الاستخبارات الأمريكية و7 أكتوبر.. هل عالجت المادة 702 النقاط العمياء؟
اشتعال شرارة حرب غزة بهجوم حماس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل، فاجأ الاستخبارات الأمريكية، مما دفعها للعدول عن سياستها التي كانت لا تتقاطع مع القطاع أو حركة حماس.
فلعقود من الزمان، اختارت الإدارات الأمريكية عدم منح الأولوية لجمع المعلومات الاستخباراتية حول غزة وحركة حماس، إلا أنه بعد هجوم حماس، زادت الاستخبارات الأمريكية من جمع المعلومات في قطاع غزة، محاولة فهم الديناميكيات السياسية الداخلية للحركة الفلسطينية وما إذا كانت مستعدة لاتفاق وقف إطلاق النار وفهم التطلعات طويلة الأجل للحركة في غزة.
ورغم التحسن في ذلك الملف عقب 7 أكتوبر، إلا أن عاما واحدا لا يكفي لتعويض النقص السابق، وفقا لما ذكره مسؤولو استخبارات حاليين وسابقين لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية.
وقال نورمان رول، مدير الاستخبارات الوطنية السابق لإيران والمستشار الأول لمشروع مكافحة التطرف إن «مجتمع الاستخبارات واسع، لكن عدد الأولويات المخصصة لموظفيه كبير أيضا».
وفي إحاطات للكونغرس، أعرب مسؤولو الاستخبارات عن ذهولهم من هجوم حماس الذي يتطلب شهورا وربما سنوات من التخطيط، ولم يكن لديهم إجابات مريحة للمشرعين، حيث اعتمدت الولايات المتحدة بدرجة كبيرة على إسرائيل للحصول على معلومات داخلية عن غزة.
وكشف الهجوم عن فجوة كبيرة داخل الاستخبارات الأمريكية بشأن غزة وحماس، مما دفع باتجاه تكثيف جمع المعلومات وتحليلها حول الوضع في القطاع، وهو ما قامت به الاستخبارات الأمريكية على مدار العام الماضي.
ونشرت الاستخبارات الأمريكية مسيرات وأقمارا اصطناعية وغيرها من أدوات المراقبة مثل بعض أجهزة الرادار، بهدف فهم التكتيكات العسكرية لحماس بشكل أفضل، في تطورات ساعدت إسرائيل في تحديد مواقع حماس بغزة.
ومع ذلك، لم تملأ هذه الجهود سوى جزء من فراغ المعلومات حول المنطقة. ويقول المسؤولون والمشرعون الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم إن صناع السياسات في واشنطن، بما في ذلك في مجلس الأمن القومي، اعتبروا الصراعات الأخرى حول العالم ذات أولوية أكبر، في الأشهر التي أعقبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد تجعل الثغرات في المعلومات الاستخباراتية حول غزة من الصعب على البيت الأبيض إيجاد الصيغة الصحيحة لاتفاق وقف إطلاق النار.
النقاط العمياء
ومن غير الواضح بالضبط ما هي النقاط العمياء للولايات المتحدة، لكنّ إدارة بايدن زعمت عدة مرات أن حماس وافقت على مقترح واشنطن قبل أن تعلن الحركة رفضها له وهو ما تكرر أيضا مع إسرائيل.
وقال ميكي بيرجمان، الخبير في مفاوضات الرهائن الدوليين والرئيس التنفيذي لشركة غلوبال ريتش، وهي منظمة غير ربحية تعمل على إطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين في الخارج: «عندما يتعلق الأمر بحماس.. إذا أخطأنا في تقدير كيفية تفاوضهم وهذا ما نفعله، فإننا ننتهي إلى صيغ غير متطابقة».
وإذا لم يتم التوصل قريبا إلى اتفاق وقف إطلاق النار، فإن المعلومات الاستخباراتية حول الأعمال الداخلية لحماس ستكون ضرورية أيضًا لمعرفة متى تضعف الحركة للدرجة التي تمكن الولايات المتحدة وإسرائيل من إعلان الانتصار في الحرب.
وقال مسؤولون وضباط استخباراتيون أمريكيون كبار سابقون، إن الولايات المتحدة بدأت منذ أواخر التسعينات الاعتماد بشكل كبير على الإسرائيليين للحصول على معلومات استخباراتية عن غزة وحماس.
