«الأوروبيون لا يحتفلون مبكراً».. ترقب لمفاوضات اسكتلندا وحيل ترامب

تسافر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى اسكتلندا، غداً الأحد، لعقد اجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتعزز الزيارة الآمال في إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ورغم ذلك، يتعامل المسؤولون الأوروبيون بحذر، نظراً لتجارب سابقة تراجع فيها ترامب عن اتفاقات في اللحظات الأخيرة.
وفقاً لتحليل نشرته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، تعلّم الأوروبيون عدم الاحتفال مبكرًا. وقال أحد الدبلوماسيين: "لا شيء يُتفق عليه حتى يتم الاتفاق على كل شيء"، وأضاف آخر: "الجميع متوتر للغاية." يعود هذا الحذر إلى أسلوب ترامب التفاوضي، الذي يتميز بالعشوائية والتغييرات المفاجئة، واعتماده على العلاقات الشخصية.
ويأتي الاجتماع المرتقب بين فون دير لاين وترامب قبل فرض رسوم أمريكية جديدة في الأول من أغسطس/آب، لكن مسؤولي الاتحاد لا يعولون عليه كثيراً.
"أسلوب محبط"
ووفقا للتحليل، فإن أسلوب ترامب لطالما سبب إحباطًا للمسؤولين الأوروبيين، إذ يفضل الاتفاقات الثنائية التي تمنحه قوة ضغط مباشرة، على عكس آلية الاتحاد الأوروبي المعقدة التي تتطلب موافقة 27 دولة. هذا التباين أدى إلى تعثر المفاوضات مراراً، حيث استغرقت أشهرًا لصياغة اتفاقيات رفضها ترامب لاحقاً أو أعيد التفاوض عليها من قبل بعض الدول الأعضاء.
وفي أثناء وجوده في اسكتلندا، حيث كان يقضي عطلة نهاية أسبوع في ملعب الغولف، قال ترامب إنه متفائل "بنسبة 50%"، لكنه لم يوضح القضايا العالقة، مكتفياً بالإشارة إلى وجود "نحو 20 نقطة خلافية."
ويُعرف ترامب بانتقاداته المستمرة للاتحاد الأوروبي، وادعائه أن التكتل "أُسس لخداع الولايات المتحدة." ومع ذلك، يسعى البيت الأبيض إلى صفقات فردية مع دول مثل ألمانيا، التي تأثر قطاعها الصناعي بسبب الرسوم الأمريكية على السيارات. لكن القوانين الأوروبية تمنح المفوضية فقط حق التفاوض، ما يعقد الوصول إلى اتفاق.
من جهته، وصف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في وقت سابق الاتحاد بأنه يواجه "مشكلة في اتخاذ القرار الجماعي"، نظراً لتباين الأولويات بين دول مثل ألمانيا وفرنسا. ففي حين يدفع المستشار الألماني فريدريش ميرتس نحو تخفيف الأعباء على قطاع السيارات، يدعو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى موقف أكثر صرامة وفرض رسوم انتقامية من خلال "أداة مكافحة الإكراه."
ورغم الخلافات، التقى ميرتس وماكرون في برلين قبل أيام وأعلنا التزامهما بموقف موحد، فيما أقر الاتحاد خطة لفرض رسوم بقيمة 109 مليارات دولار على سلع أمريكية إذا فشلت المحادثات.
من أكبر التحديات التي تواجه الاتفاق المحتمل هو تدخل ترامب المفاجئ. ففي مفاوضات سابقة، مثل تلك مع فيتنام، أضاف شروطاً جديدة في اللحظة الأخيرة، مما أجبر الشركاء على التراجع أو إعادة التفاوض. هذا الأسلوب يناسب الاتفاقات الثنائية لكنه يعرقل الاتحاد الأوروبي، حيث لا تملك فون دير لاين صلاحية تقديم تنازلات دون موافقة الدول الأعضاء.
مرونة مقيدة
من جانبه، اعتبر المفاوض الأمريكي السابق دانيال مولاني إن المفوضية تملك بعض المرونة، "لكن إذا طُرح شيء لم يُتشاور بشأنه، فقد يكون الأمر معقداً". وتناقش الأطراف حالياً صفقة تشمل فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على السلع الأوروبية، وتقليص الرسوم على السيارات من 25% إلى 15%. ولا تزال قضية الفولاذ والألمنيوم عالقة، إذ وصف ترامب الرسوم الحالية البالغة 50% بأنها "غير قابلة للتخفيض."
وكان اتفاق سابق في يوليو/تموز قد فشل بعد أن وصفه ترامب بـ"البيروقراطي" ولا يحتوي على "انتصارات كافية." وأكد مسؤول في البيت الأبيض أن الرئيس هو صاحب القرار النهائي.
ولجأ قادة عالميون إلى عقد لقاءات مباشرة مع ترامب، كما يفعل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي يزور اسكتلندا أيضًا هذا الأسبوع لإنهاء اتفاق بشأن الصلب والألمنيوم. وقال أحد مستشاريه إن "الزيارة فرصة لبناء علاقة شخصية مع ترامب."
ويصر ترامب على أن أي اتفاق يجب أن يفتح الأسواق أمام السلع الأمريكية. وزعم أن دولاً مثل إندونيسيا وفيتنام ستلغي جميع الرسوم، وهي تصريحات نفتها هذه الدول. بالمقابل، أعلن عن اتفاق مع اليابان لتقليل الحواجز الجمركية وزيادة استيراد المنتجات الزراعية الأمريكية.
ورغم الشكوك، عبّر ترامب عن تفاؤل أكبر من ذي قبل، قائلاً: "كنت أعتقد أن فرصنا مع اليابان لا تتعدى 25%، لكننا أبرمنا اتفاقاً." والسؤال المطروح: هل يسلك الاتحاد الأوروبي الطريق ذاته؟
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjA4IA== جزيرة ام اند امز