مثقفون إماراتيون يكشفون لـ"العين الإخبارية" أسباب اختيار البابا فرنسيس للإمارات
زيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى الإمارات تحمل العديد من الرسائل والدلالات التي تؤكد تسامح المجتمع الإماراتي.
لماذا اختار قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في العالم دولة الإمارات ليحل ضيفاً على أرضها لأول مرة في تاريخ المنطقة ويلتقي مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف؟
سؤال يحمل الكثير من الإجابات التي تخفي وراءها العديد من الرسائل والدلالات التي تحملها تلك الزيارة والتي يحتضنها تراب دولة الإمارات العربية المتحدة، يقدمها لـ"العين الإخبارية" كتّاب ومبدعون ومثقفون إماراتيون.
- وزير خارجية الفاتيكان: زيارة البابا فرنسيس للإمارات رسالة لبناء السلام
- الإمارات والفاتيكان علاقات دبلوماسية ترسّخ السلم العالمي
يرى الكاتب محمد شعيب الحمادي أن تلك الزيارة المهيبة تلخص في مضمونها أن الإمارات دولة ذات حضارة تتعايش مع الثقافات الأخرى، وأن مبدأ التسامح يعد من أهم مبادئها.
وأضاف أن الإمارات منذ القدم تحتضن المعابد والكنائس، ولا يخفى على أحد المكتشفات الأثرية لمعابد تاريخية، منها اكتشاف دير مسيحي في جزيرة صير بني ياس يعود إلى القرن السابع الميلادي. وهذا يعد من أكبر الدلائل على أن هناك تعايشا سابقا، وزيارة البابا فرنسيس تدعم المساحة الثقافية بين الإمارات ودول أوروبا بشكل عام، والفاتيكان بشكل خاص.
جسر الحضارات
يقول بلال البدور رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي إن تلك هي طبيعة المجتمعات المفتوحة التي تتثاقف مع الآخر.. ولدينا 210 جنسيات على أرض الإمارات، ويشكل هذا الخليط نسيجاً فريداً ومتوائماً، ونادراً ما تجد مجتمعاً يعيش بهذا التناغم، وهو ما يؤهل الإمارات إلى أن تكون قادرة على أن تلعب دور الجسر بين الحضارات، وزيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى دولة الإمارات وفضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في آنٍ واحد، ما هي إلا ترجمة حقيقية للتواصل الحضاري والإنساني والديني في مجتمع الإمارات.
وأعربت الكاتبة صالحة غابش عن ترحيبها بهذه الزيارة التي تأتي في عام التسامح قائلة: إنه العام الذي تتلخص عناصره بوجود لغة مشتركة بين الناس وحوار مفتوح، والانسجام الذي لا يتأتى إلا بالتسامح. هذه الزيارة تعكس توجه دولتنا قيادة وحكومة وشعباً إلى قيمة الحوار في المجتمع العالمي الإنساني، خاصة في حوار الأديان والحضارات والثقافات المختلفة.
وأكدت أن أهم الأهداف في هذا العالم هو بناء السلام والإنسان، لأن المجتمع العالمي يريد أن يعيش بسلام على هذه الكرة الأرضية، ووطننا يدعو دوماً للتسامح، ومثلما يوجد المسجد، توجد الكنسية وتوجد المعابد، وهي قاعدة دينية تتلخص في آية كريمة في القرآن الكريم، فالدين الإسلامي يحث على التسامح وقبول الآخر.
المحطة الأولى
ترى الدكتورة موزة غباش رئيسة رواق عوشة بنت حسين الثقافي أن الإمارات منذ تأسيس الاتحاد حافظت على مساحة كبيرة من الود والتآلف والتسامح مع جميع الأديان، وبنت الكنائس ومراكز العبادات بكل أطيافها، وأنواعها، واحترمت الممارسات الدينية للجميع، واليوم بإماراتها السبع، واحة خضراء للأمن والاستقرار والطمأنينة والسعادة، لكل مقيم، أو زائر، أو من اختار الإمارات ليقضي سنوات التقاعد فيها.
