بلينكن إلى الصين.. علاقات "بلا تنازلات" أم اختراقات؟
زيارة للصين تعد الأولى لأعلى مسؤول أمريكي منذ 5 سنوات، تحمل أجندة معقدة تحاول ترميم العلاقات "بلا تنازلات" دون توقع أية اختراقات أخرى.
ويجري وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بعد غد الأحد، زيارة إلى الصين، محملا بآمال استئناف الحوار مع بكين، لكن الولايات المتحدة لا تتوقع حدوث تغييرات عميقة.
وبالنسبة لواشنطن يتعلق الأمر قبل كل شيء باستعادة خطوط الاتصال المباشر مع بكين و"إدارة" التوترات، من أجل تجنب مواجهة "عرضية" بعد أشهر من الاضطرابات منذ حادث المنطاد قبل أشهر.
واشنطن-بكين.. من كيسنجر إلى بلينكن
وفي تصريحات سابقة، قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إن بلينكن "سيلتقي مسؤولين بارزين في جمهورية الصين الشعبية، حيث سيناقش أهمية الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة لإدارة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بشكل مسؤول".
من جهته، شدد كورت كامبل، مسؤول أمريكي آخر، على أن الرحلة لا تمثل "نقطة تحول استراتيجية"، مضيفا: "لن نتخلى عن حذرنا فيما يتعلّق بمصالحنا أو قيمنا أو نتوقف عن سعينا للحصول على ميزة تنافسية مستدامة".
وإجمالا، يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يتوقعون إجراء "محادثات مباشرة وصادقة" مع السلطات الصينية حول كل القضايا الخلافية بين القوتين.
ومن المقرر أن يصل بلينكن، بعد غد، إلى بكين لإجراء محادثات مع مسؤولين صينيين، بمن فيهم نظيره تشين غانغ، الذي تحدث معه عبر الهاتف مساء الثلاثاء.
وفي بيانها حول تلك المكالمة، اتّهمت الخارجية الصينية واشنطن بأنها "المسؤولة" الوحيدة عن الخلافات بين البلدين.
ومن المرجح أن يستقبله الرئيس الصيني شي جين بينغ، لكن لم يتم تأكيد اجتماع بينهما.
إقناع دون إكراه
بلينكن الذي سيكون أعلى مسؤول أمريكي يزور الصين منذ 2018، تبدو الخطوة لعبة متوازنة ترمي إلى الإقناع من دون إكراه فيما يخوض الجانبان تنافسا حادا.
وما زالت العلاقات بين هاتين القوتين العظميين متوترة بسبب العديد من القضايا: العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان، المنافسة في مجال التكنولوجيا، والتجارة والفينتانيل وحتى مطالب بكين في بحر الصين الجنوبي.
وتعتبر الصين تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها لم تنجح في ضمه منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949، وتعهدت بإعادة ضم الجزيرة يوما ما، بالقوة إذا لزم الأمر.
كما لا تخفي الصين استياءها مما تعتبره أهدافا توسعية للولايات المتحدة في منطقة آسيا-المحيط الهادئ، وهذا ما أكدته تحذيرات وزير الدفاع الصيني لي شانغفو، من أن إقامة تحالفات عسكرية "مشابهة لحلف (شمال الأطلسي) الناتو" في منطقة آسيا-المحيط الهادئ تهدد بإغراق المنطقة في "زوبعة" من الصراعات.
من جهتها، تقول واشنطن إنها ترصد التقارب الصيني الروسي عن كثب، محذرة بكين من إمداد روسيا بالأسلحة، وهو أمر قد يتجاوز "خطا أحمر".
"لا تنازلات"
تأتي زيارة بلينكن عقب لقاء جمع، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ على هامش قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا.
ومع أن الزعيمين اتفقا خلال مناقشاتهما على التعاون بشأن بعض القضايا، إلا أن العلاقات بين القوتين توتّرت مجددا في فبراير/شباط المنقضي، بعدما حلّق منطاد صيني فوق الأراضي الأمريكية.
وحينها، قالت السلطات الأمريكية إنه منطاد "تجسس"، فيما أكدت بكين أنه جهاز خاص بالأرصاد الجوية انحرف عن مساره.
وتحت الضغط، ألغى بلينكن رحلته إلى الصين في اللحظة الأخيرة.
وفي غضون ذلك، استؤنفت الاتصالات على أعلى المستويات، باستثناء السلك العسكري في الأسابيع الأخيرة، ما دفع بايدن إلى توقع "تحسّن" في العلاقات الثنائية.
ويزداد ذلك أهمية منذ دُعي الرئيس الصيني إلى قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بسان فرانسيسكو.
وبالنسبة إلى جايكوب ستوكس من مركز "نيو أمريكن سيكيوريتي"، فإن بكين "تؤيد أيضا فكرة أنه يجب الحفاظ على تواصل منتظم إلى حد ما" مع الولايات المتحدة رغم ريبتها إزاء واشنطن.
من جهته، أوضح شي ينهونغ من جامعة الشعب في بكين، في حديث لوكالة فرانس برس، أن "واشنطن وبكين ترغبان في تجنب تصعيد الخصومة بينهما، ومع ذلك لا يظهر أي منهما استعداده لتقديم أي تنازلات رئيسية ودائمة".
وأشار إلى أن "الجانبين يسعيان ببساطة إلى القيام بما يُعتبر ضروريا أو مفيدا للحفاظ على استراتيجيته أو أمنه التكنولوجي".
aXA6IDEzLjU5LjczLjI0OCA= جزيرة ام اند امز