رحلة «والت ديزني»: مبدع الرسوم المتحركة ومؤسس عالم سحري لا ينتهي
وُلد والتر إلياس ديزني (Walter Elias Disney) في 5 ديسمبر/كانون الأول عام 1901، وكان رجل أعمال، منتجًا، مخرجًا، وكاتب سيناريو متخصصًا في الرسوم المتحركة.
يعتبر والتر إِلياس ديزني من أبرز الشخصيات المؤثرة في تاريخ سينما الرسوم المتحركة للأطفال، حيث اكتسب ديزني مكانة أيقونية في هذا المجال بفضل إسهاماته الكبيرة في صناعة الترفيه خلال معظم القرن العشرين، واشتهرت أعماله بشخصيات مثل "ميكي ماوس" و"بطوط".
والت ديزني من رائد الرسوم المتحركة إلى إمبراطور الترفيه العالمي
أسّس والت ديزني مع شقيقه روي أوليفر ديزني شركة «والت ديزني»، التي بدأت كرائدة في هوليوود وتحولت إلى واحدة من أشهر شركات الإنتاج في الرسوم المتحركة، وتُعتبر الشركة من أكبر المؤسسات في قطاع الإعلام والترفيه عالميًا، بعائدات سنوية تُقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
وبرز ديزني كمنتج سينمائي مبدع في مجال الرسوم المتحركة، ومصمم متميز للحدائق الترفيهية، ورجل استعراض شعبي، وبالتعاون مع فريقه، ابتكر شخصيات كرتونية شهيرة، أبرزها ميكي ماوس، الذي أدّى صوته الأصلي بنفسه، بالإضافة إلى شخصيتي دونالد داك وغوفي.
وخلال مسيرته المهنية الطويلة والناجحة، حصل ديزني على 26 جائزة أوسكار من بين 59 ترشيحًا، إلى جانب 4 جوائز فخرية، مما جعله الأكثر فوزًا بجوائز الأكاديمية، كما نال 7 جوائز إيمي.
خلّف ديزني إرثًا هائلًا تجسد في منتجعات ديزني العالمية، مثل ديزني لاند في كاليفورنيا، وديزني لاند فلوريدا، وديزني لاند هونغ كونغ، وباريس ديزني لاند، ومُنتجعي طوكيو ديزني وديزني لاند شنغهاي، مما جعل اسمه علامة فارقة في صناعة الترفيه.
بداية مشوار ديزني
وصل ديزني إلى لوس أنجلوس ومعه أربعون دولاراً في جيبه وفيلم غير مكتمل في حقيبته. كان قد فكر في ترك مجال الرسوم المتحركة، معتقداً أنه لا يستطيع منافسة استوديوهات نيويورك، فقرر أن يصبح مخرج أفلام حية.
لكنه فشل في العثور على عمل في هذا المجال. بعد ذلك، قرر العودة إلى عالم الرسوم المتحركة مجدداً، وبدأ في مرآب عمه روبرت، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 1923، التقى ديزني بأخيه روي الذي كان قد تعافى من مرض السل في مستشفى المحاربين القدامى في لوس أنجلوس، وقررا معًا إنشاء استوديو للرسوم المتحركة في هوليوود.
قام ديزني بإقناع روي بتولي المسؤولية المالية للاستوديو، ووافق روي على ذلك، وبناءً على طلب ديزني، حضرت الممثلة فرجينيا ديفيس، بطلة فيلم «أليس في بلاد العجائب»، من كانساس إلى هوليوود مع عائلتها، كما انضم أيوركس وعائلته إلى المشروع.
وكانت هذه البداية الفعلية لاستوديو الأخوين ديزني، الذي كان يقع في شارع هايبريون في منطقة البحيرة الفضية، واستمر هناك حتى عام 1939، ليصبح الأساس لشركة والت ديزني، وفي عام 1925، استأجر ديزني شابة تُدعى ليليان بوندز للعمل على تحبير وتلوين الأفلام، وبعد فترة خطوبة قصيرة، تزوجا في 25 يوليو 1925.
عائلة ديزني: من الإنجاب إلى التبني والتاريخ العائلي
بعد عدة محاولات للإنجاب بعد زواجهما في 25 يوليو 1925، أنجبت ليليان طفلتهما الأولى ديان ماري ديزني في 18 ديسمبر 1933، التي تُوفيت عام 2013 عن عمر يناهز 79 عامًا.
