مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة: تغير المناخ قد يغير خارطة العالم
إنجر أندرسون تقول إن التغيرات المناخية واضحة للعيان بشكل يومي، فدرجات الحرارة آخذة في الارتفاع، وهطول الأمطار تغير، والطقس صار متقلبا.
ليس هناك شك أن قضية تغير المناخ تشكل تهديداً حقيقياً للكرة الأرضية، خاصة مع زيادة ذوبان القطب الشمالي بنسبة ٦٠٪ عن مستواه الطبيعي، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة الذي قد يؤدي إلى اختفاء دول ومدن تقع على المحيط بشكل مباشر.
قادة العالم يجتمعون في نيويورك للمشاركة في قمة العمل المناخي، التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
المؤتمر سيكون برعاية السيدة إنجر أندرسن، مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وستكون حاضرة بين القادة والزعماء لتروج الفكرة "الحلول المستندة إلى الطبيعة" لمكافحة تغير المناخ.
موقع الأمم المتحدة أجرى حواراً معها للوقوف على خطورة التغير المناخي وكذلك مناقشة الحلول المقترحة، للتغلب على هذه المشكلة التي تواجه البشرية بشكل عام، وهذا نص الحوار بحسب موقع الأمم المتحدة.
كيف يؤثر تغير المناخ على العالم الطبيعي؟
مناخ العالم يتغير بسرعة وهذه التغيرات واضحة للعيان بشكل يومي. درجات الحرارة العالمية آخذة في الارتفاع، وأنماط هطول الأمطار تتغير، والطقس في أجزاء كثيرة من العالم صار متقلباً للغاية أكثر من أي وقت مضى ولا يمكن التنبؤ به.
الآثار أصبحت واسعة النطاق؛ الموائل الطبيعية تتغير، والتنوع البيولوجي يتعرض للفقدان، بينما تقطعت دورات الزراعة وأصبحت صعوبة الحصول على الماء أكثر شيوعاً.
الأخطار الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير وموجات الحرارة تزداد تطرفاً الآن، وتكلف الدول مليارات الدولارات وتدمر المنازل والبنية التحتية وسبل العيش.
أزمة المناخ تهدد رفاهية حياة الناس وأمنهم الغذائي وتفاقم من الفقر.
في يوليو/تموز من هذا العام، الأمين العام للأمم المتحدة قال إن العالم بحاجة إلى تهيئة الظروف "للتناغم بين البشرية والطبيعة".
ما المقصود بالحلول المستندة إلى الطبيعة؟
الحلول المستندة إلى الطبيعة هي إجراءات تحمي النظم الإيكولوجية الطبيعية، أو تلك المعدلة، وتديرها بشكل مستدام وهي أيضاً تتصدى للتحديات المجتمعية.
وبالتالي فإن الحلول المستندة إلى الطبيعة توفر في وقت واحد، فوائد لرفاهية الإنسان والتنوع البيولوجي أيضاً.
لذلك، سواء كنا نتعامل مع الأمن الغذائي أو تغير المناخ أو الأمن المائي أو مع صحة الإنسان أو مخاطر الكوارث أو التنمية الاقتصادية، فإن الطبيعة يمكن أن تساعدنا في إيجاد السبيل إلى حل.
وتغير المناخ هو جزء مهم جداً من الحلول التي نبحث عنها، فهناك طرق عديدة للتصدي لتغير المناخ، غير أن واحدة من الطرق الأكثر فاعلية وفورية هي أن نستخدم ما في متناول اليد: الطبيعة نفسها.
على سبيل المثال، يمكن أن تركز الحلول المستندة إلى الطبيعة على تقليل الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات والممارسات الزراعية، وبالتالي تعزز قدرة النظم الإيكولوجية الطبيعية على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الجو.
علينا تذكر أن ثاني أكسيد الكربون هو الذي يسهم في الغازات الدفيئة، التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري.
قمة العمل المناخي التي يعقدها الأمين العام للأمم المتحدة تهيئ لنا لحظة مناسبة لندفع بشكل عاجل بالحلول القائمة على الطبيعة إلى مقدمة العمل المناخي.
ما مجموعة الحلول المتاحة؟
معظم حلول تغير المناخ القائمة على الطبيعة تأتي من تقوية أو استعادة النظم الإيكولوجية الطبيعية القائمة أساساً، على سبيل المثال، الغابات لا تمتص الكربون فحسب، بل إنها تحمينا أيضاً من أكثر آثاره تدميراً.
يمكن أن تعمل أنواع محددة من الأشجار المزروعة بعناية كمصدات للحريق، ويمكن لزرع الأشجار قبالة الأراضي الزراعية أن تحمي المحاصيل من قوى التآكل التي تسببها الأمطار الغزيرة.
كما يمكن للغابات أن تخفف من الفيضانات الداخلية بطريقتها شبه الإسفنجية التي تمتص بها المياه.
وأشجار المانجروف توفر حواجز طبيعية فعالة ورخيصة ضد الفيضانات الساحلية وضد تآكل الخط الساحلي.
