المجهول يحاصر إمبراطورية "بافيت".. هل يتقاعد حكيم أوماها؟
يترقب عالم المال والأعمال إقدام الملياردير الأمريكي وارن بافيت على التقاعد، ومدى تأثير تلك الخطوة على إمبراطورية "بيركشاير هاثاواي".
وارن بافيت هو واحد من أفضل المستثمرين في العصر الحديث، وُصف بحكيم ومعجزة مدينة أوماها الأمريكية، كونه صاحب فلسفة اقتصادية ملهمة تُعرف بـ"القيمة الاستثمارية" الطامحة لتملك الأسهم بالشركات الجيدة والمربحة؛ حيث اعتمد الذكاء الاقتصادي البعيد عن البذخ والإنفاق منطقًا وفكرًا اقتصاديًا في بناء إمبراطوريته.
لكن هل ينتهي إلهام وارن بافيت الذي يأتي بالمرتبة الخامسة على مؤشر بلومبرغ للمليارديرات بصافي ثروة يقدر بـ107 مليارات دولار حسب التحديث اللحظي للقائمة في 20 فبراير/شباط 2023، وتتبدد معجزته الاقتصادية مع تقاعده؟
إلهام "استثماري" لا ينتهي
وارن بافيت صاحب مقولة: "تتمثل الأفكار الأساسية للاستثمار في النظر إلى الأسهم على أنها تجارة، واستخدام تقلبات السوق لصالحك، والبحث عن هامش أمان. هذا ما علمنا إياه بنيامين جراهام. بعد مئة عام من الآن، ستظل هذه القواعد هي حجر أساس الاستثمار".
وفق تقرير صادر عن موقع أخبار الأعمال وتحليلات الأسواق "ماركت ووتش"، فإن إلهام الملياردير الأمريكي وارن بافيت، لا ينتهي، بل يمتد إلى المتقاعدين في كل مكان، فمنذ 27 عامًا، عندما بلغ ما يعرف بسن التقاعد الكامل في الولايات المتحدة المحدد بـ65 عامًا، تفوق سهم شركته "بيركشاير هاثاواي" على أداء مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 3.2% سنويًا.
هذا ما يجعل المستثمر البالغ من العمر 92 عامًا، متفوقًا على جميع مديري الأصول في وول ستريت تقريبا، بغض النظر عن أعمارهم، واستطاع "بافيت" إسكات النقاد في السنوات الأخيرة بعدما قالوا إنه "انتهى إلى الأبد".
وكان مستوى "ألفا" لثلاث سنوات (الذي يقيس عائد الشركة مقارنة بمؤشر الأسهم القياسي) الخاص بسهم "بيركشاير"، قرب أدنى مستوى له على الإطلاق عند سالب 12.3% في أوائل يناير/كانون الثاني 2022. ومنذ ذلك الحين، ارتد مؤشر "ألفا" لثلاث سنوات الخاص بشركة "بافيت" مرة أخرى بشكل مثير للإعجاب، وهو الآن في النطاق الموجب.
58 عامًا من سجل المؤشرات القوية
بحسب التقرير، سجل "بافيت" الطويل غني بمؤشرات الأداء القوي، فخلال 58 سنة حتى نهاية العام الماضي، تفوق سهم "بيركشاير هاثاواي" على مؤشر "إس آند بي 500" بمقدار 10 نقاط مئوية سنويا (مع تضمين الأرباح).
لذلك؛ يثيرعدم فقدان "بافيت" للمسته رغم تقدمه في العمر، قلق الكثير من المستثمرين الذين يخشون أنه بمجرد تقاعده، سيعاني سهم "بيركشاير هاثاواي".
مصير الإمبراطورية
ويأمل الكثيرون أن يستغل "بافيت" مناسبة خطابه السنوي لهذا العام، من أجل مناقشة متى يخطط لتسليم القيادة إلى "جريج أبيل"، خليفته المختار.
ويخشى هؤلاء أن العديد من المستثمرين "الخائفين" سيبيعون أسهمهم في "بيركشاير هاثاواي" إذا لم يعد "بافيت" على رأس الشركة، خاصة إذا حدث ذلك بشكل مفاجئ.
ومع ذلك، يرى آخرون أن البيع بدافع الخوف لن يكون مبررا، وقد يرغب المستثمرون الذين يتحلون بالجراءة في استغلال أي انخفاض في سهم الشركة في أعقاب تنحيه كفرصة لتعزيز رهانهم.
السبب في اعتقاد المستثمرين أن "بيركشاير هاثاواي" يمكن أن تؤدي أداءً جيدًا بعد تقاعد "بافيت"، هو اكتشاف خوارزمية انتقاء الأسهم التي أدت في الاختبارات أداء مماثلًا تمامًا للشركة.
قبل اكتشاف هذه الخوارزمية، كان أسلوب "بافيت" في اختيار الأسهم يبدو غامضا وبالتالي لا يمكن تكراره، حتى من قبل شخص محنك مثل "أبيل".
فيما نشر الباحثون الذين اكتشفوا هذه الخوارزمية، نتائج دراستهم تحت اسم "بافيت ألفا" عام 2018 في مجلة "فايننشال آناليست جورنال".
ورغم أن الخوارزمية معقدة، فإنها تفضل الأسهم ذات نسب السعر إلى القيمة الدفترية المنخفضة، والتي تظهر تقلبات أقل من المتوسط، والشركات التي تنمو أرباحها بوتيرة أعلى من المتوسط وتدفع جزءًا كبيرًا من أرباحها في صورة توزيعات.
ويشير وجود هذه الخوارزمية إلى أنه في المستقبل، ستكون الاحتمالات جيدة في أن يتمكن "أبيل" من القيام بذلك كما كان سيفعل "بافيت" لو ظل في منصبه.