وأضافت أنه رغم الأبعاد الكثيرة التي تحملها هذه الزيارة والتي تعد الأولى من نوعها تاريخياً لبابا الكنيسة الكاثوليكية إلى منطقة الخليج فإن البعد الحضاري والثقافي والتاريخي للزيارة يفرض نفسه، كما يفرض اختيار البابا دولة الإمارات كأول محطة يطل من خلالها على هذا الجزء من العالم نفسه أيضاً، ليؤكد الدور الحضاري الذي تلعبه دولة الإمارات، ليس في المنطقة فقط وإنما في العالم أجمع.
منظومة قيمية
ويرى محمود نور المدير العام لمجلس العويس الثقافي في زيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى دولة الإمارات حدثاً تاريخياً عظيماً، بل إنها الشعلة الأولى لعام كرسته القيادة الرشيدة ليجلو مظهراً لأحد المقومات الرئيسية لنموذج مجتمع الإمارات الفريد، ألا وهو التسامح.
وأضاف أن الدور القيادي الذي تضطلع به دولة الإمارات يجعل منها رائدة ليس في الجانب العمراني والتكنولوجي فحسب، بل في إثراء "المنظومة القيمية" وقيادة المنطقة بأسرها نحو مزيد من ثقافة التقبل والتعايش السلمي بين كل الطوائف والأديان.
وختم نور حديثه بالقول إن التعايش بين المكونات الثقافية المتجاورة في المنطقة من مسلمين ومسيحيين هو أمر حتمي ولازم لاستقرارها وازدهارها، ولنا في واقع التعايش والتعارف المبني على التسامح المستمر بين الأديان والثقافات المتعددة على أرض الإمارات وانصهارها متجهة نحو رقي البشرية مثال يحتذى.
تعايش ووئام
وتعتبر الشاعرة شيخة المطيري أن التسامح في الإمارات نهج يتجلى في مختلف المجالات، ومن خلال "عام التسامح" واستضافة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، نحن نعزز مفهوم وفكرة التسامح والتعايش والوئام بين شتى الآراء والتوجهات والمذاهب، والحقيقة أن الإمارات بهذا النهج تؤكد رفعة رسالتها العالمية ودورها الحضاري الذي تجمع من خلاله شعوب الإنسانية على الخير والمحبة، مؤكدة أن هناك مواضيع مشتركة تجعلنا نتفاهم ونتواصل بشكل جيد.
وتستطرد: "إننا في الإمارات نموذج يقتدى في تعزيز الحوار وثقافة التسامح، من خلال شتى المجالات، في الفن والحياة والعمل المؤسسي، وفي ثقافة التعاطي والعيش بسلام ومحبة مع الجميع".
ويرى الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث أن زيارة البابا فرنسيس لدولة الإمارات فرصة حقيقية لتقديم صورة ذهنية مغايرة عن الشعوب العربية تغاير الصورة النمطية التي وسمت العرب بسمات سلبية، بل قرنتهم بالإرهاب والعنف ونفي الآخر.
وأضاف المسلم أن هذه الزيارة تأتي من منظور اجتماعي يؤصل روابط الحب والتسامح وينشر للبشرية طاقة إيجابية تنعم بها دولتنا ونعلّم أبناءنا حب الغير مهما اختلف معك في ميوله ورغباته، فذلك شأن الشعوب والأعراق على جميع اختلافاتهم، هكذا علمنا ديننا الحنيف.
روح التآخي
وقالت الشاعرة شيخة الجابري إن زيارة قطبي الإسلام والمسيحية لدولتنا تعزز فينا روح التآخي وتقوي أواصر البذل والإيثار من أجل السلام. إننا نثمن زيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في عام التسامح، والتي تأتي لتعزز وتغني قيمة رسالة دولتنا الحضارية، ونفتخر بقيادتنا الغراء التي تترجم القول فعلاً خلاقاً يعزز نشر قيم الحب والتسامح إلى العالم.
وختمت الجابري حديثها: "لأن الإمارات يختلط فيها أكثر من 200 جنسية من مختلف الجنسيات والأعراق، فكان من حظنا أن ينصهر الجميع داخل نسيج واحد على أساس الود واحترام الحقوق والخصوصية الثقافية للفرد والجماعة وإتاحة حرية التعبير في دولة خصبة تترك للجميع حرية المعتقد وتهيئ المعيشة والتعليم والعمل.