واشنطن في أفريقيا.. هل يُخمد الحكم الرشيد "أزيز" الإرهاب؟
فشل سياسة أمريكا في مكافحة الإرهاب بأفريقيا يستدعي التفكير ببديل يرتكز على معالجة الإشكال الأساسي عبر الاستثمار في الحكم الرشيد.
هكذا لخصت نائبة أمريكية حملة مكافحة الإرهاب الأمريكية في أفريقيا، معتبرة أنها لا تجدي نفعا منذ عقود.
جاء ذلك في مقال منشور بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، لسارة جاكوبس، النائبة عن الدائرة 53 للكونغرس في كاليفورنيا والعضو باللجنة الفرعية التابعة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي والمعنية بأفريقيا والصحة العالمية وحقوق الإنسان العالمية.
وقالت جاكوبس، في مقالها، إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ضخا مليارات الدولارات لمكافحة الإرهاب في القارة، وكانت النتائج غير مشجعة؛ حيث ازداد عنف المتطرفين بنسبة 300 % خلال العقد الماضي، وتضاعفت أحداث العنف منذ عام 2019.
وأضافت أنه في الوقت الذي يعقد فيه البيت الأبيض أول قمة للقادة من الولايات المتحدة وأفريقيا منذ عام 2014، ويطبق استراتيجيته التي كشف عنها مؤخرا، لا يوجد وقت أفضل لإعادة التفكير في نهج واشنطن الفاشل على القارة، واستبداله بخطة تتناول المشكلة الأساسية وتركز على الاستثمار في الحكم الرشيد.
وجمعت النائبة الأمريكية بحثا استقرائيا عن العوامل التي ساهمت في التطرف العنيف، ووجدت أن انتهاكات قوات الأمن والانتهاكات الحقوقية بعض من أكبر الدوافع في ذلك.
ومع ذلك، بحسب قولها، قام المجتمع الدولي، بما فيه واشنطن، بتدريب وتجهيز والشراكة مع تلك القوات في شتى أنحاء أفريقيا، والتي ارتكبت انتهاكات حقوقية أثناء عمليات مكافحة الإرهاب.
الحوكمة
والمفارقة تكمن في أن تلك الشراكات لا تنعكس بشكل سيئ على أمريكا وتضر بمصداقيتها بالقارة فحسب، بل تؤجج أيضا التطرف العنيف الذي ترمي واشنطن إلى مكافحته.
وقالت النائبة الأمريكية إن سوء الحكم – بالإضافة إلى العزلة والمرارة التي يعززها – محفز رئيسي للتطرف العنيف في أفريقيا وحول العالم، مشيرًة إلى أنه حيثما يتعرض المواطنون للتهميش، وتكون الخدمات الحكومية محدودة، والفساد مستشري، يمكن للتطرف أن يتجذر بسهولة.
وكما دفع آخرون، فإن حالة "افتراس الدولة" وانعدام الأمن الذي يولده يسمح "للجماعات المتطرفة العنيفة بالتواصل مع المواطنين اليائسين".
وهذا العام، تتابع، وبالرغم من عدم وجود تحسن ملحوظ في احترام الحكومة النيجيرية لحقوق الإنسان، وافقت الولايات المتحدة على صفقة بيع أسلحة بحوالي مليار دولار إلى الجيش النيجيري.
وفي الصومال، اعتبرت أن الاستراتيجية الأمريكية لا تزال تتركز على الجانب العسكري رغم عدم وجود أدلة تذكرة على أنها تغير المسار ضد تمرد حركة الشباب وفي مواجهة العدد القياسي للضحايا المدنيين جراء الغارات الجوية الأمريكية.
كما تواصل واشنطن تقديم المساعدات الأمنية إلى الجيش الكاميروني بالرغم من انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان، بحسب المصدر نفسه.
استراتيجية جديدة
وأشارت النائبة الأمريكية إلى أن العنف في كل تلك الدول ازداد فقط منذ بداية الدعم الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب، وأمام تلك الإخفاقات، من الواضح أنه آن الآوان لاستراتيجية جديدة تركز على الحكم الرشيد وليس السلاح.
وخلصت دراسة صادرة عام 2017 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أن التصدي للصراعات وتقليص مخاطر وحالات التطرف العنيف والإرهاب تتطلب التركيز على الحكم والاستثمار فيه.
وأوضحت جاكوبس أن تحقيق الحكم الرشيد يعني بناء الثقة بين الدولة والمجتمعات المهمشة، وإعطاء الأولوية لمساءلة الدولة والتصدي للفساد، وضمان العدالة في قطاع الأمن.
ولفتت إلى أنه عندما يشعر المواطنون بالمساواة في الفرص وأنهم على قدم المساواة أمام القانون، فمن غير المرجح أن ينظروا إلى الحكومة سلبيا أو يتجهون إلى التطرف العنيف في محاولة لتغيير الوضع.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة بحاجة لإعطاء الأولوية لتحسين الحكم، باستخدام الدبلوماسية والحوافز، والتأكد من أن الإجراءات الأمريكية - والدولار - توضح أن هذه هي الأولوية.
ورأت جاكوبس أن القوة الحقيقية للولايات المتحدة تأتي من قدرتها على بناء تحالفات دولية تحقق أهدافها، والعامل الرئيسي في ذلك الحفاظ على صورة أمريكا كمدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTUwIA==
جزيرة ام اند امز