الحكم بقضية «تنظيم العدالة والكرامة» الإرهابي.. رسائل ودلالات

دلالات عدة ورسائل هامة حملها رفض الطعون المقدمة في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "تنظيم العدالة والكرامة" الإرهابي.
دلالات ورسائل تعكس حرص دولة الإمارات وقضائها المستقل على توفير كافة الضمانات لمحاكمة عادلة ونزيهة ومراعاة حقوق الإنسان للمتهمين رغم خطورة جرائمهم، حيث أتاحت الدولة للمتهمين مرحلة أخرى للتقاضي، وهو ما تم بالفعل بالطعن في الحكم الصادر ضدهم 10 يوليو/ تموز الماضي، والذي تم رفضه اليوم.
أيضا يتوج الحكم جهود دولة الإمارات الشاملة والمتواصلة لمكافحة الإرهاب، وحرصها على نيل كل مدان الحكم العادل الرادع.
وكانت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة – قد قضت في 10 يوليو/تموز 2024 بإدانة 53 متهما من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي، و6 شركات في القضية رقم 87 لسنة 2023 جزاء أمن الدولة، المعروفة إعلاميا (بقضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي)، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها 20 مليون درهم.
وحكمت المحكمة أيضا في الحكم ذاته، بانقضاء الدعوى الجزائية لعدد 24 من المتهمين عن جرائم التعاون وإمداد تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي بالمال، وبراءة أحد المتهمين .
وعقب ذلك، تولت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا تلقي ونظر الطعون على الحكم الصادر من "محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية- دائرة أمن الدولة"، في القضية المقيدة برقم 452 لسنة 2023.
وتقدم المدانون والبالغ بطعون، فيما تقدم النائب العام بطعن في شق من الحكم والمتعلق بانقضاء الدعوى الجزائية لعدد (24) من المتهمين عن جرائم التعاون وإمداد تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي بالمال.
وأعلنت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا مطلع مارس/آذار الجاري، أنها حددت اليوم الثلاثاء موعداً للنطق بالحكم في الطعون المقدمة من النائب العام، ومن المحكوم عليهم في القضية.
تفاصيل الحكم
وقررت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في جلستها اليوم، رفض الطعون المقدمة من المحكوم عليهم في القضية المعروفة إعلامياً بـقضية "تنظيم العدالة والكرامة" الإرهابي، وتأييد الحكم الصادر من محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة.
وفيما يتعلق بالطعن المقدم من النائب العام على الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجزائية لعدد (24) من المتهمين عن جرائم التعاون وإمداد تنظيم "دعوة الإصلاح" الإرهابي بالمال، فقد قررت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا قيد الطعن المقدم من النائب العام برقم مستقل والتأجيل إلى جلسة 8 أبريل /نيسان المقبل للنظر في الطعن.
محطات المحاكمة
وكان المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للدولة، قد أمر في 6 يناير/كانون الثاني 2024 بإحالة 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي في دولة الإمارات إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (محكمة أمن الدولة) لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
وكان المتهمون، قد أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة.
وبناء على معلومات وتحريات كافية؛ أمر النائب العام بالتحقيق في وقائع هذه الجريمة مع ندب محام للحضور مع كل متهم.
وبعد قرابة الستة أشهر من البحث والتحقيق وكشف تفاصيل الجريمة والأدلة الكافية على ارتكابها، قرر النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة.
وبعد أن استمرت المحاكمة على مدار نحو 10 جلسات (من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2024)، قررت دائرة أمن الدولة بمحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية، في مايو/أيار الماضي حجز الدعوى للحكم في القضية في جلسة 10 يوليو 2024 .
جرائم بالجملة
وكشفت جلسات محاكمة التنظيم عن مدى خطورته وتخطيطه لسلسة جرائم خطيرة تستهدف أمن الوطن واقتصاده وسلامة مواطنيه، من أبرزها:
* تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي تحت اسم "تنظيم لجنة العدالة والكرامة".
