الانتخابات الأمريكية.. مفاجآت أكتوبر وحظوظ المرشحين
شهرٌ حافلٌ بمفاجآت وتحولات تسبق انتخابات أمريكا، لكن السؤال هو ما إذا كانت أزمات الداخل والخارج قادرة على كسر التعادل بين ترامب وهاريس.
فقبل شهر على الانتخابات الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يواجه البيت الأبيض ثلاثة تحديات قد تهدد آمال نائبة الرئيس كامالا هاريس، وتقدم فرصة لإنعاش المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ووفق تحليل طالعته "العين الإخبارية" في شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تواجه احتمالية الانجراف إلى حريق في الشرق الأوسط، وقد يؤثر إضراب عمال الموانئ على المستهلكين المنهكين من التضخم، وتتصاعد الضغوط السياسية نتيجة تداعيات إعصار هيلين.
وأمس الأربعاء، تعرض ترامب لصدمة بسبب الكشف عن وثيقة مكونة من 165 صفحة يقدم فيها المستشار الخاص جاك سميث الصورة الكاملة في قضية التدخل في انتخابات 2020.
وقال سميث إن ترامب"استخدم على نطاق واسع جهات فاعلة لمحاولة قلب نتائج الانتخابات".
وفي أحد أكثر أجزاء الملف إدانة- بحسب سي إن إن-، لفت سميث إلى أن لديه أدلة تُظهر أن ترامب أخبر أفراد الأسرة خلال تلك الفترة: "لا يهم إذا فزت أو خسرت الانتخابات. لا يزال عليك القتال مثل الجحيم".
غير أن أحد أكثر الجوانب المحيرة في انتخابات 2024، هو أن الرئيس السابق المتهم بمحاولة الإطاحة بالانتخابات السابقة لديه "فرصة متساوية للفوز بهذا السباق".
وفي حين يبدو الناخبون الجمهوريون على استعداد لتصديق رواية ترامب، إلا أنه لا يزال من غير الواضح مدى تأثير الأحداث التي وقعت قبل أربع سنوات على عقول الناخبين في الولايات المتأرجحة وإلى أي مدى، إن كان هناك أي تأثير، ستشكل وثيقة سميث غير المختومة السباق.
كوارث طبيعية وسياسية واقتصادية
أما بالنسبة لهاريس، قد تكمن أكبر نقاط الضعف في أن الوضع الطبيعي بعد جائحة كورونا، الذي تعهد جو بايدن باستعادته في عام 2020 لم يتحقق بعد، وفق سي إن إن.
كما أن الحرب التي لطالما خشيت الولايات المتحدة وقوعها بين إيران وإسرائيل قد تجبرها على مواجهة طهران بعد أكثر من أربعة عقود من العداء بالوكالة وتضع الأمريكيين في طريق الأذى.
فضلا عن أن أي أزمة طاقة جديدة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز وتحطم أوراق اعتماد هاريس الاقتصادية.
وفي الوقت نفسه، يعد إعصار هيلين ثاني أعنف إعصار يضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة في السنوات الخمسين الماضية، بعد كاترينا في عام 2005، والذي أصبح رمزا لكيفية تسبب الكوارث الطبيعية التي يتم إدارتها بشكل سيئ في حدوث كوارث سياسية.
التوتر في الشرق الأوسط
وقد يكون التوتر الحاصل حاليا في الشرق الأوسط أكثر إزعاجا للمشهد الانتخابي في الولايات المتحدة، وهو المنطقة التي حيرت الرؤساء الأمريكيين لعقود من الزمن.
ففي أعقاب الهجوم البري الإسرائيلي في لبنان ومقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، كانت المنطقة على حافة السكين بشكل أكبر بعد أشهر من حرب غزة والتي أعقبت هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقبل يومين، ساعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها في صد هجوم الصواريخ الباليستية الإيرانية على إسرائيل، لكن الاهتمام تحول الآن إلى رد تل أبيب في أعقاب تحذير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لطهران من أن لا مكان بعيد عن متناول قوات بلاده.
وأثار نتنياهو توقعات تصعيد آخر بتحذيره من أن إيران ارتكبت "خطأ كبيرا" بهجماتها الانتقامية و"ستدفع ثمن ذلك".
لكن بايدن اتخذ يوم الأربعاء خطوة غير عادية للغاية بتحذير إسرائيل علنا من أي محاولة لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وعندما سئل عن مثل هذه العملية المحتملة، قال "الإجابة هي لا"، وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستناقش مع الإسرائيليين كيفية ردهم.
لكن مشكلة بايدن- بحسب سي إن إن- هي أن نتنياهو اعتاد تجاهل المخاوف الأمريكية بشأن أفعاله في غزة ولبنان. وقد أضر هذا بسلطة الإدارة الأمريكية.
إضراب الموانئ والفوضى الاقتصادية
إن إضراب ما يقرب من 50 ألف عضو في رابطة عمال الموانئ الدولية، وخاصة موانئ الساحل الشرقي وخليج المكسيك يعيق تدفق الواردات والصادرات الأمريكية.
وإذا تعطلت هذه المرافق الحيوية، تقول "سي إن إن" إن المصانع الأمريكية قد تتوقف، وقد يتسبب نقص السلع بالتجزئة في ارتفاع الأسعار مما يذكر الأمريكيين بأسوأ أزمة تضخم ألقى ترامب باللوم فيها على بايدن وهاريس.
حجة ترامب
وأمس الثلاثاء، كتب ترامب على منصته Truth Social: "انظر إلى العالم اليوم - انظر إلى الصواريخ التي تحلق الآن في الشرق الأوسط، انظر إلى ما يحدث مع روسيا / أوكرانيا، انظر إلى التضخم الذي يدمر العالم. لم يحدث أي من هذا أثناء رئاستي!".
وفي هذا السياق، لفتت "سي إن إن" إلى أن حجة ترامب هذه، تتجاهل الفوضى اليومية التي اندلعت عندما كان في منصبه.
وأشارت إلى أن كل المشاكل التي تلوح في الأفق بشأن سباق البيت الأبيض مؤهلة للمفاجآت في أكتوبر.
ومع ذلك، يصعب تقييم تأثيرها لأن العديد من التقلبات في هذه الحملة لم يكن لها تأثير حاسم بعد.
فعلى سبيل المثال، أدين ترامب بارتكاب جريمة ونجا من محاولتي اغتيال. كما تخلى الرئيس الحالي الذي ترشح لإعادة انتخابه عن حملته الانتخابية قبل بضعة أشهر من يوم السباق.
ومع ذلك، بعد مناظرة نائب الرئيس ليلة الثلاثاء، لم تعد هناك مناسبات محددة مجدولة تقدم احتمال حدوث تحول كبير في الحملة. وهذا يعني أن التعامل بفعالية مع الأزمات التي تنشأ قد يصبح أكثر أهمية.
ومن الناحية النظرية، قد يكتسب أي تطور أهمية كبيرة بين مئات الآلاف من الناخبين في عدد من الولايات المتأرجحة التي ستقرر هذه الانتخابات.
وتتمتع هاريس بتقدم ضئيل في بعض استطلاعات الرأي، لكن معظم الاستطلاعات في الولايات المتأرجحة لا تظهر أي قائد واضح وهامش ضمن أخطاء العينة.
ومؤخرا، قالت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إن هاريس وترامب يخوضان تنافسا متقاربا في الولايات الرئيسية التي قد تحدد مسار السباق.
aXA6IDMuMjEuMjQ4LjEwNSA= جزيرة ام اند امز