بوصلة ترامب تعود إلى فنزويلا.. المخدرات أم النظام؟

بوصلة دونالد ترامب تعود مجددا إلى فنزويلا، لتضعها تحت رقابة مخابراتها وسط تلويح باللجوء للخيار العسكري لإزاحة رئيسها نيكولاس مادورو.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، تُسلّط إدارة الرئيس الأمريكي أنظارها نحو هذا البلد وسط تصاعد حاد في التوتر بين واشنطن وكاراكاس، بعد تكثيف الإدارة الأمريكية مؤخرًا إشاراتها إلى احتمال اللجوء إلى الخيار العسكري.
ورغم أن ترامب لم يعلن صراحةً رغبته في الإطاحة بالرئيس الفنزويلي، لكن مواقفه السابقة لا تترك مجالاً للشك بشأن سعيه إلى تغيير النظام في كاراكاس.
وخلال ولايته الأولى، اعترف ترامب بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسًا شرعيًا لفنزويلا عقب الانتخابات التي منحت مادورو ولاية ثانية في مطلع عام 2019، واعتبرتها الولايات المتحدة وعشرات الدول الأخرى "غير شرعية".
وأدى ذلك القرار إلى أزمة دبلوماسية حادة، إذ قطع مادورو العلاقات مع واشنطن، وأغلق سفارته وقنصلياته في الولايات المتحدة، وطرد الدبلوماسيين الأمريكيين من بلاده، بينما سحبت واشنطن جميع طواقمها الدبلوماسية من فنزويلا خلال أسابيع قليلة.
لماذا؟
يُعد وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو أحد أبرز مهندسي سياسة ترامب تجاه فنزويلا، إذ كان من أشدّ المنتقدين لمادورو وداعمًا قويًا للمعارضة الفنزويلية.
وفي عام 2019، وصف حكومة مادورو بأنها "منظمة إجرامية عابرة للحدود"، مؤكداً أن القضية لا تتعلق فقط بالديمقراطية أو تغيير النظام، بل تتصل بـ"تهديدات حقيقية للأمن القومي الأمريكي"، نتيجة انتشار تجارة المخدرات وتأثير كل من روسيا وإيران في البلاد.
وقال روبيو حينها إن مادورو وأتباعه "عصابة من المجرمين يسعون للحفاظ على مكاسبهم غير المشروعة"، داعيًا إلى دراسة "كل الخيارات الممكنة" لإنهاء نشاطاتهم.
وبعد أكثر من 6 سنوات، لا يبدو أن شيئًا تغيّر كثيرًا في المشهد الفنزويلي، فمادورو لا يزال في السلطة بعد انتخابات 2024 المثيرة للجدل، والتي رفضها المجتمع الدولي، فيما بقيت العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين واشنطن وكاراكاس.
ومع ذلك، فإن لهجة واشنطن باتت أكثر صرامة، والتهديد العسكري أصبح أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
وتؤكد إدارة ترامب أن هدفها المعلن هو مكافحة تهريب المخدرات، لكنها لا تُخفي أن هذه العمليات قد تكون أيضًا وسيلة لإضعاف مادورو سياسيًا.
وسعيا وراء ذلك، نشرت واشنطن في الأشهر الأخيرة قوات بحرية وجوية ضخمة في منطقة البحر الكاريبي، ونفّذت ضربات ضد خمس سفن يُشتبه في تورطها بتهريب المخدرات، أسفرت عن مقتل 27 شخصًا.
كما رفعت واشنطن المكافأة المرصودة لمادورو إلى 50 مليون دولار.
تحت المجهر
في خطوة اعتُبرت تصعيدًا غير مسبوق، أعلن ترامب أنه خوّل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) تنفيذ عمليات داخل الأراضي الفنزويلية "لمكافحة تهريب المخدرات".
وأكد من المكتب البيضاوي أن بلاده "لن تتسامح مع استمرار تدفق المخدرات من فنزويلا إلى الولايات المتحدة".
من جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن الرئيس "يعتبر مادورو زعيمًا غير شرعي يقود نظامًا غير قانوني يهدد الأمن الأمريكي".
وكشفت صحيفة واشنطن بوست مؤخرًا أن مروحيات تابعة لوحدة العمليات الخاصة الأمريكية (الفرقة 160 الجوية) حلّقت على بعد أقل من 90 ميلًا من الساحل الفنزويلي، في تدريبات وصفتها مصادر عسكرية بأنها "تحضير لمهام محتملة ضد شبكات تهريب المخدرات وربما داخل الأراضي الفنزويلية ذاتها".
وتزامن ذلك مع تمركز نحو عُشر القوة البحرية الأمريكية المنتشرة عالميًا في الكاريبي، تشمل غواصات ومدمرات ومقاتلات إف-35، إضافة إلى ثلاث قاذفات استراتيجية من طراز بي-52.
كما رُصدت السفينة الأمريكية، إم في أوشن تريدر، وهي قاعدة عمليات عسكرية عائمة، بالقرب من ترينيداد، تحمل مروحيات ليتل بيرد وبلاك هوك، في مشهد يذكّر بعمليات التدخل الأمريكية السابقة في أمريكا اللاتينية خلال الحرب الباردة.
جدل وضغط
غير أن هذا التصعيد الميداني أثار جدلاً واسعًا داخل الولايات المتحدة، فقد فشل مجلس الشيوخ في تمرير مشروع قانون يهدف إلى وقف الضربات الجوية القاتلة ضد ما تصفه الإدارة بمهربي المخدرات الفنزويليين،
فيما حذر مشرعون من أن تلك الهجمات قد تمثل عمليات قتل غير قانونية لأشخاص يُفترض أنهم مدنيون لا مقاتلون.
في المقابل، يرى مراقبون أن واشنطن تمارس سياسة ضغط متعددة الأوجه، تجمع بين العقوبات الاقتصادية، والتصعيد العسكري، والعمليات الاستخباراتية السرّية، في محاولة لإجبار مادورو على التنازل أو إحداث صدع داخل نظامه.
لكن مع استمرار الدعم الروسي والصيني لحكومة كاراكاس، يبدو أن ترامب يغامر بفتح جبهة جديدة في نصف الكرة الغربي، قد تكون نتائجها غير محسوبة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODYg
جزيرة ام اند امز