبة مدنية شكلتها الأمم المتحدة لمراقبة اتفاق "ستوكهولم" لوقف إطلاق النار في الحديدة (غرب)، بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي نهاية 2018 والذي ينص على انسحاب جميع القوات من الموانئ الثلاثة والمدينة، وتسليمها لقوات محلية.
لكن منذ تشكيلها، وُصف أداؤها بالضعيف الذي فشل في إجبار المليشيات المدعومة إيرانيا على الانسحاب من المدينة الواقعة غربي اليمن وفقا لبنود الاتفاق، كما تتهمها الحكومة اليمنية بالبقاء تحت قيود الحوثيين.
وأخلت القوات الحكومية بدعم من التحالف في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي جميع المواقع المشمولة باتفاق ستوكهولم محيط مدينة وميناء الحديدة، حيث وضعت الكرة في ملعب مليشيا الحوثي والأمم المتحدة على السواء.
وبدلا من الانسحاب المماثل، اجتاحت مليشيات الحوثي كافة المناطق التي أخلتها القوات المشتركة، مما نسف الاتفاق، وفق مراقبين، وجعل الجنرال الأممي الجديد أمام تحديات كبيرة في القدرة على إعادة إحياءه مجددا.
اختبار صعب
وينتظر كبير المراقبين الدوليين الجديد اختبارا أصعب ممن سبقه في رئاسة البعثة الأممية، حيث فشلوا في إقناع مليشيات الحوثي بتطبيق بنود الاتفاق الذي دخل عامه الرابع دون أن يحقق أي اختراق على الأرض.
واستبق العديد من اليمنيين مهمة" بيري" توقعاتهم بالفشل، إذ يرى الناشط اليمني إسماعيل القاضي، أن مهمته ستصطدم بجدار التعنت الحوثي وستمارس معه ذات الاجتماعات الصورية دون أي تقدم.
وأوضح القاضي أن كل الجنرالات الأممية فشلت في القدرة على ممارسة ضغط حقيقي على مليشيات الحوثي لإجبارها على الانسحاب من المدينة وتسليم الموانئ، للقوات الأمنية قبل انقلاب الحوثي على السلطة في 21 سبتمبر/أيلول 2014، بموجب اتفاق ستوكهولم.
وقال القاضي لـ"العين الإخبارية"، إن مهمة المبعوث الجديد التي يرى البعض أنها قد تسعى إلى انتشال البعثة الأممية من عثراتها لن تحقق شيئا، وسيكون مصيره الفشل كسابقيه من المبعوثين الذين واجهوا صلابة غير عادية وتعنت من قبل مليشيات الحوثي.
كما سعت المليشيات الانقلابية لاستغلال مقر البعثة في مناطق سيطرتها في استغلالها لشرعنة بقائها في الموانئ الثلاثة والمدينة المطلة على البحر الأحمر، وفقا للقاضي.
موقف ضبابي
وينظر العديد من سكان محافظة الحديدة إلى البعثة الأممية، بعدم جدوى وجودها، طالما أنها لم تحقق الهدف الذي تشكلت من أجله.
وتساءل الناشط اليمني صادق الشلي: "هل هناك حماسا حقيقيا داخل أروقة الأمم المتحدة لتحقيق شيء يستحقه الأهالي أم أن الموضوع لا يعدو عن كونه فرصة لصرف المخصصات المالية في قضية لم يتحقق منها شيئا؟"
وفيما يرى الناشط عبدالله عسيلي، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن موقف الأمم المتحدة من الرفض الحوثي لم يكن إيجابيا طيلة السنوات الماضية التي أعقبت الاتفاق، بل إن موقفها ظل ضبابيا ولا يتسم بالوضوح.
ويضيف أن: "الموقف السلبي أسهم إلى حد كبير في رفض مليشيات الحوثي تطبيق الاتفاق الذي ينص على خروجها من المدينة، وتسليم الميناء الذي يعتبر شريان حياة لملايين السكان في المدن الشمالية".
إحباط شعبي
ولا يشكل تعيين مديرا جديدا للبعثة أي آمال للنازحين الذين هجرتهم مليشيات الحوثي بالعودة إلى منازلهم في مدينة الحديدة، حيث عبروا عن إحباطهم من الجهود الأممية التي لم تمارس أي ضغوط حقيقة لتنفيذ الاتفاق.
وقال نازحون في الحديدة لـ"العين الإخبارية"، إن الأعوام السابقة لم تفلح في صون حقوقهم، بل إنهم ظلوا عرضة للانتهاكات الحوثية دون أن يكون ذلك محل انتقاد من البعثة الأممية.
ويعتقد محمد ناصر، وهو أحد النازحين في مديرية الخوخة، أن التحدي الحقيقي يتمثل في قدرة البعثة على جعل النازحون يحققون أحلامهم بالعودة إلى منازلهم، لكن ذلك لن يحدث في ظل التراخي الدولي مع مليشيات الحوثي، وغض الطرف على جرائمها المروعة بحق المدنيين.
وأسهم العجز الذي رافق ثلاثة من رؤساء البعثة، في تعزيز مشاعر الإحباط لدى النازحين اليمنيين، الذين لم يعد يرون أملا بالعودة إلى منازلهم التي هجرتهم منها مليشيات الحوثي.
ويقول العديد منهم، لإن تعيين مبعوث رابع لم يعد مهما، كما أن البعثة برمتها لم يعد وجودها مجديا، بعدما أخلت القوات المشتركة مواقعها في محيط مدينة الحديدة، واجتياح مليشيات الحوثي للمناطق المحررة.
يشار إلى أن أكثر من 3 آلاف مدنيا بمحافظتي الحديدة وتعز سقطوا ضحايا إثر خروقات وهجمات مليشيات الحوثي وذلك منذ توقيع اتفاق ستوكهولم أواخر 2018، بحسب تقديرات حقوقية محلية ودولية.