«فيستا» يفاجئ العلماء.. اكتشاف نسب الكويكب الغامض

كشف فريق دولي من العلماء أن الكويكب "فيستا" قد لا يكون بقايا كوكب لم يكتمل كما كان يُعتقد.
وتوصل الباحثون في الدراسة المنشورة بدورية "نيتشر أسترونومي" إلى أن الكويكب قد يكون شظية ضخمة انفصلت عن كوكب أكبر بفعل تصادم كارثي وقع قبل 4.5 مليار عام، في بدايات تشكل النظام الشمسي.
وهذا الاكتشاف المذهل جاء بعد إعادة تحليل دقيقة لبيانات الجاذبية التي جمعتها مركبة "داون" التابعة لوكالة ناسا أثناء زيارتها للكويكب بين عامي 2011 و2012.
وفيستا، ثاني أكبر جسم في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، كان يُصنف سابقاً على أنه "كوكب جنيني" ، أي كوكب في طور التكوين توقف تطوّره قبل أن يكتمل.
وأظهرت بيانات سابقة أنه يمتلك بنية متمايزة، أي مكوّنة من قشرة ووشاح ونواة معدنية، على غرار الكواكب الصخرية كالأرض، لكن الدراسة الجديدة، المنشورة بتاريخ 23 أبريل 2025، قلبت هذه الفرضية رأساً على عقب.
واعتمد العلماء في دراستهم الجديدة على تحسين تقنيات تحليل البيانات، لا سيما في قياس "عزم القصور الذاتي" للكويكب، وهي خاصية ترتبط بكيفية توزيع الكتلة داخله.
وباستخدام تغييرات دقيقة في تردد الإشارات اللاسلكية الصادرة عن مركبة "داون" بفعل جاذبية فيستا، تمكن الباحثون من رسم خريطة أكثر دقة لبنيته الداخلية، وكانت النتيجة مفاجئة: لا وجود لنواة كثيفة في قلب فيستا.
لكن هذا الكشف فتح باباً جديداً للغموض. فسطح فيستا مغطى بصخور بركانية غنية بالبازلت، ما يشير إلى وجود نشاط بركاني في الماضي، وهو أمر لا يحدث عادة في الأجسام غير المتمايزة، فكيف يمكن تفسير هذه المفارقة؟
يقدّم الدكتور سيث جاكوبسون من جامعة ولاية ميشيغان، قائد الفريق البحثي، تفسيراً مثيراً: "ربما لم يتكوّن فيستا في مكانه، بل هو جزء ممزق من كوكب أكبر تعرض لتحطم عنيف في الماضي السحيق".
وهذا التفسير ينسجم مع أصل عائلة من النيازك المعروفة باسم (هاوردايت-يوكرايت-ديوجينايت)، التي يُعتقد أنها انطلقت من فيستا إثر اصطدام هائل.
ويضيف جاكوبسون: "لطالما افترضنا أن بعض النيازك التي تسقط على الأرض قد تكون بقايا من كواكب قديمة تحطمت خلال الفوضى الأولى للنظام الشمسي. أما الآن، فلدينا أدلة أقوى تدعم هذه الفكرة، وقد يكون فيستا هو المثال الأوضح".
وإذا صحت هذه الفرضية، فإن فيستا ليس كائناً فاشلاً في مسيرة التطور الكوكبي، بل هو وريث كوكب مفقود، يحمل بين طبقاته البركانية سجلاً جيولوجياً لحياة كوكبية كانت قائمة ثم تلاشت.
والاكتشاف يحمل تداعيات واسعة على فهم أصل الكويكبات، إذ يشير إلى أن أجساماً أخرى في الفضاء قد تكون أيضاً بقايا لكواكب منسية، وستستخدم مهام فضائية قادمة مثل "سايكي" و"أوسايرس-أبيكس" و"هيرا" تقنيات مشابهة لمحاولة الكشف عن "أنساب" أخرى في الفضاء.
وبينما لا نعلم بعد من هو "الأصل" الذي جاء منه فيستا، فإن هذه النتائج تضعنا خطوة أقرب إلى كشف شجرة العائلة الكوكبية للنظام الشمسي.