ومع عدم وجود فرصة أخرى للإنجاب، تبنّى ديزني وزوجته طفلة ثانية تدعى شارون ماي ديزني في عام 1936، والتي أنجبت كاثرين سبيتكتيب في 1988 وتُوفيت في 1993، بينما توفيت ليليان في 16 ديسمبر/ كانون الأول 1997.
توسع ديزني في مجالات الترفيه: من الأفلام إلى التلفزيون والمتنزهات
بدأت شركة والت ديزني للإنتاج بتوسيع نشاطاتها مع إنشاء ديزني لاند، وتوجهت إلى مجالات أخرى في صناعة الترفيه، وكان فيلم «جزيرة الكنز» (1950) أول فيلم واقعي للشركة، تلاه العديد من الأفلام مثل «20000 فرسخ تحت الماء» (1954)، و«كلب الشاجي» (1959).
أدركت ديزني مبكرًا أهمية التلفاز، وأنتجت أول برنامج تليفزيوني عام 1950 بعنوان «ساعة في أرض العجائب»، كما رعت برنامج «ديزني لاند» على قنوات إي بي سي للترويج لمنتزهها الترفيهي الجديد، وبدأت في بث أفلام قديمة، ومن أبرز برامجها التليفزيونية «نادي ميكي ماوس»، الذي أصبح أول برنامج تليفزيوني يومي.
مع توسع استوديوهات ديزني، بدأ الاهتمام بالرسوم المتحركة في التراجع، حيث تم توكيل المهام إلى رسامين، وأطلقوا عليهم لقب «العجائز التسع»، ورغم ذلك، قدم قسم الرسوم المتحركة العديد من الأفلام الناجحة مثل «101 كلب» (1961) و«الأميرة النائمة» (1959).
وبحلول الستينات، أصبحت شركة ديزني الأهم في مجال الترفيه العائلي، وحققت نجاحًا مع فيلم «ماري بوبينز» (1964) الذي جمع بين الرسوم المتحركة والواقع، وفي نفس العام، تم تقديم تطورات كبيرة في المعرض العالمي بنيويورك، بما في ذلك الشخصيات السمعية المتحركة.
وفي عام 1965، تم الإعلان عن بناء منتزه «عالم ديزني» بالقرب من أورلاندو بفلوريدا، والذي افتُتح بعد وفاته، وقبل وفاته بفترة قصيرة، كان ديزني يخطط لمشروع منتجع للتزلج، ولكنه أُلغي لاحقاً بسبب اعتراضات بيئية.
وفاة والت ديزني
في الأشهر الأخيرة من عام 1966، توقف والت ديزني عن تطوير عالم ديزني بعد تشخيص إصابته بسرطان الرئة اليسرى، نتيجة سنوات من التدخين المفرط، ورغم ذلك، لم يكن ديزني يدخن أبدًا أمام الأطفال.
وفي نفس العام، كان من المقرر أن يخضع ديزني لعملية جراحية في عنقه بسبب إصابة قديمة تعرض لها أثناء لعب البولو لعدة سنوات في نادي ريفييرا في هوليوود، وبعد اجتيازه الفحص الطبي في مستشفى سانت جوزيف القريب من مبنى الاستوديو، تعرض ديزني لسكتة قلبية.
توفي والت ديزني في برمنجهام، كاليفورنيا، في 15 ديسمبر/ كانون الأول 1966، إثر إصابته بسرطان الرئة، تاركًا وراءه إرثًا ضخمًا يتضمن العديد من أفلام الرسوم المتحركة القصيرة والطويلة التي تم إنتاجها طوال حياته، كما خلف استوديوهات والت ديزني للرسوم المتحركة ومعهد كاليفورنيا للفنون.
تجميد جسد ديزني: القصة المثيرة التي ألهمت العالم
نفذ شقيقه روي مشروع مدينة ديزني الترفيهية في فلوريدا، وأصر على تسميتها «عالم والت ديزني» تكريماً لأخيه، وتوفي روي بعد ثلاثة أشهر من افتتاح المدينة في عام 1971، وقبل وفاته بدقائق، كان ديزني قد تم تجميده، وزُعم أنه تم إدخال جسده، وهو لا يزال على قيد الحياة، إلى غرفة تجميد بدرجات حرارة منخفضة، بهدف تقدم العلوم والعمل على إعادة إحيائه وعلاج رئتيه المريضتين، وقد أثارت هذه القصة ضجة كبيرة في جميع أنحاء العالم، حيث أصبح ديزني رمزًا لفكرة التجميد في حالة الحاجة الماسة لذلك.