وهم "الطريقة الأفغانية".. حوار واشنطن وبغداد يقلم أظافر المليشيات
فيما يستعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لزيارة واشنطن، تستبق المليشيات المدعومة إيرانيا نتائج الزيارة، وتتحدث عن "لقاءات صورية".
وكان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أعلن في وقت سابق توجه الكاظمي إلى الولايات المتحدة، غداً السبت، لمقابلة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووضع التصورات النهائية بشأن العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد.
وجرت مساء اليوم الجمعة، الجولة الفنية من المباحثات الاستراتيجية الرابعة بين واشنطن وبغداد، برئاسة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن.
وأعلن البيت الأبيض في وقت سابق أن بايدن سيلتقي الكاظمي بعد غد الإثنين، وسيبحث معه الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي.
وعقب انتهاء أعمال الجولة الفنية اليوم، أكد فؤاد حسين أن العراق يؤكد استمرار حاجته للدعم الأمريكي في مجالات تدريب القوات الأمنية والمشورة وبناء القدرات.
وكان حسين وصل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن الأسبوع الماضي على رأس وفد فني رفيع المستوى يضم 25 شخصية يمثلون مجالات الأمن والاقتصاد والتنمية.
وعلى الرغم من أن جدولة انسحاب القوات الأمريكية من العراق مطروح على أجندة الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي، إلا أن وزير الخارجية العراقي استبق هذا الأمر الأسبوع الماضي حين قال "لا جود لقواعد أمريكية في البلاد".
يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة الهجمات التي تتبناها فصائل مسلحة مدعومة من إيران، على أماكن وجود القوات الأمريكية، والتي يتركز معظمها في مطار أربيل في إقليم كردستان، وقاعدة عين الأسد في الأنبار وبلد الجوية في أطراف محافظة صلاح الدين، والمجمع الذي يضم مبنى السفارة الأمريكية في المنطقة الرئاسية ببغداد.
ويرى بعض المراقبين أن تصريح وزير الخارجية العراقي، الأسبوع الماضي، بشأن حقيقة وجود قواعد عسكرية للولايات المتحدة في العراق، وضع تصور مسبق لحدود الجولة الأخيرة من الحوار الاستراتيجي وما يمكن أن تسفر عنه من نتائج في هذا الإطار.
وتمارس القوى المسلحة المدعومة من إيران، منذ أكثر من عامين الضغط على حكومة الكاظمي عبر الهجمات الصاروخية، لإنهاء ملف الوجود العسكري الأمريكي في العراق.
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي سعد حمدان إن "الملامح الرئيسة لمخرجات الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي ظهرت بعد انطلاق الجولة الفنية اليوم، وهي متشابهة مع سابقتها من الحوارات الثلاث الماضية".
وخاض العراق ثلاث جولات سابقة من الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة منذ تسلم الكاظمي رئاسة الوزراء، وبدأت هذه الجولات في يوليو/تموز 2020 عبر الاتصال المرئي.
وتركزت أغلب الحوارات الرئيسية على تنظيم العلاقة بين بغداد وواشنطن، خاصة حول مصير القوات الأمريكية في العراق وتحديد طبيعة مهامها.
ويوضح حمدان في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "واشنطن تعرف جيداً بحجم الضغط الذي تواجهه حكومة الكاظمي من قبل الفصائل المسلحة والقوى السياسية التي توفر لها الإمداد والغطاء الشرعي، لذلك تحاول إيجاد منافذ ومخرجات لتهيئته لتلك المواجهة دون صدام وتعقيد".
ولكن تلك المعالجات الأمريكية لا تعني تنفيذ رغبات الفصائل المسلحة وطهران التي تقف وراءها، كما يقول حمدان، وإنما تركز في جوانبها على تفويت الفرصة على تلك القوى المناهضة لبناء الدولة، ونزع مبررات وجودها، ومن ثم إضعاف نفوذها.
وكان قيس الخزعلي، رئيس مليشيا "عصائب حزب الله" المقربة من إيران، قال في وقت سابق اليوم، إن "المفاوضات العراقية الأمريكية هي مجرد لقاءات صورية وليست حقيقية، وهي فقط لتغيير العناوين من قاعدة جوية أمريكية إلى قاعدة عراقية".
"وهم أفغانستان"
وقال بلينكن خلال مؤتمر صحفي اليوم، إن بلاده "تمضي قدما في شراكتها مع العراق على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة"، مبيناً أن "العلاقة مع بغداد أكبر بكثير من الحرب على تنظيم داعش".
هذه التصريحات يراها الخبير الاستراتيجي حسن العزاوي "فرصة ذهبية تقدمها الولايات المتحدة إلى العراق في وقت تتمنى الكثير من الدول أن تحظى بذلك الدعم".
ويضيف العزاوي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الولايات المتحدة تحاول التقدم في مسار المساعدة وبذل الجهود لتحقيق استقرار عراقي على كافة الأصعدة ولكنها لا تريد أن ترمي ثقلها بشكل أكبر كون الوضع في البلاد متحركا ومتعدد الولاءات والانتماءات المتعارضة".
ويتابع العزاوي أن الهجمات التي تستهدف عديد القوات الأمريكية في العراق والتحالف الدولي دفعت الولايات المتحدة للجلوس على التل في بعض الأحيان دون التدخل وإبداء المساعدة، حسب قوله.
من جهته، يقول المحلل السياسي أحمد الياسري إن "اغتيال قاسم سليماني عقد الوضع وغير من قواعد الاشتباك بين واشنطن وطهران، وهو ما انعكس بشكل جلي وواضح على المشهد العراقي وبزوغ ما يمكن تسميتها بالحرب الخفية".
ومنذ تلك الحادثة، كما يقول الياسري لـ"العين الإخبارية"، رفعت إيران شعار الانتقام من أمريكا وباتت ترى وجود الأخيرة في العراق تهديداً لأمنها القومي، وفي الوقت ذاته تحاول توفير الدعم للقوى السياسية القريبة من أجندتها بإضعاف نفوذ واشنطن عند ذلك المكان.
وتابع "أمريكا ليس لها قوات في العراق بذلك التهويل والتطبيل، وما تبقى من وجود عسكري للولايات المتحدة قائم في أغلبه على مهام تدريب ومشورة وإسناد جوي".
ومضى قائلا "لذلك، فإن الولايات المتحدة جادة في سحب عديد قواتها من العراق ضمن جدولة انسحاب خاضعة لتوقيتات معينة وخاضعة أيضا لحسابات القوى والتكتيك وطبيعة الصراع".
فيما يذهب الأكاديمي والمحلل السياسي حسن حمدان، إلى أبعد من ذلك، إذ يقول إن القوى المليشاوية تطمح وتطمع في تحقيق انسحاب أمريكي فوري من العراق، على طريقة أفغانستان"، مضيفا "هذه أضغاث أحلام لن تتحقق أبداً".
ويرى الياسري أن الحوار الاستراتيجي فرصة أخيرة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في استثمار مقبوليته من قبل الإدارة الأمريكية التي ترى فيه المقدرة على إزاحة المليشيات من منافذ القرار السياسي والسيادي في العراق.
من جانبه يقول المحلل السياسي، نجم القصاب، لـ"العين الإخبارية"، إن حكومة الكاظمي تمتلك النزعة الإصلاحية وهي تميل إلى التهدئة، ولكن هناك قوى معروفة ومشخصة سترفع مواقف الاعتراض على سياسات الكاظمي مهما كانت النتائج في الجولة الاستراتيجية".
aXA6IDE4LjIyMi4xNjYuMTI3IA== جزيرة ام اند امز