ويمكن لتغيير ممارساتنا الزراعية على الأرض وحده أن يؤدي إلى 30% من تخفيض الانبعاثات الذي نسعى له لتحقيق أهداف اتفاق باريس بشأن العمل المناخي، بحلول عام 2030.
استعادتنا للأراضي والنظم الإيكولوجية الطبيعية الأخرى تعد أيضاً حلولاً فعالة قائمة على الطبيعة.
ما مدى فعالية هذه الحلول وبأي تكلفة مالية؟
الطبيعة متاحة أمامنا الآن وعلينا استخدامها. وليس هناك حلول تكنولوجية سريعة لمعالجة تغير المناخ، بنفس القدر من التأثير الذي تقدمه لنا الحلول القائمة على الطبيعة.
في الواقع، يمكن أن تقدم هذه الحلول أكثر من ثلث تخفيضات الانبعاثات المطلوبة عالمياً بحلول عام 2030.
الأهم من ذلك، المطلوب بشكل عاجل هو زيادة الاستثمار لفتح إمكانات الطبيعة، فهذه الحلول تتلقى حالياً أقل من 3% من تمويل العمل المناخي المتاح، رغم أنها فعالة للغاية من حيث التكلفة وتوفر عائداً مرتفعاً جداً على الاستثمار يمكن أن يضيف تريليونات الدولارات إلى الاقتصاد العالمي.
على سبيل المثال، يمكن لبناء الجدار الأخضر الكبير- وهو مشروع طموح لوقف التصحر في منطقة الساحل في أفريقيا- أن يخلق 10 ملايين وظيفة في المنطقة بحلول عام 2030، ويمكن أن تكون له فوائد أخرى بما في ذلك الإبطاء من الهجرات.
ينبغي دمج هذه الحلول في جهود التكيف والتخفيف من آثار المناخ على الصعيد العالمي، يجب على الحكومات أن تنسق جهودها وأن تلتزم بالاستثمار في هذه الحلول كجزء من سياساتها الوطنية.
ما مدى أهمية الحلول القائمة على الطبيعة في الحرب الشاملة ضد تغير المناخ؟
خلاصة القول هي إنه لا يمكننا الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى مستوى 1.5 درجة مئوية (أو درجتين مئويتين) دون الحلول المناخية الطبيعية.
الحلول القائمة على الطبيعة لديها القدرة على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 12 "جيجاتون" كل عام، هذا يساوي تقريباً الانبعاثات الصادرة من جميع محطات الفحم العاملة في العالم.
في الوقت نفسه، من المهم أن نأخذ في الاعتبار أولاً، أن الطموح المتزايد يتطلب منا أن نلتزم بالتحول إلى الطاقة المتجددة وبزيادة الاستثمارات في الطبيعة في آن واحد.
ثانياً إذا لم نعمل على الطبيعة من الآن، فإن قدرتها على حماية الإنسانية ستقل أكثر، إن الطبيعة وحلولها مطروحة كحل للعمل المناخي، ولكن ليس بالقدر الكافي، وعلينا اغتنام الفرصة، الخبر السار هو أن الطبيعة تسامح، وقد حان الوقت لمنحها الفرصة التي تستحقها.
هل هناك مشاريع جارية الآن على مستوى العالم لإحداث تغيير؟
نحن في حالة طوارئ عالمية الآن، ولكننا أيضاً نعيش فترة من الزخم لم يسبق له مثيل.
إن الشباب يراقبوننا الآن، وفي كل أسبوع نرى حكومة من حكومات العالم تعلن التزامها بالعمل المناخي.
الحلول القائمة على الطبيعة متاحة في متناول اليد للاستخدام، وهي فعالة من حيث التكلفة، ويمكن زيادتها حسب الحاجة، يمكن لكل دولة في العالم أن تبدأ باتخاذ الإجراءات.
أيضاً لدينا العديد من أمثلة النجاح، فعند اكتمال سور الصين الأخضر العظيم في عام 2030، سوف تمتص الأرض المستعادة قدراً من ثاني أكسيد الكربون يعادل وقف محركات كل سيارات كاليفورنيا عن العمل لمدة 3 سنوات ونصف.
في النيجر، أدى التحريج وإعادة التشجير الذي يقوده المزارعون إلى تحسين غطاء الأشجار، مما يقلل من وقت النساء في جمع الحطب، من ثلاث ساعات إلى 30 دقيقة.
وخفضت مدينة ميدلين في كولومبيا من درجات الحرارة فيها بأكثر من درجتين مئويتين، عبر تحويل أدغالها الخرسانية إلى غابات حضرية.
نحن بحاجة إلى توسيع نطاق مثل هذه المبادرات، وأن نبني على الزخم السياسي الراهن، ونصل إلى حجم الجهد والسرعة اللازمين لدفعنا إلى ما هو أبعد من طموحات اتفاق باريس، لأنه عندما نعطي الطبيعة فرصة، لدينا فرصة أفضل لتحقيق الاستدامة أهداف التنمية.
aXA6IDE4LjIxOC45NS4yMzYg
جزيرة ام اند امز