سياسة السير على الجمر.. هل تخمد واشنطن النار بالشرق الأوسط؟
تبذل الولايات المتحدة جهوداً عاجلة لمنع اتساع رقعة الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة، لتصبح صراعا إقليميا يتحول إلى أزمة جيوسياسية.
وفي الوقت الذي تتجه في حاملة طائرات أمريكية ثانية إلى الشرق الأوسط، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن دعمه لإسرائيل واهتمامه بمحنة الأمريكيين المحتجزين كرهائن لدى حماس.
إلا أن بايدن اعتبر أن الهجوم البري الإسرائيلي على غزة واحتلال القطاع سيكون خطأ كبيرا، ودعا إلى العودة للمفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية.
وقالت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية إن المهمة المكوكية التي يقوم بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن في الشرق الأوسط تظهر أن الولايات المتحدة لا تزال في وضع مميز رغم جهودها للخروج من المنطقة.
وأوضحت الشبكة في تقرير لها أن واشنطن لا تزال قادرة على التأثير على كل من إسرائيل وأيضا الدول العربية الرئيسية التي بإمكانها لعب دور الوساطة.
كما أن الولايات المتحدة أيضا قادرة على قيادة الشرق الأوسط رغم ما تعانيه من اضطرابات داخلية وانقسامات، وفق الشبكة ذاتها.
وبحسب «سي إن إن»، يمكن أن تكون مهمة الولايات المتحدة لتحقيق التوازن في أزمة تتسع بسرعة، معقدة للغاية، كما أن بعض أهدافها قد تكون غير قابلة للتوافق مع أهداف أخرى.
وعلى سبيل المثال، يمكن لرغبة إسرائيل في القضاء على حماس مرة واحدة وإلى الأبد أن تؤدي إلى قدر هائل من الدمار والخسائر في الأرواح، وهو الأمر الذي لن يرضاه حلفاء الولايات المتحدة في الدول العربية.
ويقول مسؤولون أمريكيون، إن واشنطن تتحدث مع الإسرائيليين حول مجموعة من الأسئلة، مع التأكيد على ضرورة أن تكون إسرائيل في أمان وأيضا أن يعيش الفلسطينيين الأبرياء في غزة حياة كريمة آمنة.
وفي تصريحات لبرنامج (حالة الاتحاد) على «سي إن إن» حذر مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك سوليفان، من أن الحرب بين إسرائيل وحماس قد تكون مجرد البداية.
وقال «هناك خطر تصعيد هذا الصراع، وفتح جبهة ثانية في الشمال، وبالطبع تورط إيران».
وجاءت هذه التعليقات في الوقت الذي يعيش فيه سكان قطاع غزة مأساة إنسانية وسط تحذيرات فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، من النقص الحاد في المياه والكهرباء والغذاء والدواء مع فرار الآلاف من سكان شمال غزة.
وقال لازاريني «غزة تُخنق، ويبدو أن العالم قد فقد إنسانيته الآن": وأضاف "المياه تنفد من غزة، وتنضب الحياة في غزة».
وقام وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بجولة في الشرق الأوسط شملت زيارة إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر والبحرين قبل أن يعود إلى إسرائيل، اليوم.
وقال بلينكن إن هناك تصميما في جميع أنحاء المنطقة على منع الأزمة من التصاعد لتتحول إلى حرب إقليمية أكبر.
كما دعت إسرائيل بايدن لزيارتها وإجراء محادثات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن الزيارة المحتملة للرئيس الأمريكي إلى منطقة حرب ستكون محفوفة بالتعقيدات، وفق «سي إن إن».
وبينما تؤكد الولايات المتحدة دعمها الذي لا يتزعزع لحق إسرائيل في محاولة القضاء على حماس، إلا أنها تحاول في الوقت نفسه التخفيف من أسوأ رد فعل مدني للهجوم القادم بينما تسعى أيضا إلى تحقيق مصالحها الخاصة في تجنب وضع قد يجبرها على العودة إلى الشرق الأوسط.
وشرح بلينكن الاستراتيجية متعددة الجوانب للولايات المتحدة عندما قال في القاهرة «لا أعتقد أنه يمكننا أن نكون أكثر وضوحا عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل، فإننا نحمي ظهر إسرائيل».
لكنه حذّر من أن الطريقة التي تفعل بها إسرائيل ذلك، مؤكدا ضرورة أن تكون الطريقة تتناسب مع «القيم المشتركة التي لدينا بشأن حياة الإنسان وكرامته، مع اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إيذاء المدنيين».
ووجه بلينكن رسالة ردع واسعة النطاق، عندما قال «لا ينبغي لأحد أن يفعل أي شيء يمكن أن يصب الزيت على النار في أي مكان آخر»، في تحذير واضح لأطراف أخرى قد تنضم للصراع.
وتتزايد المخاوف من تصعيد جديد في الأزمة وسط التوقعات بشن إسرائيل هجوما بريا في غزة الأمر الذي سيؤدي إلى قتال عنيف مع حماس ووقوع خسائر مروعة بين المدنيين.
ويشعر الخبراء بالقلق من أن يؤدي الوضع في غزة إلى اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية أو أن يدفع حزب الله اللبناني إلى فتح جبهة ثانية في الحرب مع إسرائيل.
من جهة أخرى قد يؤدي الهجوم البري الإسرائيلي على غزة إلى تضييق المجال الدبلوماسي أمام الدول العربية الرئيسية لتهدئة الوضع.
ونظراً للوضع المعقد حاليا، ليس من المؤكد أن تستمر سياسة التوازن التي تتبناها الولايات المتحدة في الفترة المقبلة، لكنها تظل السياسة الأفضل لمنع أي حرب كبرى في الشرق الأوسط يمكن أن تستنزف موارد واشنطن التي نتقدم بالفعل مليارات الدولارات لأوكرانيا.
كما أن حالة الفوضى العالمية يمكن أن تضر بمحاولات جوب بايدن للفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة العام المقبل.
وفي هذا الإطار، قال آرون ديفيد ميلر، المفاوض الأمريكي المخضرم للسلام في الشرق الأوسط، إن الهجوم البري الإسرائيلي سيأتي خلال أيام وسيكون مؤلما، لكنه أعرب عن أمله في إمكانية تحقيق تقدم دبلوماسي.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyMyA= جزيرة ام اند امز