فيينا تعيش 3 عوالم مختلفة.. وداع واحتجاج وحياة
3 حيوات مختلفة مرسومة على لوحة بحجم مدينة من العالم القديم، تدور وقائعها في آن واحد، وتتقاطع مشاهدها لتنتج فنا وسياسة.
ذلك كان حال العاصمة النمساوية فيينا، قبل يوم واحد من تطبيق إغلاق كامل لمدة 20 يوما، بداية من الإثنين المقبل.
وفي مساء السبت، تنازع السيطرة على المدينة القديمة في قلب فيينا، ٣ مجموعات رئيسية؛ الأولى: تمثل المحتجين على فرض إجراءات الإغلاق، والثانية: تمثل الراغبين في احتفال وداعي بعطلة نهاية الأسبوع وعيش مظاهر ما قبل عيد الميلاد.
أما المجموعة الثالثة فتمثل في هؤلاء الناس العاديين الذين يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، بغض النظر عن الإغلاق، وانطلقوا للتسوق وارتياد الحانات ودور السينما، والأوبرا وغيرها من مظاهر عطلة نهاية الأسبوع في فيينا.
ففي المدينة القديمة والشوارع المحيطة بها، توقفت الحركة الطبيعية منذ الساعة الـ٣ عصرا بالتوقيت المحلي، بما فيها حركة المواصلات العامة والسيارات في الطرق السريعة ضمن ترتيبات تأمين المظاهرات.
وعلى مدار ٤ ساعات، كانت شوارع المدينة القديمة الرئيسية ملكا للمحتجين المنحدرين في الأغلب من حركات وأحزاب يمينية متطرفة، إذ ساروا حاملين أعلام البلاد ويرددون هتافات ضد الإغلاق الجديد.
وإذا قاد الحظ العاثر المرء للسير في الشوارع الرئيسية بالمدينة القديمة في الفترة من الـ٣ عصرا والسابعة مساء، فإنه شعر بأن المحتجين سيطروا على المدينة بالكامل، وفق تعبير أحد المارة.
وبصفة عامة، شارك ٣٨ ألف شخص على الأقل في الاحتجاجات بالمدينة القديمة ومحيطها، ضد ما وصفوه بـ"ديكتاتورية كورونا"، وتقييد الحياة العامة، وفق صحيفة "كرونه" النمساوية.
وعلى مرمى البصر، افترشت حشود المحتجين الأرض، وارتفعت أعلام النمسا، ورايات المتطرفين اليمينيين واليساريين، في جو سلمي غلفه بعض الميل للشغب، وصيحات متتالية "المقاومة.. المقاومة.. المقاومة"، حسب ما رصدته "العين الإخبارية".
وصاح أحد المشاركين في حشد المتظاهرين :"الأطباء يريديون أن يعطونا الأوامر.. لا لديكتاتورية التطعيم".
في المقابل، نشرت الشرطة الألمانية نحو ١٣٠٠ من عناصرها لتأمين الشوارع والمظاهرات، لكنها تعرضت لصيحات استهجان من المحتجين، والرشق بين الحين والآخر بالزجاجات ورذاذ الفلفل.
وإذا ابتعد المار بعض الشيء عن مركز المظاهرات، وعرج يمنيا مع شارع "ذا رينج" الشهير، وصولا إلى مقر البلدية، سيجد مشهدا مغايرا تماما، إذ قرر الآلاف الاحتفال بآخر أيام أسواق عيد الميلاد المبهجة قبل أن يطالها الإغلاق العام.
ووسط الأضواء المبهجة، وطلقات الألعاب النارية، تزاحم الناس على الأكشاك الخشبية المميزة لسوق أعياد الميلاد الشهير أمام مبنى بلدية فيينا، وسط تصاعد رائحة المكسرات المحمصة والشيكولاته الساخنة.
واصطف البعض لالتقاط الصور في المكان شديد التناسق والجمال، فيما ركز البعض الآخر على شراء بعض الهدايا والمقتنيات التذكارية.
وفق مدخل سوق أعياد الميلاد، وفق عدد من عناصر الأمن الخاص للتأكد من حمل الزوار شهادات تلقيح ضد كورونا.
وقالت ماريا شنايدر، أحد الزوار، لـ"العين الإخبارية"، إن عددا كبيرا من الناس قرر الاحتفال بسوق أعياد الميلاد، وكأنه احتفال مسبق بأعياد الميلاد في ظل المخاوف من تمديد الإغلاق الكامل حتى يناير/كانون ثاني المقبل.
أما المشهد الثالث فكان بطله شارع "ماريه هيلفا"، أهم شوارع التسوق في فيينا، إذ اكتظ بالمارة والباحثين عن فرصة للتسوق وسط عروض التخفيض المرتبطة بـ"البلاك فريداي" ولا تزال سارية حتى اليوم.
وفي داخل المحال كان الوضع صعبا، فالزحام في كل الأركان، والطوابير تصطف أمام شبابيك الدفع، فيما جلس المارة في الكافيهات المنتشرة في الشارع لالتقاط الأنفاس واحتساء مشروب دافئ يوازن البرد في ظل درجة حرارة بلغت ٥ درجات.
يذكر أن الحكومة النمساوية قررت، أمس الجمعة، فرض إغلاق كامل في البلاد لمدة ٢٠ يوما، في محاولة لكسر الموجة الرابعة لفيروس كورونا بعد تسجيل البلاد أكثر من ١٥ ألف إصابة يوميا.
aXA6IDE4LjIyMi4xMTMuMTM1IA== جزيرة ام اند امز