أول زيارة لـ"يول".. تاريخ حافل لعلاقات الإمارات وكوريا الجنوبية
تستعيد الإمارات وكوريا الجنوبية، مع زيارة الرئيس يون سوك يول، للدولة، السبت، تاريخا حافلا من العلاقات الثنائية المتميزة والمتطورة بينهما.
فمنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تحرص قيادة البلدين على تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية.
ولعل زيارة الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، تؤكد المساعي المشتركة لتحقيق الشراكة الكاملة خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
وتندرج زيارة الرئيس يول تحت اسم "زيارة الدولة"، فضلا عن كونها أول زيارة له إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وزيارة الدولة لا تتم إلا بدعوة رسمية من رئيس الدولة المضيفة لنظيره رئيس الدولة الزائر، فيكون فيها ضيفه شخصيا ويسكن في أحد مقرات إقامته الرسمية طوال فترة الزيارة.
وتنطوي "زيارة دولة" على معنى سياسي كبير، وتسودها أجواء احتفالية وشرفية كبيرة -على صعيديْ الاستقبال والتوديع- تنظمها الدولة المضيفة للرئيس الزائر، ويُراعى فيها التقيد التام بجميع إجراءات البروتوكول بعد التوافق عليها بين الطرفين قبل بدء الزيارة.
وتستوجب "زيارة دولة" عادة تنظيم حفل غداء أو عشاء يكون فيه الرئيس الزائر "ضيف شرف"، مع وضع برنامج مباحثات وزيارات منوعة لبعض الأماكن والمعالم.
كما تشمل إطلاق 21 طلقة بندقية في الهواء ترحيبا بالزائر إن كان رئيسا، و19 طلقة إن كان برتبة رئيس حكومة.
وقد يُدعى الضيف إلى زيارة الهيئة التشريعية (البرلمان)، وربما يُسمح له بإلقاء خطاب فيه. وفي العادة يكون طول "البساط الأحمر" الذي ينزل عليه رئيس الدولة الزائر 50 مترا.
دبلوماسية قوية
وزيارة يول التي بدأها، السبت، إلى دولة الإمارات تعكس بدورها الحيوية الكبيرة التي تتميز بها العلاقات الثنائية، وما تشهده من نمو وتطور مستمرين بفضل إرادة التعاون المشتركة التي عكستها تصريحات المسؤولين من الجانبين.
وقبل عامين، أحيت دولة الإمارات العربية المتحدة ذكرى مرور 40 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع كوريا الجنوبية، والتي تعود لعام 1980؛ حيث تم تدشين سفارة لتلك الجمهورية الآسيوية في أبوظبي.
وعلى مدار عشرات السنوات، احتفظت العلاقات الإماراتية الكورية الجنوبية بقفزات دبلوماسية متطورة للغاية؛ إذ وصلت علاقات البلدين إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية"، وذلك في عام 2009.
ولم تتوقف قفزات العلاقات الثنائية عند هذا الحد؛ بل امتدت إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية الخاصة" في عام 2018، قبل أن تتوسع لتشمل جميع مجالات التعاون على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
ولم يكن التطور النوعي في علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية دون حرص قيادة البلدين على دعم هذه العلاقات وتطويرها.
زيارات مستمرة
قفزات هائلة في العلاقات الثنائية ترجمتها على الأرض الزيارات المتبادلة المتعددة التي تمت على مستوى القادة والمسؤولين رفيعي المستوى بين دولة الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية.
وقد لعبت تلك الزيارات دوراً مهماً في توطيد وتقوية العلاقات الثنائية، ولعل أبرزها تلك التي تمت على مستوى القادة، خاصة زيارة الشيخ محـمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة -ولي عهد أبوظبي وقتها- في يونيو/حزيران 2006، ثم مايو/أيار 2010، ومارس/آذار 2012، وفبراير/شباط 2014، وفبراير/شباط 2019.
وفي المقابل، بدا الحرص الكوري الجنوبي على أعلى مستوى لتعميق العلاقات مع الإمارات، وقد تمثل ذلك في زيارة الرئيس الأسبق روه مو هيون إلى الدولة في مايو/أيار 2006.
ثم توالت زيارات الرئيس الكوري الجنوبي الأسبق لي ميونغ باك إلى دولة الإمارات، في ديسمبر/كانون الأول 2009، ومارس/آذار 2011، وفبراير/شباط 2012، ونوفمبر/تشرين الثاني 2012، وكذلك زيارات الرئيسة الكورية السابقة بارك كون هيه في مايو/أيار 2014، ومارس/آذار 2015، والرئيس السابق مون جيه إن في مارس/آذار 2018، ويناير/كانون الثاني 2022.
كبار المسؤولين
وعلى مستوى الوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى، تمت العديد من الزيارات وآخرها الزيارة الرسمية التي قام بها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي إلى سول في يوليو/تموز 2020.
تعزيز متبادل للعلاقات الإماراتية الكورية الجنوبية سجلته قنوات الحوار والاجتماعات رفيعة المستوى بين الجانبين، ومنها الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية، واجتماع (2+2) بين وزارتي الخارجية والدفاع.
وفتح البلدان مزيدا من العلاقات عبر المشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي، واجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، وكذلك من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مختلف المجالات.
ولا يخفى ارتباط دولة الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية بشراكة شملت مشروعات الطاقة النووية والاقتصاد والرعاية الصحية والثقافة والتعليم والإدارة الحكومية والفضاء والطاقة.
وترتكز العلاقات بين البلدين على دعم القيادتين في كلا البلدين، وحرصهما على توثيق أواصر التعاون المشترك في المجالات كافة.
وعزز البلدان شراكتهما بالعديد من الزيارات واللقاءات الرسمية المتبادلة بين كبار القادة والمسؤولين، غير أن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لكوريا الجنوبية في فبراير/شباط 2019 -ولي عهد أبوظبي حينها- تعد هي إحدى أبرز محطات الشراكة بين البلدين؛ إذ شهدت توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم وتعاون بين الدولتين.
وتسهم اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في رفع وتيرة التعاون والتنسيق بينهما إلى أعلى المستويات، كون البلدين يتمتعان بمقومات اقتصادية جاذبة يمكن تطويرها من خلال تقريب وجهات النظر بينهما وعبر تحديد القطاعات الحيوية التي يمكن التعاون فيها.
وثقافيا، يمتلك البلدان رؤية ثقافية مشتركة تحث على الاحتفاء بمختلف ثقافات العالم ونشر السلام والتبادل المعرفي، وفي ظل هذا التفاهم المشترك، جاء إطلاق مبادرة الحوار الثقافي الإماراتي الكوري الجنوبي لعام 2020 وتم تمديده لعام 2021 بسبب جائحة كورونا، وهو يعتبر مثالاً يُحتذى به لتأسيس علاقات دولية بناء على الاحترام والتسامح والاهتمام بالتعرف على الآخر.
وكانت الإمارات قد استضافت في عام 2016 أول مهرجان كوري جنوبي من نوعه، للاحتفاء بالإرث الثقافي الكوري وتقديمه للمجتمع الإماراتي من خلال الفنون وعروض الأداء وفن الطهي، وغيرها من العناصر التي تبرز جوانب الثقافة الكورية الجنوبية، وفي ذات العام تم افتتاح المركز الثقافي الكوري الجنوبي في أبوظبي.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA== جزيرة ام اند امز