* غسل الأموال المتحصلة من جنايات إنشاء وتأسيس تنظيم سري إرهابي.
* التخطيط لإثارة الشارع وإراقة الدماء من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الدولة.
* التخطيط لاختلاق الصدام والعنف مع أجهزة الأمن.
شفافية ونزاهة
وخلال المحاكمة حرصت الإمارات على ما يلي:
- كفلت للمتهمين جميع حقوقهم وضماناتهم المقررة قانونا.
- مكنتهم من اختيار محاميهم، وندبت محاميا للدفاع عن كل متهم ليس له محام.
- استمعت لدفاعهم ومحاميهم، واطلعت على ما قدموه من مذكرات دفاع مكتوبة.
- استمعت لشهادة الشهود في جلسات علنية، سمحت خلالها للمتهمين ومحاميهم بمناقشتهم.
أدلة الإثبات
وعرضت النيابة العامة في مرافعتها خلال جلسة علنية أدلة الإثبات في القضية، والتي شملت: اعترافات وإقرارات المتهمين، وتحريات وشهادة ضباط جهاز أمن الدولة، وشهادات الخبراء الفنيين وتقاريرهم الفنية، والتي توافقت جميعها في إثبات الجرائم، وارتكاب المتهمين لها، وأدوارهم فيها.
وتوصلت النيابة إلى أنها جرائم مغايرة للجرائم التي سبق محاكمتهم عنها في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة.
وكان محامو المتهمين قد دفعوا خلال جلسات المحاكمة بعدم جواز النظر في الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم صادر في دعوى سابقة للقضية رقم 79 لسنة 2012، كدفع أساسي في الدعوى تمسكوا به وانضم إليه جميع المتهمين.
شفافية تامة
إعلان النائب العام الإماراتي عن قرار الإحالة وبدء المحاكمة العلنية وتفاصيل الجريمة الموجهة للمتهمين، ثم السماح للمحكوم عليهم تقديم الطعون، كشف عن شفافية إماراتية، وحرص على إطلاع الرأي العام المحلي والدولي عن تفاصيل تلك المحاكمة، وإطلاع الجميع على جهودها في محاربة الإرهاب محليا ودوليا.
وخضع المتهمون لمحاكمة علنية على مدار نحو 7 شهور، وسمحت المحكمة أثناء مرافعات الدفاع لمن أراد من المتهمين بالحديث عن أنفسهم والتعليق على أدلة الإثبات ومرافعة النيابة العامة وما يودون إضافته من أوجه دفوع ودفاع، الأمر الذي يثبت بما لا يدع مجالاً للشك نزاهة وعدالة القضاء الإماراتي وحرصه على توفير محاكمة علنية عادلة أمام الجميع.
أمر يكشف الحرص على توفير محاكمة عادلة، وإفساح المجال للمتهمين ودفاعهم، للاستماع لأدلة إدانتهم والرد عليها أمام الجميع، وتجسد المحاكمة العلنية ما يتمتع به الجهاز القضائي في دولة الإمارات من استقلالية تامة.
ما يؤكد نجاح دولة الإمارات في تحقيق المعادلة المثالية في هذا الصدد، عبر نجاحها في مكافحة الإرهاب ونشر الأمن والأمان واحترام حقوق الإنسان، وتبني استراتيجية متكاملة: قانونية وأمنية وحقوقية ودبلوماسية وسياسية.
جهود شاملة
أيضا يتوج الحكم جهود دولة الإمارات الشاملة لمحاربة الإرهاب، على الصعيدين المحلي والدولي.
جهودٌ تُوجت بتصدُّر مدن دولة الإمارات قائمة المدن الأكثر أمانًا على مستوى العالم لعام 2025، وفقًا لموقع الإحصائيات الإلكتروني "نومبيو"، ما يعكس جهود الدولة في تبنّي الخطط والاستراتيجيات والمبادرات الرائدة أمنيًا.
من أبرز تلك المبادرات "قوائم الإرهاب"، التي تُعد خطوة "مهمة" على طريق تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب، وتأكيدًا على مساعيها في محاربة آفة العصر والحرص على محاصرتها.
ضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، أدرجت الإمارات في يناير/كانون الثاني الماضي 11 فردًا و8 كيانات في قوائم الإرهاب المحلية، وفقًا للقوانين والتشريعات المعتمدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لارتباطهم بتنظيم الإخوان الإرهابي.
ويأتي قرار دولة الإمارات بإضافة هؤلاء الأشخاص إلى قائمة الإرهاب لديها، في إطار إيمانها بأهمية تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وحرصها على تحديث القائمة المعتمدة لديها، لتعزيز جهودها في هذا الصدد.
كما تأتي ضمن استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف على مختلف الأصعدة القانونية والتشريعية والدينية والثقافية والإعلامية والأمنية .
وعلى صعيد التشريعات، يأتي الحكم بعد نحو 6 شهور من إصدار حكومة دولة الإمارات، في 11 أغسطس/آب الماضي مرسوماً بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.
ويهدف المرسوم بقانون، الذي يأتي ضمن التطوير المتواصل للبنية التشريعية والقانونية في دولة الإمارات، إلى تعزيز الإطار القانوني الذي يدعم جهود الجهات المعنية في دولة الإمارات بمكافحة الجرائم المالية، ويرفع مستوى الالتزام الفني لدولة الإمارات بالتوصيات والمعاهدات الدولية في هذا المجال.
وتضمنت التعديلات في المرسوم بقانون الجديد إنشاء اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ويصدر بتشكيلها قرار من مجلس الوزراء.
كما تضمنت التعديلات إنشاء لجنة تُسمى "اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب"، ويصدر بتشكيلها ونظام عملها قرار من مجلس الوزراء.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجيتها الوطنية الجديدة للأعوام 2024-2027 لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح التي كان مجلس الوزراء قد وافق عليها بعد رفعها من اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
نجاحات متواصلة
على الصعيد الأمني والقضائي، يأتي الحكم بعد نحو 6 شهور من نجاح النيابة العامة الإماراتية في أغسطس/آب الماضي في الكشف عن تنظيم سري جديد خارج الإمارات، شكله الهاربون من أعضاء تنظيم دعوة الإصلاح (جماعة الإخوان) المصنف إرهابيا في دولة الإمارات، المقضي بحله عام 2013، لإعادة إحياء التنظيم، وبهدف تحقيق ذات أغراضه.
وتم القبض على أحد أعضاء التنظيم بالخارج، وقد تضمنت اعترافاته الكشف عن بيان هيكل التنظيم ونشاطه، وأدوار أعضائه.
وقد تبين من الاعترافات أن التنظيم كان يستهدف: تهديد استقرار دولة الإمارات، وقيادة حملات التشويه وخطاب الكراهية، وبث الفتنة بين أبناء الوطن، وتمويل الإرهاب وغسل الأموال، وإثارة الرأي العام عبر الإنترنت على صفحات إلكترونية وحسابات وهمية أنشأوها لهذا الغرض.
خطورة ما تم الكشف عنه تعكس النجاح الأمني الإماراتي في الكشف عن تلك الجرائم والمؤامرات.
توالي الكشف عن تنظيمات سرية للإخوان بقدر ما يعكس إصرار التنظيم الإرهابي على التآمر ضد دولة الإمارات ومحاولاته العبثية المستمرة لاستهداف استقرارها والنيل من إنجازاتها، فإنه يعكس بشكل جلي حرص السلطات المعنية على حفظ أمن الدولة، والبحث والتدقيق الدائمين والمستمرين على أي محاولات للمساس بأمن دولة الإمارات، ولا سيما إذا كان يقف وراءها أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي.
أيضا يكشف ذلك عن نجاح دولة الإمارات في حماية أمنها وسيادتها واستقرارها والحفاظ على سلامة مواطنيها والمقيمين فيها وأمنهم، وأنها لن تتوانى عن متابعة كل من يحاول استهداف أمنها واقتصادها وسلامة مواطنيها.
aXA6IDMuMTQ4LjEwNi45OCA= جزيرة ام اند امز