بالفيديو.. فاغنر في أبوظبي.. موسيقى الحب والتمرد والعبقرية
الجالس هنا في مسرح "قصر الإمارات" في أبوظبي، يستمع إلى "أوبرا تانهاوزر" لفاغنر كمطر كثيف يهطل دفعة على إنسان لا يقاوم كل هذا البلل.
الجالس هنا في مسرح "قصر الإمارات" في أبوظبي، يستمع إلى "أوبرا تانهاوزر" لريتشارد فاغنر كمطر كثيف يهطل دفعة على إنسان لا يقاوم كل هذا البلل، كإعصار يخرج البحر من سكونه والشمس من صمتها.. يتذكر رسالة بودلير الشهيرة لفاغنر حول موسيقاه "في كثير من الأحيان أحسست بشعور ذات طبيعة غريبة، كان افتخارَ الفَهم ومتعته، متعة السّماح لنفسي أن تُخترَق، أن تغزى".. كلمات تصف موسيقى المؤلف الأوبرالي والشاعر والذي كتب الموسيقى ولكنه أيضاً كتب عنها أكثر.
أوبرا تانهاوزر
"تانهاوزر" أوبرا الحب والموت وصراع الحب الروحي والشهوة.. التي عزفتها أوركسترا غرب أستراليا السيمفونية، الخميس، مفتتحة موسم "موسيقى أبوظبي الكلاسيكية"، كتبها فاغنر وهو في الـ32 من عمره عندما كان القائد الثاني لأوركسترا مدينة درسدن الألمانية. الأوبرا التي تروي قصة إليزابيث التي تضحي بنفسها من أجل الفارس الشاعر تانهاوزر، لم تكن يوماً أشهر أعمال فاغنر إذا ما قورنت بـ"لوهنغرين" و"المركب الشبح" و"رباعية الخاتم" أعظم الأعمال الموسيقية عالمياً، لكن مما لا شك فيه أنها الأكثر تعبيراً عن تاريخ ألمانيا في العصور الوسطى وحكايات فرسانها وأساطيرها.
فاغنر، العاشق للمسرح ولموسيقى بيتهوفن الذي شكل مصدر وحي له ولأفكاره المسرحية واعتبر لاحقاً وريثه في الموسيقى الكلاسيكية الرومانسية، وفاغنر صديق المفكرين والفلاسفة (نيتشه الذي انتقده لاحقاً لآرائه السياسية، وشوبنهاور)، أثبت في أعماله الموسيقية العبقرية التي كتبها ارتباطها الوثيق أو لنقل التصاقها بحياته الشخصية وعلاقته ومشاعره وهمومه.
هنا في مسرح قصر الإمارات وأمام أكثر من 900 شخص يتقدمهم وزير الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، ومحمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، قاد المايسترو ريتشارد آرمسترونغ الأوركسترا بمشاركة متميزة من مغني التينور الأوبرالي العالمي سيمون أونيل.
الحفل الذي شكل نقطة انطلاق الموسم الموسيقي الذي يقام تحت عنوان "ألف ليلة وليلة" وتستمر فعالياته حتى شهر مايو 2017، قدمت مقطوعات شهيرة أخرى للموسيقار الذي أحدث تحولاً في أسلوب التلحين وتنفيذ الأوبرا، وترك بصمته الواضحة في تاريخ تطور الموسيقى الكلاسيكية.
"تريستان وايزولدا" و"لوهنغرين"
الأمسية التي عزفت فيها أيضاً أوبرا "لوهنغرين" قدم في النصف الثاني من "أمسية ريتشارد فاغنر" كانت لأوبرا "تريستان وايزولدا" المستوحاة من الأسطورة المعروفة، والتي طوعها الموسيقار لتروي حياته ومعاناته الخاصة.. هو الذي أغرم في العام 1825 بماتيلدا زوجة صديقه الثري والداعم الأكبر له أوتو فون فسندونك.
محور "تريستان وايزولدا" تكلل العاطفة بالموت، وهو محور مشترك مع "أوبرا الهولندي الطائر" و"بارسيفال". وكما يقول أنتوني فوغ إن هذه الأوبرا بالتحديد قد تكون التعبير الأفضل حول مفهوم الرومنسي لثنيوية "الحب والموت" والذي يكون فيه موت الجسد بوابة تنطلق عبر الروح لتبحث عن اكتمالها في العالم الروحي.
وموسيقياً، شكلت "تريستان وإيزولد" ذروة تقنية النغمات الكروماتيكية التي سادت القرن الـ19، وأسست للتناغم الحر الذي بلغ أوجه في الألحان غير المتوافقة لأعمال شونبرغ.