"حروب الجيل الخامس".. إسقاط الدولة يبدأ باستهداف الولاء للوطن
كتاب جديد يوضح خطورة "حروب الجيل الخامس" لتوظيفها الحروب التقليدية والأدوات الاقتصادية والمعلوماتية والسيبرانية وتمزج بين التكتيكات.
يرى كتاب "حروب الجيل الخامس. أساليب التفجير من الداخل على الساحة الدولية" أن الأداة الأهم لتحصين المجتمعات ضد هذه الحروب تقوم على تبني سياسات الحكم الرشيد وإدارة عملية استباقية تركز على التحسين المادي لجوانب الضعف في النظام الاجتماعي، ويدعو إلى الاستغلال الإيجابي لطاقات الشباب وتمكينهم مجتمعيا لمواجهة ظواهر مثل البطالة وعدم المساواة، لكي تحافظ الدولة على شرعيتها أمام مواطنيها لمواجهة كل أشكال الاختراق.
الكتاب صدر في 240 صفحة من القطع المتوسط عن دار العربي للنشر في القاهرة بالتعاون مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبوظبي، وهو من تأليف الدكتور شادي عبدالوهاب منصور، رئيس وحدة الدراسات الأمنية بالمركز.
ويسعى المؤلف إلى توظيف مفهوم "أجيال الحروب من الأول إلى الخامس" باعتباره تصنيفا مفيدا لتاريخ الحرب، يساعد على فهم ماضيها وعوامل تطورها لفهم أشكال الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية حاليا.
ويلفت الكتاب النظر إلى حداثة تعبير "حروب الجيل الخامس" التي تشكل الجهد النظري حولها في العقد الأخير، موضحا أن حروب الجيل الخامس نوعية من الحروب تعبر عن صراع توظف من خلاله عدة مجالات من الحروب التقليدية، مضافا لها الأدوات الاقتصادية والمعلوماتية والسيبرانية وغيرها، وتمزج بين التكتيكات التقليدية وغير التقليدية وتعتمد على بناء تحالفات تضم فاعلين من الدول والفواعل المساعدة.
ويصف الكتاب حروب الجيل الخامس بأنها "بلا قيود" حيث لا توجد فيها محظورات، وليست قاصرة على الدول، بل صارت تمتد إلى المجتمعات، وقد تلجأ لتطبيق فكرة أحد القادة العسكريين الصينيين، التي تقول إن أعظم درجات المهارة هي "تحطيم العدو دون قتال"، ومن خلالها أيضا يصعب تحديد هوية الطرف القائم بشن الحروب.
وتستند هذه الحروب على المصالح المشتركة بدلا من أهداف الأيديولوجية أو الوطنية، وقد تؤجل أهدافها العسكرية لصالح الاعتماد على الحروب الاقتصادية والمعلوماتية وبناء تحالفات أوسع بهدف إسقاط الدولة المستهدفة.
ويشير الكتاب إلى أن واحدة من مؤشرات التحول الراهن في طبيعة الصراعات ما يسمى بـ"ضعف الولاء" للدولة الوطنية، حيث تعمل بعض التنظيمات والدول على توظيف الانتماء المذهبي والإثني سعيا لاختراق الدولة الوطنية ودفع مكوناتها المجتمعية للصراع على أساس إثني أو عقائدي يبرر محاولات الخروج عن سيطرة الحكومة المركزية ويعمل ضدها تحت زعم الدفاع عن مذاهب أسمى.
ويضع المؤلف تنظيم "داعش" في مقدمة التنظيمات التي تسعى لتحقيق هذا الهدف ومعها إيران التي تزعم أنها تمثل الأقليات الشيعية في الدول العربية وتوظف هذا الدافع لإضفاء الشرعية على سياستها الخارجية التي يصفها الكتاب بـ"العدوانية".
ويحذر المؤلف مما يسمى بنمط الحروب بالوكالة ويضرب مثالا بما تفعله قوات الحوثيين في اليمن ويراها صورة من صور التوظيف الإيراني للوكلاء لمد نفوذه الإقليمي في المنطقة.
ومما يلاحظه الكتاب أن الدعم الإيراني لم يقتصر على الجماعات الشيعية؛ حيث عمدت طهران في مرحلة تالية إلى دعم عدد واسع من الجماعات الإرهابية السنية في الشرق الأوسط ومنها داعش وحركة طالبان وحركة الشباب الإسلامية في الصومال.
ويتناول الكتاب نوعية أخرى من الصراعات هي الحروب الهجينة وثيقة الصلة بحروب الجيل الخامس، وتشير إلى دمج كامل للوسائل العسكرية وغير العسكرية للدولة لتحقيق هدف سياسي، وذلك من خلال توظيف أنواع مختلفة من القوى، وهو نمط تم تطبيقه بحسب الكتاب في انتفاضات الربيع العربي.
ويشدد الكتاب على أن حروب الجيل الخامس تختلف عن سابقاتها من الحروب بسبب طبيعتها كحروب شبكية، إذ لا يوجد فيها مركز ثقل يعكس الهيكل المؤسسي للأطراف التي تخوض الصراع ويرتبط بهذا الملمح غياب القيادة لأن قادتها "أفراد يعملون بصورة لا مركزية".
ويحدد الكتاب سبل وأساليب مواجهة حروب الجيل الخامس التي تتنوع ما بين التدابير الأمنية أو بناء شراكات وتحالفات مضادة، والأهم بناء استراتيجيات تقوم على توعية المجتمع بمخاطر الدعاوى الرامية إلى إسقاط الدولة، وتشمل هذه التدابير الاستثمار المباشر في تكنولوجيا المراقبة والرصد وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في التحليل التنبُّئِي.