توحيد القوات المسلحة الإماراتية.. ريادة دولية تدعم الاستقرار والسلام
تحل، الجمعة، الذكرى 46 لتوحيد القوات المسلحة الإماراتية في وقت أضحى فيه جيش دولة الإمارات أحد أقوى جيوش المنطقة والعالم، بفضل جهود تطويره.
ريادة دولية سخرتها دولة الإمارات لتقوية أركان الاتحاد وتعزيز مكانتها كإحدى أكثر الوجهات العالمية على مستوى الأمن والأمان ومستوى جودة الحياة، وهو ما أسهم في تعزيز مسيرتها التنموية والحضارية، حتى أضحت دولة الإمارات تصنف عالميا أنها من أكثر الدول أمانا.
أيضا تحتفل الإمارات بتلك الذكرى وهي تستذكر تضحيات وبطولات أبطال قواتها المسلحة الذين خلدوا اسم بلادهم بأحرف من نور في تاريخ الإنسانية كدولة رائدة في نشر السلام ودعم الاستقرار في العالم.
وتحل المناسبة هذا العام، في وقت تمضي فيه دولة الإمارات قدما على أكثر من صعيد، وبشكل متواز ومتزامن، في دبلوماسيتها الحكيمة الساعية لنشر السلام وتعزيز الأمن والسلم في مختلف أرجاء العالم.
تحل المناسبة فيما تتوالى شهادات وتقارير دولية من مؤسسات مرموقة حول العالم تتفق جميعها في أن دولة الإمارات أكثر بلدان العالم في مؤشرات الأمان، وأن جيشها من أقوى جيوش المنطقة والعالم.
جيش قوي.. أسلحة متطورة
في السادس من مايو/أيار 1976 أقر المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد القرار التاريخي بتوحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة مركزية واحدة تسمى القيادة العامة للقوات المسلحة، وذلك لتوطيد دعائم الاتحاد وتعزيز مسيرته، وتوطيد أركانه وتعزيز استقراره وأمنه وتحقيقا للاندماج الكامل لمؤسسات دولة الإمارات.
حين صدر قرار التوحيد، كان الواقع الدفاعي لدولة الإمارات متواضعاً جداً، لكن الطموح كان كبيرا جدا، فانطلقت عملية كبرى لبناء القوات المسلحة بتوجيهات المؤسس.
وتواصلت الانطلاقة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان له دور بارز في تطوير وتحديث القوات المسلحة.
دور أشار له الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قائلا:"لا بد من التنويه والإشادة بدور الشيخ محمد بن زايد في مسيرة تطوير قواتنا المسلحة، فمنذ أن تخرج من كلية ساندهيرست العسكرية في العام 1979 والتحق بصفوف قواتنا المسلحة وتدرج في رتبها، وشغله الشاغل تطوير جيشنا بكل فروعه، تنظيماً وتدريباً وتسليحاً وتصنيعاً وتكويناً للكوادر والقيادات".
وأضاف: "وقد أشرف على وضع وتنفيذ استراتيجيات التطوير والتحديث، وقاد من الميدان عمليات التطوير، وعايش الجنود والضباط في معسكراتهم، وكان القوة الدافعة لنجاح برنامج الخدمة الوطنية والاحتياط منذ انطلاقه في عام 2014. وهو البرنامج الذي أحدث نقلة نوعية في تكوين شبابنا، من خلال تدريبهم عسكرياً، وتعويدهم على الانضباط وإدارة الوقت، وإكسابهم مهارات قيادية، وتعميق القيم الوطنية في نفوسهم، وتأهيلهم للخدمة الفعلية إذا دعا الداعي".
وشهدت القوات الجوية والدفاع الجوي نقلة نوعية نتيجة خطط ودراسات متأنية ودعم واهتمام متواصلين من القيادة الإماراتية وإيمانها بأهمية دور القوات الجوية والدفاع الجوي كإحدى ركائز الدولة العصرية.
وقد واكبت هذه النقلة درجة عالية من التنظيم والإعداد والتدريب للعنصر البشري واقتناء مدروس لأحدث ما توصلت إليه التقنية العسكرية من أسلحة ومعدات تتلاءم مع مستلزمات الحرب الحديثة والاحتياجات الدفاعة للذود عن حمى الوطن.
