اقتصاد حرب «بلا حرب».. ما وراء تلميحات رئيس الوزراء المصري حول ترشيد الإنفاق؟
رصد لتأثير الخطة على معيشة المواطنين
بعد نحو 57 عاما على تجربة المصريين مع ما يسمى «اقتصاد الحرب» في أعقاب نكسة يونيو/حزيران 1976 وما تلاها حتى نصر أكتوبر/تشرين الأول 1973، عاد المصطلح إلى السطح مجددا على لسان رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي.
وخلال مؤتمر صحفي أمس ألمح رئيس الوزراء المصري إلى استعداد مصر لتطبيق "اقتصاد الحرب" حال اندلاع حرب شاملة، ما يعني جاهزية الحكومة للتحديات المستقبلية التى قد تؤثر على المنطقة.
وقال الدكتور مدبولي إنه وجه الحكومة لترشيد الإنفاق، والعمل على تعزيز مخزونات السلع الأساسية.
اقتصاد حرب.. بلا حرب
وتعليقا على تصريحات رئيس الوزراء المصري قال الدكتور ماهر جامع الخبير الاقتصادي إن اقتصاد الحرب لا يعني دخول مصر طرفا في صراع ما، لكن الوضع الاقتصادي المجاور يفرض عليها ترتيب أوراقها ودراسة وترشيد احتياجاتها وإنفاقها وتأمين الاستهلاك.
وأوضح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن توجيهات رئيس الوزراء لأعضاء الحكومة بترشيد الإنفاق وحوكمته تعني تطبيقا عمليا لاقتصاد الحرب، مؤكدا أن ذلك يعني أن الدولة المصرية تعيد تنظيم كافة عمليات إنتاج وتوزيع السلع والخدمات خلال الفترة المقبلة.
وشدد على أن الحكومات في حالات الحروب تبدأ في ترشيد الإنفاق الحكومي وتحقيق أقصى استفادة من الموارد مع ضمان توجيه الأموال للأولويات فقط خاصة السلع الأساسية مثل القمح والدواء.
وتتبع الحكومة المصرية إجراءات تستهدف من خلالها ترشيد الإنفاق الحكومي وتحديد الأولويات بهدف تعديل أوضاعها الاقتصادية، وذلك منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، ومن بينها إجراءات تأجيل المشروعات التى تستلزم تمويلا دولاريا.
- صندوق النقد طلب تأجيل مراجعة القرض.. متى يتم صرف الشريحة الرابعة لمصر؟
- بنكان حكوميان في مصر يخفضان الفائدة على الشهادات الدولارية.. كم ستكون؟
متى ظهر مفهوم اقتصاد الحرب؟
ظهر مفهوم اقتصاد الحرب لأول مرة خلال الحرب الأهلية الأمريكية ما بين عامي 1861 و1865، وبرز مجددا مع الحرب العالمية الثانية عندما أشار الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين روزفلت في أحد خطاباته إلى ضرورة التحول إلى اقتصاد حرب في حال انتصار دول المحور.
والولايات المتحدة تعد من بين أكثر الدول التى طبقت مفهوم اقتصاد الحرب خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وحرب فيتنام.
تجربة مصر مع اقتصاد الحرب
طبقت مصر اقتصاد الحرب في الفترة من 1967 وحتى 1973، عندما أعلن الدكتور عزيز صدقي رئيس الوزراء عن ميزانية المعركة، التي جاءت بهدف تعبئة الاقتصاد وتنظيمه خلال فترة الحرب، إذ كان من المفترض أن يتم تعديل الموازنة العامة لتصبح ميزانية المعركة، بهدف توفير جميع احتياجات القوات المسلحة خلال فترة الحرب وتمويل المتطلبات الناتجة عنها.
وخلال موازنة الحرب كان المقرر أن تعد الحكومة خطة للتصدير والاستيراد لضمان توفير الدولار مع التركيز على الاستيراد من الدول العربية والصديقة، مع العمل على إحلال المنتجات المحلية كبديل للمنتجات المستوردة، الأمر الذي يسهم في تعزيز الصناعة الوطنية وتقليل الاعتماد على الخارج.
- وزير المالية المصري يُعلن تفاصيل الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية.. حوافز وإعفاءات
- زيادة أسعار كروت الشحن وباقات النت في مصر.. مسؤول يكشف الحقيقة
توجيه الموارد وحوكمة الضرائب
ويعتمد اقتصاد الحرب على مجموعة من القوانين التي تتيح للدولة السيطرة على كافة الموارد وتلزم المصانع بتطبيق تغييرات جوهرية لتحقيق الأهداف وتحقيق التوازن بين الاحتياجات العامة للدولة بما فيها الاحتياجات العسكرية، وتشمل أيضا تغييرات جوهرية بما فيها الضرائب.
وفي تصريحاته أمس قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن دخول المنطقة في حرب إقليمية سيكون له تبعات خطيرة، الأمر الذي قد يدفع الدولة إلى تطبيق اقتصاد الحرب، لذا من الضروري أن يتم التركيز على ضمان استمرارية واستقرار توفير السلع والخدمات والبنية التحتية للمواطن المصري.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي أمس الأربعاء، مع وزيري المالية والاستثمار والتجارة الخارجية، أن اجتماع المجلس أكد أهمية تعزيز الحوكمة وترشيد النفقات والاستهلاك، تحسبا لأي سيناريوهات سلبية، وفهم كيفية التعامل مع هذه المواقف.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة وضعت تكليفات واضحة لوزيري البترول والكهرباء، ومحافظ البنك المركزي، للتنسيق والتعاون بهدف تقليل تأثير الأوضاع الحالية على الدولة قدر الإمكان، مشددا على أن الأحداث الجارية في المنطقة تؤثر بشكل كبير على الدول المجاورة.
aXA6IDE4LjExNy4xNTYuMTcwIA== جزيرة ام اند امز