ومنذ ذلك الوقت، كان هناك وحدات أمريكية مكلفة بتتبع حماس والوضع في الضفة الغربية وغزة، لكنها غالبا ما كانت صغيرة مقارنة بالوحدات المخصصة لدول وقضايا أخرى، في حين أصبحت أوجه القصور واضحة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقال رول: «لقد أطلقنا على هذا فشلا استخباراتيا إسرائيليا فقط.. يجب أن نكون واضحين.. كان هذا أيضًا فشلًا استخباراتيًا أمريكيًا».
عوائق أمام الاستخبارات الأمريكية
لكن الاستخبارات الأمريكية واجهت منذ فترة طويلة عددا من الحواجز فيما يتعلق بجمع وتحليل المعلومات حول غزة، خاصة وأن القطاع مغلق إلى حد كبير عن بقية العالم، كما أن الحصول على معلومات موثوقة من مصادر داخله أمر غاية في الصعوبة.
وقال تيد سينجر، وهو ضابط استخبارات كبير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية: «منذ وقف السفر الرسمي إلى غزة في 2003، كان من الطبيعي أن تتلاشى معرفة الولايات المتحدة بغزة.. حيث إنه لا يوجد بديل للجنود على الأرض لجمع المعلومات الاستخبارية، ما يعني أن تجنيد المصادر والتعامل معها في منطقة محظورة أمر خطير».
وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصبح الأمر أكثر صعوبة مع الإغلاق الكامل للقطاع، مما فرض صعوبات على دخول مسؤولي الإغاثة والصحفيين، كما يواجه المسؤولون والدبلوماسيون والعملاء الأمريكيون مشاكل في الدخول إلى غزة، في حين يواجه الفلسطينيون مشكلات في الحصول على تصاريح لمغادرة القطاع.
وفي غياب المعلومات الشاملة من المصادر البشرية، اضطر مسؤولو الاستخبارات إلى اللجوء لمصادر أخرى، في محاولة لفهم الآليات الداخلية لحماس، لكنّ الطريقة التي تجمع لها واشنطن المعلومات عن حماس لا تزال غامضة.
ورغم امتلاك إسرائيل لبرنامج خاص للأقمار الاصطناعية، تظل الأقمار الأمريكية أكثر تطورا، مما ساهم في اكتشاف الأنفاق ومراكز القيادة الأخرى لحماس. كما ساعدت صور الأقمار الاصطناعية في توجيه السياسة الأمريكية بشأن المساعدات الإنسانية والوصول داخل غزة، إضافة إلى استخدام المسيرات لجمع معلومات استخباراتية.
المادة 702
ومن غير الواضح إلى أي مدى اعتمدت الولايات المتحدة على المادة 702 من قانون مراقبة الاستخبارات الذي يسمح للوكالات الأمريكية بقراءة رسائل البريد الإلكتروني والاتصالات الإلكترونية الأخرى للأجانب في الخارج.
وقد تكون الولايات المتحدة استخدمته بدرجة ما، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة ابتعد قادة الجماعات الموالية لإيران مثل حماس إلى حد كبير عن استخدام الهواتف المحمولة لتجنب المراقبة.
وقال المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون إن واشنطن تستخدم أيضا مواد متاحة للجمهور لإجراء تحليل استخباراتي، بما في ذلك التقارير من منظمات حقوق الإنسان والمساعدات وهي تقارير يعتبرها بعض العاملين في مجال الاستخبارات أقل موثوقية، في حين يزعم آخرون أنها ضرورية لفهم الوضع على الأرض في غزة اليوم.
وعقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، طالب المشرعون الأمريكيون الإدارة بالتوقف عن الاستعانة بمصادر خارجية لجمع المعلومات الاستخباراتية حيث كان هناك شعور عميق داخل أروقة الكونغرس، بأن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتصحيح فهم واشنطن للوضع على الأرض، كما يرى بعض المشرعين، أنه لا يمكن الوثوق بالإسرائيليين على الأقل فيما يتعلق بحماس.
aXA6IDE4LjExOS4yOC4yMTMg
جزيرة ام اند امز