رغم المخاطر.. الحرب الأوكرانية تنعش سوق اليورانيوم في أوروبا
يلقى قطاع اليورانيوم دعما أوروبيا كبيرا على خلفية أزمة الغلاء وأسعار الطاقة التي تضرب القارة العجوز منذ بداية حرب روسيا وأوكرانيا.
وقال تحليل نشره موقع "أويل برايس" إن قطاع اليورانيوم والطاقة النووية يشهد حالة من الازدهار والنهضة خاصة أن هناك تحولا ملموسا في دعم الطاقة النووية وسط التحول إلى الوقود المنخفض الكربون، وذلك لتعزيز أمن الطاقة بعد أزمة الطاقة العالمية التي أثارتها حرب أوكرانيا.
وأوضح التحليل أن هناك العشرات من الحكومات والهيئات المؤثرة التي كانت تعارض في السابق الطاقة النووية، أصبحت الآن تتبنى الطاقة النووية وتشيد بها علنا باعتبارها لاعبا ضروريا في جهود العالم لإزالة الكربون.
وبعد أن صوت حزب الخضر الفنلندي بأغلبية ساحقة في عام 2022 لتصنيف الطاقة النووية كشكل من أشكال الطاقة المستدامة، سرعان ما حذت الدول الأوروبية الأخرى حذوه، حيث دعمت بلجيكا وإسبانيا والسويد الطاقة النووية.
- الكنز المنهوب.. لعنة اليورانيوم تصيب النيجر
وكانت أسواق اليورانيوم قد شهدت في وقت سابق ارتفاع أسعار المعدن الهام بأكثر من 20% منذ بداية العام، وهو أفضل من أي معدن آخر وتجاوز 65 دولاراً للرطل للمرة الأولى منذ 12 عاماً.
وكان أداء الأدوات الاستثمارية القائمة على اليورانيوم وصناديق الاستثمار المتداولة أفضل حيث ارتفع صندوق جلوبال أكس يورانيوم بنسبة 29.2٪ منذ بداية العام حتى الآن كما ارتفع صندوق هوريزون جلوبال يورانيوم بنسبة 40.3٪ بينما صعد صندوق فان إيك لليورانيوم والطاقة النووية بنسبة 28.5٪ وصعدت ايضا أسهم شركات اليورانيوم أيضًا حيث ارتفع سهم شركة كاميكو 75.2% و سهم شركة يورانيوم انرجي بنسبة 40.1%.
نقص اليورانيوم
لكن أكبر محفز صعودي حتى الآن للمضاربين على صعود اليورانيوم كان نقص العرض في وقت يتزايد فيه الطلب، حيث انخفض إنتاج اليورانيوم العالمي بنسبة 25% من عام 2016 إلى عام 2020 وسط انخفاض الأسعار قبل أن ينتعش قليلاً إلى 49355 طناً مترياً في العام الماضي.
وأدى الانقلاب في مالي، التي تنتج حوالي 4% من الإجمالي العالمي، وانخفاض إنتاج كاميكو ، أكبر شركات العام في تجارة اليورانيوم، إلى تقييد العرض أيضًا ولا تزال الإمدادات العالمية مقيدة ويرجع ذلك أساسًا إلى سنوات من نقص الاستثمار في الإنتاج الجديد، واحتكار الكيانات المملوكة للدولة، ومخاطر النقل والشكوك الجيوسياسية.
وتوقعت الرابطة النووية العالمية، في تقريرها الأخير أن الطلب على اليورانيوم المستخدم في المفاعلات النووية سيرتفع بنسبة 28% بحلول عام 2030، و يتضاعف تقريبًا بحلول عام 2040، مع زيادة الحكومات لقدرات الطاقة النووية في محاولة لتحقيق أهداف خالية من الكربون.
وقال مايكل ألكين، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة ساتشيم كوف، لصحيفة وول ستريت جورنال إن سوق اليورانيوم لا يزال ضيقًا للغاية ومن المرجح أن ترتفع الأسعار حتى عام 2024.
ويشير ألكينز إنه يتوقع أن تبدأ الحكومات في تكثيف المحادثات لتحويل اليورانيوم وتخصيبه، من خلال المفاوضات الخاصة خلال فصل الخريف .
وقالت شركة كاميكو إنه لا يزال سوق اليورانيوم في "المراحل المبكرة نسبيًا حيث لا تزال متطلبات المرافق العامة لانتاج اليورانيوم مرتفعة، مشيرة الى أن الطلب المستدام على اليورانيوم هو الذي سيقود في النهاية خطط الإنتاج المستقبلية للشركة.
التكلفة والمخاطر السياسة
لكن تبقى بعض التحديات التي يجب التعامل معها. فعلى مر العقود، أصبح القطاع النووي سيئ السمعة بسبب التجاوزات الهائلة في تكاليف مشاريع اليورانيوم. ولسوء الحظ، لا يبدو أن مديري المشاريع والمخططين الماليين أقرب إلى حل هذه المعضلة في عصر الذكاء الاصطناعي الذي نعيشه .
ولم ترتفع تكلفة بناء محطات نووية جديدة بشكل كبير في السنوات الأخيرة فحسب، بل إن المحطات قيد الإنشاء حاليًا تتجاوز تقديرات التكلفة بشكل كبير.
وتشير التقديرات الآن إلى أن محطة كبيرة بقدرة 3200 ميجاوات من المقرر بناؤها في جنوب غرب إنجلترا من قبل شركة اي دي اف الفرنسية تبلغ تكلفتها حوالي 40 مليار دولار، أو 30٪ أعلى من التقدير الأولي.
والمشاريع الصغيرة ليست محصنة ضد هذه المشكلة أيضًا حيث شهدت محطة التابعة لشركة نيوسكال باور قيد الإنشاء بقدرة 462 ميجاوات زيادة في تقديرات التكلفة من 58 دولارًا لكل ميجاوات في الساعة في عام 2021 إلى 89 دولارًا لكل ميجاوات في الساعة في عام 2023، وهي قفزة تزيد عن 50٪ خلال عامين فقط.
وقد يؤدي وقوع حادث نووي كبير آخر، مثل حادث فوكوشيما، إلى تعكير صفو المشاعر العامة بسرعة، بل وربما يفرض تحولاً في السياسات.
aXA6IDMuMTQ1LjY4LjE2NyA= جزيرة ام اند امز