بعد انتظار عقدين.. طالبان غٌصة في حلق طهران
انتظرت إيران عقدين من الزمن لخروج الولايات المتحدة من أفغانستان المجاورة، لكن انسحاب واشنطن لم يكن كما اشتهته سفن طهران.
فما إن غادرت الولايات المتحدة أخيرا أفغانستان في أغسطس/آب الماضي، حتى تفاجأت إيران باستيلاء طالبان السريع على الحكم، ليصبح انتظار طهران الطويل بلا جدوى.
هذا ما لاحظته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي قالت في تقرير لها، إن إيران بدت سعيدة برحيل الأمريكان من أفغانستان، لكن سيطرة حركة طالبان على البلاد خلقت لها مجموعة من المشاكل، دون حلول سهلة.
انتظار وتودد
وعلى مدار عشرين عاما، قال المسؤولون الإيرانيون إنهم يريدون خروج الجيش الأمريكي من أفغانستان، وزودت طهران المتمردين الأفغان بالأسلحة لاستخدامها ضد القوات الأجنبية، كما آوت أبرز قادة تنظيم القاعدة في طهران، وتوددت إلى طالبان بزيارات دبلوماسية، سرًا وعلانية، بحسب "نيويورك تايمز".
"طالبان" ترحب بتصريحات بوتين حول إمكانية شطبها من الإرهاب
وفجأة، أصبحت إيران جارة لحكم طالبان، الذي يعتبر على نطاق واسع معاديا لطهران ونهجها الفكري، بحسب الصحيفة.
عدو وشريك
كما أدت الاضطرابات إلى تدفق اللاجئين الأفغان على إيران، ومخاوف من أن تصبح أفغانستان مجددا حاضنة للإرهاب، وأوقعت القادة الإيرانيين في شباك دبلوماسي في التعامل مع حكومة طالبان التي تنظر إليها باعتبارها عدوا محتملا وشريكا في ذات الوقت.
وتنقل الصحيفة الأمريكية عن محمد حسين عمادي، وهو دبلوماسي إيراني سابق قدم المشورة لحكومة أفغانستان وعمل بها لصالح الأمم المتحدة، قوله: "إيران استوعبت أن عدو العدو ليس صديقا، وطالبان مشكلة أكثر تعقيدا من الأمريكيين. الإجماع هو التعامل مع طالبان بحذر شديد وبشكل عملي".
وأضاف مسؤولون إيرانيون أن أكبر مخاوف طهران هي عودة الفرع الأفغاني لتنظيم داعش، الذي نفذ هجمات واسعة النطاق موسعة ضد الشيعة في أفغانستان، وقد يستخدم هذا البلد، كقاعدة لشن هجمات إرهابية في إيران.
وطبقًا لـ"نيويورك تايمز"، أثبتت طالبان حتى الآن، بالرغم من وعودها بالأمن والاستقرار، أنها غير مستعدة أو غير قادرة على منع هجمات داعش على الشيعة في أفغانستان.
اعتراف معلّق
ويخشى المسؤولون الإيرانيون أيضًا على مصير مجموعتين عرقيتين من الأقليات، هما: الهزارة الشيعة، والطاجيك؛ اللتين تتمتعان بروابط ثقافية وثيقة مع إيران.
وبحسب الصحيفة قد يؤدي الاعتراف بطالبان إلى رد فعل عنيف في الداخل بين الإيرانيّين، الذين ينظرون إلى طالبان باعتبارها جماعة إرهابية، وقد يشوه وصف إيران لنفسها كـ"حامية الشيعة في العالم الإسلامي".
لكن على الجانب الآخر، قد يؤدي رفض الاعتراف بطالبان إلى هدم المكاسب التي حققتها إيران بمغازلة الجماعة على مدار سنوات، لتتحول العلاقة الضعيفة سريعا إلى عدائية، وهو صراع يخشى المسؤولون الإيرانيون الانجرار إليه، ولا يريدونه ولا يمكنهم تحمله.
واعترف مسؤولون إيرانيون بأن طالبان "حقيقة"، لكن دون الاعتراف بهم كحكومة شرعية لأفغانستان.
كما عبر المسؤولون عن قلقهم بشأن سلامة القائد الطاجيكي أحمد مسعود، الذي قاد حركة مناهضة لطالبان تتمتع بعلاقات تاريخية مع إيران في ولاية بنجشير، بالرغم من أنهم لم يدعموا قضيته علانية.
وعقدت إيران اجتماعين دبلوماسيين على الأقل مع طالبان منذ سيطرتها على السلطة، بما في ذلك اجتماع مع وزير خارجية طالبان، السبت الماضي.
وحددت إيران ثلاثة مطالب رئيسية لطالبان، بحسب مسؤولين وخبراء. وتضم: تأمين الحدود الإيرانية من التسلل الإرهابي، ومنع داعش من تحقيق مكاسب في أفغانستان، وحماية حقوق وسلامة الأقليات الشيعية.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjIuMTMyIA== جزيرة ام اند امز