الكونغرس.. هنا يضبط الأمريكيون مستقبل الرئيس
مع أن الأنظار تنصب على سباق البيت الأبيض، إلا أن العديد من الأمريكيين يرون أن معركة الكونغرس لا تقل أهمية عن الماراثون الرئاسي.
وبينما تتسلّط كل الأضواء على السباق الرئاسي ستحدد مئات دوائر الكونغرس في أنحاء البلاد إن كان الرئيس المقبل سيحصل على حكومة موحّدة مكرسة لتطبيق أجندته، أم أن سياساته ستصطدم بطريق بيروقراطي مسدود.
وقالت كورين فريمان من "ائتلاف المستقبل"، منظمة تدعم الناشطين الشباب في أنحاء البلاد، إن "انتخابات الكونغرس بأهمية السباق الرئاسي، نظرا إلى أن الكونغرس يضع ويمرر القوانين التي تؤثر مباشرة على حياة الناس".
وأضافت أن "على العامة بأن ينتبهوا جيدا نظرا إلى أن الكونغرس يحدد التوجّه في مسائل رئيسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم وسياسة المناخ، إذ إن لديه عادة تأثيرا مباشرا أكثر من القرارات الرئاسية".
والكابيتول الأمريكي -الذي يعد قلعة الديمقراطية والمطل على متنزه "ناشونال مول"- منقسم بين مجلس النواب، حيث يجري الاقتراع على جميع مقاعده البالغ عددها 435 ومجلس الشيوخ المكوّن من 100 مقعد، يجري الاقتراع على 34 منها.
ويتولى المجلسان صياغة القوانين والإشراف على باقي فروع الحكومة، لكنهما يحملان أهمية بالغة جدا بالنسبة للشؤون الدولية، إذ يحددان ميزانية الدفاع وينظّمان التجارة والرسوم الجمركية ويخصصان المساعدات للخارج.
نتائج متقاربة جدا
في آخر مرة كان المرشح الجمهوري دونالد ترامب في السلطة منعه الكونغرس من المضي قدما في خفض موازنة وزارة الخارجية وإلغاء برنامج "أوباماكير" للتأمين الصحي، ويمكن للنواب أن يقفوا في طريقه مجددا إذا عاد إلى المكتب البيضاوي.
وتعد فرص الحزبين الساعيين للسيطرة على الكونغرس متقاربة للغاية قبل شهر من موعد الانتخابات في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتبدو السيطرة على مجلس النواب غير محسومة، إذ يرجّح بأن ينتقل مجلس الشيوخ بفارق ضئيل للغاية إلى الجمهوريين، نظرا إلى خارطة الانتخابات الصعبة التي يواجهها الديمقراطيون.
ويحظي حزب كامالا هاريس، منافسة ترامب في الانتخابات الرئاسية، بأغلبية في مجلس الشيوخ بمقعد واحد فقط، لكنه يدافع عن نحو ثلث المقاعد التي يجري الاقتراع عليها.
وبعض هذه المقاعد في ولايات هيمن فيها ترامب مرّتين، وخمسة في ولايات متأرجحة حيث لا يخشى الناخبون من تبديل ولاءاتهم لأي الحزبين عندما يحل موعد الانتخابات.
ويبدأ الديمقراطيون في مجلس الشيوخ ليلة الانتخابات بعجز تلقائي بمقعد، إذ لا فرصة لديهم للاحتفاظ بمقعد المعتدل المتقاعد جو مانتشين في غرب فيرجينيا، إحدى الولايات الأشد تأييدا لترامب.
ويأمل الديمقراطيون بموازنة أي خسائر عبر إطاحة ريك سكوت عن فلوريدا الذي تراجعت صدارته بأربع نقاط، أو تيد كروز المتقدّم بخمس نقاط فقط الذي يواجه خطر إلغاء سيطرة حزبه المتواصلة منذ نحو ثلاثة عقود على تكساس.
ثلاثية؟
ويراهن الديمقراطيون على حشد استفتاء بشأن الإجهاض التأييد لهم في فلوريدا، على الرغم من أن الغضب بشأن القيود التي قادها الجمهوريون على الرعاية الصحية المرتبطة بالإنجاب لم تؤثر على التأييد للحزب في الولاية بانتخابات منتصف المدة الرئاسية عام 2022.
وقالت فريمان بينما تتوقع أن ينجح الجمهوريون في السيطرة على مجلس الشيوخ، وأن تكون نتائج المعركة من أجل مجلس النواب متقاربة للغاية، فإن "ثلاثية" ديمقراطية تتمثّل بالسيطرة على الكونغرس كاملا والبيت الأبيض ما زالت ممكنة.
وتعد انتخابات مجلس النواب انعكاسا أكثر مصداقية للمزاج السياسي السائد في الولايات المتحدة من انتخابات مجلس الشيوخ، إذ يتم تغيير النواب كل عامين بينما لا يجري الاقتراع على مقاعد مجلس الشيوخ إلا كل ست سنوات.
وسحق الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الجمهوريين في جمع الأموال، وطرحوا ما يكفي من مقاعد مجلس النواب للانتخابات لمنح أنفسهم فرصة جيدة لتغيير المعادلة مع سيطرتهم حاليا على 212 مقعدا مقابل 220 للجمهوريين، مع وجود ثلاثة مقاعد فارغة.
كما تمكنوا من الترويج للإنجازات التي حققوها في جولات انتخابية أخرى، عبر الإشارة إلى أن الولاية الأخيرة في مجلس النواب بقيادة الجمهوريين والتي تخللتها خلافات داخلية، كانت من بين الأكثر فشلا والأقل إنتاجا في تاريخه على مدى 235 عاما.
وقال أستاذ السياسة في "جامعة تكساس المسيحية" كيث غادي إن الديمقراطيين قادرون على السيطرة على مجلس النواب، لكنه لا يراهن على أن الحزب سيحقق إمكاناته.
وأفاد فرانس برس بأن "الحقيقة هي بأن أي شيء يمكن أن يحدث فيما يتعلّق بالسيطرة".
وأضاف "لن نعرف حقا إلى حين انتهاء التصويت وفترة النزاعات القضائية، لأن التقاضي آخر مرحلة في أي انتخابات في هذه الأيام".