فرنسا "عالقة".. هل تُغرق "الغواصات" مجلس الأمن؟
عصفت أزمة الغواصات بأمل دبلوماسي علقته فرنسا على تولي الرئيس الأمريكي جود بايدن السلطة، بعد سنوات من إدارة الخلاف مع سلفه دونالد ترامب.
واستدعت فرنسا، الجمعة، الماضي سفيرها لدى واشنطن واتهمت إدارة جو بايدن، بالتصرف مثل ترامب بتنحية باريس جانبا، على خلفية اتفاق أمني ثلاثي ضم أيضا بريطانيا وأستراليا، بشأن صفقة غواصات، تسببت في إلغاء عقد سابق مع باريس.
ولا تهدد أزمة الغواصات العلاقات بين فرنسا والدول الأوربية من جهة، والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى، فحسب، بل تنذر بزيادة "الاختلال" في العلاقات الدولية وداخل مجلس الأمن الدولي، ما قد يؤدي إلى خارطة تحالفات دولية جديدة.
وكالة "فرانس برس"، سلطت الضوء على ما تخلفه ما أصبحت تعرف إعلاميا بـ"أزمة الغواصات"، حيث اعتبر محللون أن الأزمة لها تداعيات كبيرة على التحالفات الدولية، خاصة تماسك الدول الغربية داخل مجلس الأمن، في مواجهة الصين ورسيا.
وعقد اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة) مساء الأربعاء على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لكن موضوع أفغانستان كان محور الاجتماع، الذي رتبته وزيرة الخارجية البريطانية الجديدة ليز تراس.
وعدا هذا الملف، يرى عدد من الخبراء أن الكثير من الملفات المطروحة للبحث في مجلس الأمن قد تعاني الأزمة الحادة القائمة منذ أسبوع بين فرنسا من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى.
ورفض وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي حضر إلى نيويورك منذ مطلع الأسبوع، عقد أي لقاء على انفراد مع نظيريه الأميركي والبريطاني، قبل المكالمة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين جو بايدن وإيمانويل ماكرون واتفق الرئيسان خلالها على إعادة إرساء الثقة والتعاون بين البلدين.
وأوضح برتران بادي خبير العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية في باريس أن "أزمة الغواصات هذه تهز المجموعة الثلاثية" (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة)، معتبرا أنها "أزمة حادة تتعلق بالمفهوم التقليدي للتحالف المنبثق عن الحرب الباردة والذي لا يزال على حاله تقريبا".
وتوقع أن "تتفاقم هذه الخلافات مستقبلا، في دليل على وجوب تخطي هذا المفهوم القديم للأمن الدولي".
تحالف ثلاثي
وتضاعف المجموعة الثلاثية في مجلس الأمن المناقشات حول كل الملفات قبل طرحها للبحث، ويعتبر دورها أساسيا لإبداء جبهة موحدة لاحقا في سياق المفاوضات بمواجهة روسيا والصين، قبل السعي لضم الدول العشر غير الدائمة العضوية إلى موقفها.
وقوض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هذا التحالف الثلاثي؛ لكن باريس ولندن كافحتا خلال ولايته رغم بريكست (مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) لإبقاء واشنطن بجانبهما في معظم الملفات.
وحتى لو أتاح نقاش صريح بين ماكرون وبايدن تهدئة التوتر على المدى القريب، ليس من المستبعد -تقول الوكالة الفرنسية- أن تضر الأزمة الدبلوماسية الحادة بسير عمل مجلس الأمن والنهج الغربي بالأساس.
غير أن ريتشارد غوان اختصاصي الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية لفت إلى أن "العلاقات داخل المجموعة الثلاثية لطالما كانت معقدة" مضيفا "لا أعتقد أن الغواصات ستغرق المجموعة".
اصطياد فرنسا
وينقسم الخبراء حول ما إذا كانت بكين وموسكو ستغتنمان الانقسامات الغربية لمحاولة ضم فرنسا إلى صفّهما؛ وهما يرى غوان أنه "ليس هناك بكل بساطة ما يكفي من المصالح المشتركة بين القوى الثلاث. فرنسا عالقة مع الأنجلو-ساكسونيين، حتى لو أنها علاقة معقدة".
من جهته، لفت برتران بادي إلى أن "روسيا والصين تتبعان منذ بعض الوقت دبلوماسية التقاط ما أمكن، تستند إلى اتفاقات ظرفية أكثر منها إلى الالتزامات الثابتة الناتجة عن دبلوماسية محاور"، متوقعا أن "تحصل بالطبع محاولات اصطياد دبلوماسي باتجاه فرنسا".
وقد تعمد فرنسا المعزولة بين المعسكرين الأمريكي-البريطاني من جهة والروسي-الصيني من جهة أخرى، التوجه إلى الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن بحثا عن دعم في الملفات الحساسة. وبين هؤلاء الأعضاء حاليا الهند التي تحاول باريس منذ وقت طويل تطوير شراكة استراتيجية معها.
aXA6IDMuMTQyLjIxMi4xMTkg جزيرة ام اند امز