هل تريد معرفة الهدف التالي لترامب؟.. راقب «جيش» ماسك
لم يعد خافيًا على متابعي السياسة الأمريكية ما يفعله الملياردير إيلون ماسك، فمجرد متابعته تكفي لمعرفة الأهداف والأشخاص والكيانات التي سيصدر بحقها قرارات من الرئيس دونالد ترامب أو التي ستغير قناعاتها على وقع الضغط.
ووفقًا لموقع «أكسيوس» الأمريكي، فإن ماسك، الذي بات أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في بيروقراطية أمريكا، لا يكتفي بالوصول إلى الأنظمة الحكومية الحساسة، بل يعتمد على جيش من متابعيه المخلصين، وغالبًا المجهولين، للتأثير على قرارات إنفاق مليارات الدولارات من المال العام.
- إيلون ماسك ونتنياهو.. سببان وراء «حرب» ترامب وجنوب أفريقيا
- ماسك «رئيسا» على غلاف «تايم».. وترامب يعلق
ويسعى ماسك إلى تفكيك البيروقراطية الحكومية الأمريكية مستفيدًا من قاعدته الجماهيرية الضخمة على منصة «إكس»، والتي وصفها موقع «أكسيوس» بـ«جيش ماسك»، الذي يشير إليه بالأهداف التالية ويدعمه.
ويتفاعل ماسك مباشرة مع المستخدمين الذين يقترحون تقليص الإنفاق الحكومي، بل إنه لجأ إلى استطلاع على المنصة لتبرير إعادة تعيين موظف استقال بسبب تغريدات عنصرية.
وخلال ولايته الأولى، أحدث دونالد ترامب تغييرًا جذريًا في إدارة الحكومة عبر إصدار قراراته الرئاسية من خلال التغريدات.
أما ماسك، الذي ينشر عادةً عشرات التغريدات يوميًا، فقد تبنّى أسلوبًا معاكسًا يعتمد على اقتراحات المستخدمين التي تُنفّذ فعليًا عبر إدارته المعروفة باسم «وزارة كفاءة الحكومة».
هجمات تلاحقها قرارات
قبل تعليق تمويلها، هاجم ماسك «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية»، حيث نشر منشورات تنتقد إنفاقها للأموال العامة، وبعدها أُعلن أن ترامب وافق على تعليق تمويلها.
كما استهدفت وسائل الإعلام بالادعاءات، حيث زعم مستخدمون خطأً أن صحيفة «بوليتيكو» تلقت ملايين الدولارات من الوكالة، بينما كانت الحقيقة أن الاشتراكات الحكومية في منتجاتها المتخصصة هي مصدر التمويل.
وبعد نشر لقطات شاشة لهذه النفقات، وصفها ماسك بأنها إهدار للمال، وبعد ساعات فقط، أعلن البيت الأبيض إلغاء اشتراكات «بوليتيكو»، كما ألغت «وزارة كفاءة الحكومة» اشتراكاتها في صحيفة «نيويورك تايمز» ووسائل إعلام أخرى.
في سياق مشابه، طالب ماسك متابعيه بتقديم أدلة على أي تجاوزات ارتكبها «الصندوق الوطني للديمقراطية»، وهو كيان حكومي متخصص في دعم المشاريع الديمقراطية في الخارج.
كما تدخّل في قرارات حكومية أخرى، حيث استجاب لشكوى أحد المستخدمين من نظام تقديم الإقرارات الضريبية المباشرة، فأمر بحذفه على الفور، وكرر التصرف ذاته عندما انتقد مستخدم آخر أحد برامج الإدارة العامة للخدمات.
ولم تتوقف قرارات ماسك عند هذا الحد، بل امتدت إلى استهداف إنفاق بعض المؤسسات الحكومية، حيث أشار الرئيس التنفيذي لشركة «فليكس بورت» إلى ضرورة مراجعة «دار سك العملة الأمريكية» في سان فرانسيسكو.
فما كان من ماسك إلا أن رد قائلًا إنه «سيتم أخذ ذلك في الاعتبار»، مما أثار الجدل حول مدى تأثيره على القرارات الحكومية.
وفي خطوة أثارت انتقادات واسعة، ساهم ماسك في إعادة مسؤول حكومي إلى منصبه بعد أن استقال إثر نشره تغريدات عنصرية.
وبعدما كشف تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن القضية، أجرى ماسك استطلاعًا على منصته، شارك فيه نائب الرئيس جاي دي فانس، ليُعلن بعد ذلك إعادة المسؤول إلى منصبه.
ضغوط تجبر على الرضوخ
تزايدت الضغوط حول دور ماسك في القرارات الحكومية بعدما دخل في تحالف مع إد مارتن، أحد أبرز مؤيدي ترامب والقائم بأعمال المدعي العام في العاصمة واشنطن.
وبعد تقارير عن صدام بين موظفي «وزارة كفاءة الحكومة» ووزارتي الخزانة والتنمية الدولية، زعم ماسك أن الكشف عن هوية فريقه يمثل جريمة، فردّ مارتن بإصدار بيان رسمي يدعو إلى حماية موظفي الوزارة.
كما استجاب مارتن لطلب أحد المستخدمين التحقيق مع أحد المعلقين التقدميين، حيث رد عليه بأنه «سيتم أخذ ذلك في الاعتبار»، مما أظهر التأثير المباشر للضغوط الرقمية على القرارات الحكومية.
وفي سياق آخر، ساعد ماسك بشكل كبير في الضغط على «مجلس الشيوخ» للموافقة على تعيينات مثيرة للجدل في إدارة ترامب، باستثناء مات غايتس، حيث استخدم متابعوه أساليب الضغط الرقمي لحثّ بعض أعضاء مجلس الشيوخ على تغيير مواقفهم.
فعلى سبيل المثال، تراجعت السيناتور جوني إرنست عن تحفظاتها على تعيين بيت هيغسيث بعد تعرضها لحملة ضغط مكثفة.
كما استسلم السيناتور بيل كاسيدي للضغط الرقمي ووافق على تعيين روبرت كينيدي الابن، في حين اضطر السيناتور تود يونغ إلى دعم تولسي غابارد بعدما تلقى تهديدات من معسكر ترامب بخوض انتخابات أولية ضده.
لطالما استخدم ماسك أسلوب الاستعانة بالجماهير في تطوير أفكار جديدة في شركاته، لكنه الآن يدمج هذا النهج مع هدفه في تقليص إنفاق الحكومة الأمريكية، ليصبح أداة سياسية مؤثرة بشكل غير مسبوق.
فلم يعد مجرد رجل أعمال، بل بات سلاحًا رقميًا في خدمة ترامب، يساهم في إعادة تشكيل المشهد السياسي.