وتمتلك دولة الإمارات اليوم النسخة الأحدث على مستوى العالم من مقاتلات "إف 16" المعروفة بـ"بلوك 60" التي تتمتع بالرادار الأحدث عالمياً بالإضافة إلى مقاتلات ميراج 2000 9- المطورة خصيصاً لدولة الإمارات من حيث أنظمتها وقدراتها القتالية.
وأعلنت وزارة الدفاع الإماراتية في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن دولة الإمارات وقعت عقداً مع فرنسا لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال لتحل محل أسطول الميراج في سرب القوات الجوية الإماراتية، بالإضافة للتدريب والصيانة.
كما تمتلك دولة الإمارات أحدث منظومات الدفاع، من بينها صواريخ الدفاع الجوي طويلة المدى من طراز MIM- 104 Patriot PAC-3 و"ثاد" أمريكية الصنع، بالإضافة إلى صواريخ "بانتسير-أس"1 الروسية متوسطة المدى.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشفت شركة "هالكن" الإماراتية عن منظومة صواريخ "سكاي كيه نايت"، خلال معرض الدفاع الدولي "آيدكس 2021"، لتصبح أول منظومة دفاع جوي تنتجها دولة الإمارات محليا.
وتقول مجلة "ديفينس نيوز" إن منظومة "سكاي كيه نايت" يمكنها التصدي للصواريخ وقذائف المدفعية وقذائف الهاون والطائرات المسيرة "الدرونز" والطائرات الثابتة الأجنحة في مدى يزيد عن 10 كيلومترات.
وحلت دولة الإمارات في المركز 36 عالميا والخامسة عربيا بين 140 دولة وفقا لتصنيف موقع جلوبال فاير باور لترتيب أقوى جيوش العالم عام 2022 بـ0.5859 درجة.
مبادرات تاريخية
بموازاة تطوير القوات المسلحة، كانت تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة دائما أن رسالتها للعالم كله هي رسالة سلام ولكنها تؤمن دائما بأن امتلاك القوة هو أكبر ضمانة للحفاظ على هذا السلام.
وبالفعل أثبتت القوات المسلحة الإماراتية قدرتها الفائقة على تنفيذ المهام المنوطة بها، سواء في رد العدوان والوقوف إلى جانب الحق والعدل والشرعية أو مواجهة قوى التطرف والإرهاب أو صون السلام والاستقرار في مناطق مختلفة من العالم.
ويعد دور القوات المسلحة الإماراتية في عمليات حفظ السلام الدولية، من الأمثلة الحية التي تجسد الدور الفاعل لسياسة الدولة الخارجية، في نشر السلام وتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون للمحتاجين في مناطق الصراعات.
ومنذ عهد الرئيس المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كرست دولة الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي.
وهو دور ما تزال دولة الإمارات تقوم به تحت قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وخلال العقود الماضية شاركت دولة الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، حيث شاركت في 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
كما سطر الإماراتيون قيادة وحكومة وجيشا وشعبا أروع معاني الوفاء والدعم والحب للكويت وشعبها، حيث شاركت دولة الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي وقدّمت 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وترجمة لالتزام دولة الإمارات بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة للمشاركة في "عملية إعادة الأمل" ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
ووقفت الإمارات في عام 1994 بصورة واضحة إلى جانب البوسنة، بعدما تفجر الصراع بين البوسنيين والصرب.
وأسهمت دولة الإمارات في العديد من المشروعات الإنسانية بهدف المساعدة على إعادة الإعمار في البوسنة، وأعطت الأولوية لمساعدة الطلاب وفتح المدارس وإعادة بناء المساجد.
كما أقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين من كوسوفو الذين شردتهم الحروب في مخيم "كوكس" بألبانيا، إضافة إلى مشاركتها في عمليات حفظ السلام هناك.
وكانت دولة الإمارات هي الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
وفي عام 2001 كان للقوات الإماراتية الدور الأهم في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام.
بعد ذلك بعامين شاركت دولة الإمارات ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان "إيساف"، وبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإماراتية المشاركة في القوة أكثر من 1200 عنصر.
ولعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد الآسيوي.
وإثر الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها عام 2011، شاركت دولة الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
وانضمت دولة الإمارات إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا، إيمانا منها بأهمية التعاون الدولي لحفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
وفي مارس/آذار 2015 شاركت الإمارات في عملية "عاصفة الحزم" التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث سطر الجنود الإماراتيون ملاحم بطولية دفاعا عن عروبة اليمن وحماية لأمنه واستقراره.
دبلوماسية السلام
ومع الاحتفال بالذكرى الـ46 لتوحيد القوات المسلحة الإماراتية يستذكر العالم أيضا مبادرات دولة الإمارات في نشر السلام حول العالم.
ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور لدولة الإمارات وللشيخ محمد بن زايد آل نهيان عددا من المبادرات التاريخية، أسهمت في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد.
أحدث تلك الجهود شهدها شهر رمضان المنقضي، حيث عقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على مدار شهر رمضان 5 قمم مع قادة وملوك دول العالم، من بينها قمتان في أبوظبي و3 قمم في القاهرة والبحرين والمغرب، شهدت مباحثات تعزز التضامن والأخوة الخليجية والعربية والإسلامية وتدعم الأمن والاستقرار في العالم.
لقاءات ومباحثات رمضانية تضمنت رسائل إماراتية واضحة بالحرص على دعم الأمن والاستقرار في العالم، وتخفيف حدة التوترات بأماكن الصراعات ودعم قضايا الأمة الإسلامية والإنسانية، سواء في أوكرانيا أو فلسطين أو اليمن، أو في أي دولة تحتاج مد يد العون أو المساعدة، إلى جانب الحرص على تعزيز أواصر الأخوة ونشر قيم التسامح ودعم العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة.
دور الإمارات الهام والمتواصل في نشر السلام كان محل تقدير دولي، عبر عنه العالم بانتخاب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة 11 يونيو/حزيران الماضي دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023، في خطوة تعكس مكانة دبلوماسية الإمارات القائمة على نشر السلام والمحبة بين جميع شعوب الأرض، والتقدير الدولي لها.
أرض الأمان.. شهادات دولية
أيضا نجحت دولة الإمارات في تعزيز مكانتها كإحدى أكثر الوجهات العالمية على مستوى الأمن والأمان ومستوى جودة الحياة وهو ما أسهم في تعزيز مسيرتها التنموية والحضارية.
وتحافظ الإمارات على تلك المكانة والتي تؤكدها أبرز المرجعيات العالمية على مستوى قوائم المدن الأكثر أماناً أو على مستوى مؤشرات التنافسية العالمية المرتبطة بهذا المجال.
وجاءت مدن أبوظبي ودبي والشارقة ضمن قائمة أبرز عشر مدن أمانا على المستوى العالم خلال 2022 بعدما احتلت أبوظبي المرتبة الأولى في قائمة المدن الأكثر أماناً وللعام السادس على التوالي وفقا لموقع «نومبيو» الأمريكي المتخصص في رصد تفاصيل المعيشة، فيما احتلت الشارقة المرتبة السادسة ودبي المركز السابع.
وعلى مستوى مؤشرات التنافسية فقد احتلت الإمارات المركز الأول عالميا على مؤشر الأمن المعلوماتي في الكتاب السنوي للتنافسية العالمية - المعهد الدولي للتنمية الإدارية 2021، والمركز الأول على مؤشرات غياب الحوادث الإرهابية، وغياب النزوح الداخلي الناجم عن النزاع وغياب الإرهاب المرتبط بالفقر ضمن مؤشر الازدهار - معهد ليجاتم 2021.
وفي السياق ذاته جاءت الإمارات في صدارة دول العالم في مؤشر نسبة السكان الذين يشعرون بالأمان أثناء المشي بمفردهم ليلاً، على تصنيف "جالوب" للقانون والنظام 2021.
أيضا مطلع يناير الماضي، اختارت صحيفة "تايمز أوف إنديا" الهندية دولة الإمارات أكثر وجهة على مستوى العالم أماناً في استقبال المسافرين خلال العام الجديد 2022.