غضب ليبي من المبعوث الأممي.. هل يلحق باتيلي بأسلافه الثمانية؟
تحذير ودعوة واتهامات، ثلاثية حملها بيان غاضب عن 60 برلمانيًا ليبيًا، من تصريحات البعثة الأممية، بشأن خريطة الطريق الجديدة، مما أثار تكهنات حول مستقبل المبعوث الأممي.
وتقود تلك الخريطة التي أقرها مجلس النواب الليبي في جلسته الماضية -بعد توافق مع المجلس الأعلى للدولة- البلد الأفريقي، إلى انفراجة متوقعة في أزمة ازدواجية السلطة التنفيذية، وفي الانتخابات التي أرجأتها القوة القاهرة قبل نحو عامين.
ورغم إقرار خريطة الطريق بـ"توافق نادر" بين المجلسين، فإن الأمر لم يرق للبعثة الأممية في ليبيا، التي خرجت في بيان غاضب، حذرت فيه من أي إجراءات أحادية الجانب أو محاولة لتقويض تطلعات الليبيين إلى إجراء انتخابات وطنية.
تحذيرات أممية
وقالت البعثة الأممية، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن العملية السياسية في ليبيا تمر بمرحلة حرجة تستلزم اتفاقًا سياسيًا شاملاً مع قبول ومشاركة من جميع الأطراف الفاعلة، مشيرة إلى أن أي إجراءات أحادية، على غرار محاولات سابقة في الماضي، من شأنها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على ليبيا، وتتسبب في مزيد من عدم الاستقرار وإثارة العنف، في إشارة إلى تشكيل البرلمان حكومة في الشرق لم تستطع القيام بمهامها حتى اللحظة.
وحذرت من أن موافقة مجلس النواب على خريطة طريق وإعلانه عن فتح باب الترشيحات لحكومة جديدة، من شأنه أن يعمق حدة التجاذبات في أوساط الليبيين الذين يرزحون تحت وطأة المعاناة منذ أكثر من عقد.
ورغم ذلك، فإنها قالت إن الممثل الخاص للأمين العام، عبدالله باتيلي، كثف اتصالاته مع جميع الأطراف الرئيسية لتيسير التوصل إلى تسوية سياسية تجعل مشاريع قوانين الانتخابات قابلة للتنفيذ، والاتفاق على إنشاء حكومة موحدة جديدة، والتمكين من إجراء انتخابات ناجحة دون تأخير.
البيان الذي حمل تحذيرات عدة لأطراف ليبية وخاصة مجلس النواب، اختتم بدعوة إلى جميع الفاعلين الليبيين بضرورة ااستخلاص العبر من الماضي والعمل معاً بروح من التوافق.
غضب ليبي
إلا أن ذلك البيان الغاضب، لم يرق لبعض أعضاء مجلس النواب الليبي، فأصدر ستون منهم بيانًا، نددوا فيه، بتحذيرات البعثة الأممية بشأن الاستمرار في خريطة الطريق، ورفضها لتوافق مجلسي النواب والدولة.
وقال البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن ممارسات البعثة الأممية في ليبيا وعلى رأسها المبعوث الخاص عبدالله باتيلي، أصبحت في الفترة الأخيرة مشوبة بنوع من الغموض، "وكأنما باتت تعمل ضد التوافق في ليبيا، وليس ببعيد ملاحظاتها حول قوانين الانتخابات الصادرة عن لجنة 6+6 وغيرها من القضايا".
وحذر البيان، البعثة الأممية من مغبة هذه المواقف، داعيًا إياها إلى الالتزام بمهامها الموكلة إليها، وفق قرار إنشائها رقم 2009- 2011، والذي حصر مهامها في دعم المؤسسات السياسية الليبية، "ولم يخولها التدخل في الشأن الليبي كما هو الآن".
هل يلحق باتيلي بأسلافه؟
يقول عضو مجلس النواب الليبي محمد عامر العباني، في تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنه بعد مجيئ المبعوث الأممي عبدالله باتيلي مبعوثا أمميًا، استبشر الليبيون به، كما الحال مع المبعوث الأسبق اللبناني غسان سلامة، إلا أنه يبدو أنهما ولا غيرهما من المبعوثين الأمميين يملكون عصا موسى.
وأوضح البرلماني الليبي، أن المبعوث الأممي باتيلي يتعامل كغيره من المبعوثين السابقين مع الصراع في ليبيا على أنه صراع سياسي على السلطة، وأن هناك انسدادا سياسيا في انتقال السلطة سلميًا من السلف إلى الخلف، وأن الطريقة المثلى لانتقال السلطة بين السلف والخلف هي الانتخابات (التداول السلطة على السلطة سلميًا) وهذه هي الديمقراطية، لكن هل أدرك أن السلطة في ليبيا بيد ممتشقي السلاح؟
ووجه رسالة إلى المبعوث الأممي قائلا: "سيد باتيلي إنك تسير في طريق مسدود، ولا تنسى أن الشعب سئم الوعود".
في السياق نفسه، قالت مجلة "ميدل إيست مونيتور" البريطانية، في تقرير تحليلي، إن حوالي ثمانية مبعوثين أمميين فشلوا بالفعل في معالجة الأزمة الليبية، متوقعة فشل المبعوث الحالي عبد الله باتيلي قريبًا أيضًا.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن العامل المشترك وراء كل الإخفاقات ليس أكثر من سببين؛ أولهما: التدخل الأجنبي، وثانيهما: خلافات ساسة الأمر الواقع.
ويقول مراقبون، إن خطوات المبعوث الأممي، التي لا تتناسق مع تلك التي ينتهجها مجلسا النواب والأعلى للدولة في ليبيا، ستؤدي إلى الإطاحة به قريبًا من منصبه، مشيرين إلى أن عبدالله باتيلي يسير على أشواك في البلد الأفريقي، ويضرب بمراكز القوى عرض الحائط.
خطوات استباقية
وأكد المراقبون، أن خطوات المجلسين بإقرار خريطة الطريق، ضربت مخططات المبعوث الأممي للإطاحة بهما، في خريطة طريق كان ينتوي الحصول على ضوء أخضر حيالها من قبل جهات دولية، إلا أن كشفها أرجأها قليلا، حتى نفتها البعثة الأممية.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا نفت نية باتيلي، الإعلانَ عن خريطة طريق مرتقبة للانتخابات في ليبيا، مذكرة بإحاطة مبعوثها الأخيرة، أمام مجلس الأمن، والتي أكد فيها التزامه بتكثيف مساعيه الحميدة وجمعِ كل الأطراف والمؤسسات المعنية، بما في ذلك مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بغية التوصل إلى اتفاق شامل وشفاف حول القضايا الخلافية في مشاريع القوانين الانتخابية التي أعدتها لجنة الـ 6+6، لضمان قابليتها للتطبيق تمهيداً لإجراء انتخابات ناجحة.
وتوقع المراقبون، استقالة المبعوث الأممي قريبًا أو إقالته من الأمم المتحدة، خاصة أن لقاءاته ومشاوراته التي كثفها طيلة الفترة الماضية، لم تثمر عن انفراجة في الأزمة، بل إنها تضاربت مع مساعٍ ليبية – ليبية، لحلحة الوضع المأزوم.