الحرب الباردة.. كيف أعاد بوتين أمريكا للأيام الخوالي؟
أعادت موسكو توجيه المشهد الاستراتيجي في العالم، وهي تسحب الغرب على مضض إلى مواجهة عسكرية ودبلوماسية طويلة الأمد.
وتقول صحيفة "بوليتكو" الأمريكية، إن التطورات التي جاءت بعد حشد روسيا ما يقدر بنحو 190 ألف جندي على طول الحدود مع أوكرانيا، تهدد بتحويل القوة العسكرية والدبلوماسية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي" الناتو" عن التحديات المتنامية الأخرى مثل الصين.
ووفقا للصحيفة فيعتقد مجموعة من المسؤولين والمتخصصين الأمريكيين والأوروبيين أن الرد الغربي بمساعدة أوكرانيا هو بداية التزام عسكري ودبلوماسي أمريكي أكبر تجاه أوروبا الشرقية.
ويقول وزير الدفاع اللاتفي أرتيس بابريكس، إنه "حدوث انخفاض في المد الروسي ضد أوكرانيا، لا يعني اختفاءه، بل سيعود مرة أخرى، لذا فإننا بحاجة إلى الاستعداد لفترات أطول من المواقف التصعيدية الشديدة مع روسيا وبوتين".
وتعتقد ليانا فيكس، خبيرة الشؤون الروسية في مؤسسة كوربر في برلين، أن الحلفاء بأوروبا الشرقية سيرغبون في وجود المزيد من القوات الأمريكية على أراضيهم، وسيسعون للحصول على المزيد من الضمانات.
وهو ما سيؤدي بدورة إلى تغييرات في استراتيجية الناتو. فالمفهوم الاستراتيجي للتحالف، والذي يخضع الآن للمراجعة، على حد قولها.
وتعتقد روز جوتيمولر، التي شغلت منصب نائبة الأمين العام لحلف الناتو في الفترة من 2016 إلى 2019 وأجرت مفاوضات مع روسيا بشأن من التسلح خلال عملها في وزارة الخارجية الأمريكية، أن المفهوم الاستراتيجي الأخير الذي نُشر عام 2011 والذي يقول إن أوروبا في سلام وأن روسيا ليست خصمًا، يجب أن يتغير الآن وأن يستبدل بضرورة الحصول على دفاع قوي ورادع لروسيا.
ويتضمن ذلك أيضًا إعادة تقييم قانون تأسيس الناتو وروسيا لعام 1997، عندما اتفق الجانبان على "ممارسة ضبط النفس" بشأن نشر القوات على حدودهما.
لكن البعض يبدي قلقا بشأن احتمال نشر صواريخ مسلحة نوويًا ويرون أن هناك حاجة ملحة للجانبين لاتخاذ خطوات لاستعادة بعض الاستقرار لمنع نزاع أوسع بكثير.
وستتطلب مواجهة روسيا أيضًا تركيزًا أكبر بكثير على استخدام وسائل "القوة الناعمة" لبناء النوايا الحسنة بين الديمقراطيات المتعثرة على أعتاب روسيا، والتي كانت عنصرًا حاسمًا في استراتيجية الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة.
ويعتقد جوناثان كاتز، مدير مبادرات الديمقراطية في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، أنه سيتعين على الولايات المتحدة "وضع موارد القوة الناعمة لتلائم موارد القوة الصلبة".
لكن جهود بوتين للقوة الصارمة تدفع بالولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين مرة أخرى إلى المواجهة التي أعتقد الكثيرون أنها انحسرت منذ فترة طويلة.
وقال برادلي بومان، المدير الأول لمركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الصقور للدفاع عن الديمقراطيات: "يذكرنا بوتين بأهمية القوة الصارمة، إنه أمر واقعي ويجب أن نحيط به علما"، مشيرا إلى أنه من المرجح أن يجبر بايدن على إعادة التفكير في سلسلة من المراجعات العسكرية والاستراتيجية التي شارفت على الاكتمال.
وأضاف: "هذا له تداعيات على استراتيجية الأمن القومي التي سيتم إصدارها، ولها آثار على استراتيجية الدفاع الوطني ومراجعة الوضع النووي و الدفاع الصاروخي".