شبح الركود يخيم على اقتصاد أمريكا.. رسوم ترامب تقود للمجهول

يتوقع أن يعاني النمو الأمريكي من أول الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا سيما ما يتعلق منها بالرسوم الجمركية، الأمر الذي قد يغذي التضخم ويؤدي إلى تراجع الاستهلاك على ما يحذر خبراء.
يضاف إلى ذلك عدم وضوح الرؤية حول تطور هذه الرسوم التي أعلنت مطلع فبراير/شباط وتشمل كندا والمكسيك والصين، ودخلت حيز التنفيذ الثلاثاء والتي قد يعاد النظر في جزء منها على الأقل اعتبارا من الأربعاء وفق مؤشرات صادرة عن وزير التجارة هاورد لوتنيك.
وقد أشعلت الرسوم التي فرضها ترامب بنسبة 25% على السلع الكندية والمكسيكة و20% على المنتجات الصينية وتضاف إلى الرسوم المفروضة أصلا، الحرب التجارية مجددا مثيرة إجراءات رد من جانب أوتاوا وبكين في حين تتريث المكسيك حتى الآن.
إلا أن تبعات هذا الإجراء باتت تظهر على الاقتصاد الأمريكي، وفقا لوكالة "فرانس برس". فإلى جانب التراجع الكبير في بورصة وول ستريت في الجلستين الأخيرتين، تنخفض مؤشرات ثقة المستهلكين فيما بدأ الصناعيون يظهرون مؤشرات تردد، لافتين خصوصا الى الرسوم الجمركية كمصدر قلق.
والأسوأ من ذلك أن مؤشر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا يظهر خطر تسجيل الاقتصاد الأمريكي ركودا في الربع الأول في حين كان سجل نموا بنسبة 2.3% بمعدل سنوي في الربع الأخير من 2024.
وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة التأمين "نايشن وايد" كاثي بوستياتيشك لوكالة فرانس برس "تشكل الرسوم الجمركية صدمة تؤثر على الإنتاج وتزيد الأسعار".
وأوضحت أن الرسوم الجمركية المفروضة في حال الإبقاء عليها طوال السنة، قد تؤدي إلى تراجع النمو الأمريكي بنقطة مئوية وإلى ارتفاع بنسبة 0.6 نقطة مئوية في التضخم الذي يبلغ راهنا 2.5% بمعدل سنوي على ما يظهر مؤشر "بي سي إي" الأكثر اعتمادا من جانب الاحتياطي الفدرالي.
زيادة في أسعار السلع
ويفسر حجم كميات السلع المعنية بالرسوم الجمركية الجديدة هذا التأثير الكبير. ففي حين شملت الرسوم الجمركية التي فرضت خلال ولاية ترامب الأولى سلعا بقيمة 380 مليار دولار غالبيتها صينية، فإن الرسوم الجديدة قد يصل مجموعها إلى 1400 مليار دولار وفق "تاكس فاونديشن".
ويتوقع أن يكون التأثير على أسعار السلع سريعا ولا سيما المنتجات الباهظة مثل السيارات التي تمتد سلسلة إنتاجها على الدول الثلاث الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وتوقع صاحب شركة أمريكية لبيع السيارات في مقابلة مع محطة "فوكس نيوز" أن يرتفع سعر سياراته بمعدل 20 ألف دولار.
ويستعد القطاع العقاري أيضا لتلقي صدمة وخصوصا أن نصف الخشب المستخدم في البناء في الولايات المتحدة كان مصدره كندا في 2021. وقد تعمد أوتاوا الى فرض رسوم جمركية بنسبة 50% في الأسابيع المقبلة.
وقالت ديان سوونك كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "اكي بي ام جي" في تصريح لوكالة فرانس برس "قد لا تتمكن بعض الشركات من الاحتفاظ باليد العاملة الحالية".
وما يزيد الوضع حساسية أنه خلافا لولاية ترامب الأولى، بات شركاء الولايات المتحدة التجاريون أكثر استعدادا وسيستهدفون "نقاط ضعف" الاقتصاد الأمريكي بحسب قولها.
كيف سترد الدول على الرسوم؟
وتوقعت سوونك "أن (هذه الدول) قد تتحرك بطريقة تبطئ سلاسل الإمداد ما قد يزيد من التضخم" مع نهج "استراتيجي أكثر" من ذلك الذي تعتمده الولايات المتحدة و"يطال خصوصا بعض القطاعات التي لها تأثير سياسي أقوى".
ويعني ذلك خصوصا استهداف اقتصاد الولايات التي يهيمن عليها الجمهوريون سياسيا.
وقد تكون المنتجات الزراعية التي سبق للصين أن استهدفتها في 2019، أولى ضحايا إجراءات الرد على ما يرى زيندونغ جانغ الاستاذ في جامعة كورنيل ما قد يرغم الحكومة الفيدرالية على إعادة تفعيل الدعم لهذا القطاع.
خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى، تجاوزت كلفة هذا الدعم العائدات الناجمة عن الرسوم الجمركية.
وأعلنت الصين رسوما جمركية بنسبة 10 و15% على مجموعة من السلع الزراعية الأمريكية فيما لم تخف كندا أن هذه المنتجات ستكوى الأولى المستهدفة.
ويرى خبراء اقتصاد أن خفض الضرائب وإزالة الضوابط التنظيمية قد يعوضان جزئيا تأثير الرسوم الجمركية على النمو.
لكن الاقتصاد الأمريكي يستعد للأسوأ على الفور ويتابع المحللون المؤشرات من كثب.
ورأى خبراء الاقتصاد لدى "بانثيون ماكرواكونوميكس" على سبيل المثال أن "بيانات العمالة في فبراير/شباط المتوقعة الجمعة "ستعطي فكرة أخيرة عن وضع سوق العمل قبل الانهيار السريع في ثقة الشركات بسبب الرسوم الجمركية.
aXA6IDMuMTQwLjE5OC4yMTQg
جزيرة ام اند امز