متحف سفن الفايكينج في النرويج.. رحلة عبر الزمن بصحبة "غزاة الشمال"
نجحت النرويج في أن تكون بوصلة لملايين السياح لما وجدوه من اختلاف عن بقية الدول الإسكندنافية، واصطلح على السياحة بها بـ"السياحة المذهلة"
سياحة تبدأ من هدوء مدنها، حتى عاصمتها أوسلو تختلف عن بقية العواصم الغربية الفاعلة بذلك الهدوء الذي يخيم عليها رغم كل ما تظهره وتخفيه من معالم سياحية وملايين سكانها والوافدين إليها من مختلف بقاع العالم.
يأتي ذلك بالإضافة إلى فنادقها القديمة، وطبيعتها الخلابة التي تبعث على الراحة الجسدية والنفسية، لتجعل السياحة فيها طعماً خاصاً، في بلد يعتقد البعض أنه "متجمد" لقربه من القطب المتجمد.
وتاريخ النرويج القديم، غالباً لا يجده الزائر إليها في شوارعها أو بقية مناطقها بآثار منتشرة هنا وهناك، بل جمعتها في كثير من المتاحف، وثّقت بها واحدة من أقدم الحضارات الغربية، التي أنتجت عنها عشرات الأفلام السينمائية.
متحف سفن الفايكينج
من أشهر المتاحف بمملكة النرويج، يوجد "متحف سفن الفايكينج" البعيد ببعض الكيلومترات عن العاصمة أوسلو وتحديدا بجزيرة "بيغدوي"، لا تعرف بعد دخوله إن كنت في متحف أو عاد بك الزمن إلى 8 قرون خلت.
فهو ليس مجرد متحف أو معلم تاريخي، بل مساحة تأخذ الزائر إلى تلك الحضارة التي كان يراها ويستمتع بمشاهدتها في أفلام هوليوود، وكأنه واحد من أولئك "الفايكينج" عبر تلك السفن التي شيدت قبل 800 عام.
كل ما في المتحف ينسي ضيفه في أي زمان هو، بل لا يترك له مجالاً ليخرج من زمن الفايكينج بشتى تفاصيل المتحف، التي تبدأ من رائحة "القطران" التي كان يضعها من كانوا يسمون بـ"غزاة الشمال" على أشرعة سفنهم قبل التوجه في رحلات الصيد الطويلة.
ويوجد بالمتحف قطع أثرية بحرية قديمة يعود تاريخها لأكثر من 8 قرون، بالإضافة إلى 4 سفن ضخمة تبدو بوضعية جيدة، ولكل واحدة منها تسمية خاصة بها، وهي: "تونا" و"أوسيبيرغ" و"يوكستاد"، و"فرام".
وبه أيضا عربات تشبه في تصميمها السيارات الحالية، كان يستعملها شعب الفايكينج، وغالبيتها تم استخراجها من منطقة "بورا" التي كانت تجمع مدافن الفايكينج.
وعثر بتلك المدافن أيضا على مجوهرات وأدوات حربية وأسلحة وقطع منزلية نقلت إلى متحف "الفايكينج" ومتاحف أخرى، ومازال علماء الآثار إلى يومنا يعثرون على آثار حضارة "غزاة الشمال".
من هم الفايكينج؟
و"الفايكينج" وفق التاريخ النرويجي، هم السكان الأصليون لمملكة النرويج، والذين انتشروا بفعل تجارتهم وقوتهم في السويد والدنمارك وأيرلندا وأيسلندا وجرز فارو.
وعرفوا خلال تلك الفترة القديمة بصناعة السفن الطويلة التي تستعمل للصيد والغزو والقرصنة ومنه جاءت تسمية "غزاة الشمال" الذين تميزوا أيضا بقوتهم الجسمية، واستطاعوا أن يصلوا بها إلى أمريكا الشمالية والبحر المتوسط.
ولهم تسميات أخرى، بينها "شعب البحر" و"سكان البحر"، وتذكر روايات تاريخية بأنهم نقلوا صناعة السفن الكبيرة القادرة على اختراق المحيطات إلى بريطانيا.
ولشعب الفايكينج طقوس خاصة به، بينها وضع جثامين الأغنياء في سفينة وبجانبه أغراضه الشخصية وممتلكاته، وتدفن تلك السفينة بمن فيها في الأرض، ومنهم من كان يحرقها بحسب دراسات تاريخية نرويجية.
وفي يناير/كانون الثاني 2019، عثر فريق من علماء الآثار على واحدة من أكبر المقابر الخاصة بسفن الفايكينج بالقرب من أوسلو والتي وصفها الإعلام النرويجي بـ"الاكتشاف العظيم"، بعد استخدام تقنيات حديثة لاكتشاف الآثار بينها رادار متقدمة.
وعثر فريق العلماء على بقايا سفينة يبلغ طولها 65 قدما يعود عمرها لأكثر من ألف عام، كانت مدفونة في منطقة "فيكسليتا" الواقعة جنوب شرق النرويج.