حرب شائعات بليبيا.. جيش إلكتروني لإنقاذ مليشيات طرابلس
وسط معارك خاسرة لملشيات الإخوان في طرابلس يستخدم إعلام السراج شائعات يقودها خبراء أجانب لمحاولة منع التفاف الليبيين حول جيشهم الوطني
بعد أن ضاقت شوارع طرابلس على المليشيات الإخوانية، وتزايد تطاير رقاب رجال رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، لم تجد القيادات الإرهابية حرباً أفضل من الشائعات الإعلامية لوقف زحف الجيش الليبي نحو العاصمة.
- خبراء: السراج يهدر أموال الليبيين لاستجداء دعم سياسي لمليشياته
- مسؤول ليبي: السراج يستخدم أموالنا بدعم الإرهاب وجلب المرتزقة
ففي خضم المعركة الدائرة لتحرير طرابلس من المليشيات الإرهابية، استخدم إعلام حلفاء السراج العديد من الشائعات عبر غرف عمليات يقودها خبراء أجانب متخصصون في تحليل المحتوى الإعلامي.
حروب الشائعات
ناصف الفرجاني، الباحث السياسي الليبي، قال إن حكومة السراج لجأت لحروب الشائعات في محاولة منها لزعزعة ثقة الليبيين في قوات جيشهم الوطني.
وأشار الفرجاني إلى أن المليشيات حاولت الترويج لشائعات أسر الضابط أسامة الأطرش قائد السرية الثانية دبابات التابع للواء 106 مشاة بالجيش الليبي.
وخرج الأطرش ونفى هذه الشائعة تماما، مؤكدا أنه بصحة جيدة وأن الأوضاع بكافة المحاور “ممتازة" وفق وصفه، وأن القوات لا تزال تحقق عددا من التقدمات في إطار الخطة الموضوعة والأوامر من القيادة العامة وغرفة عمليات الكرامة بالمنطقة الغربية.
وأوضح الفرجاني أن الشائعة تستهدف تحديد موقع الضابط أسامة الأطرش بخروجه ونفي الشائعة، مما يسهل استهدافه عبر تحليل الفيديو لتحديد موقعه.
وهناك أيضاً شائعة استشهاد المقدم خالد خليفة حفتر آمر اللواء 106، وهو ما نفته غرفة عمليات الكرامة، وهنا أكد الباحث الليبي أنها هدفت إلى ضرب معنويات داعمي الجيش الوطني الليبي، وكانت تهدف إلى إيصال رسالة أن المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية لا يستطيع حماية حتى أبنائه.
وفي السياق ذاته، روجت مليشيات الوفاق شائعة استشهاد اللواء فوزي المنصوري آمر محور عين زارة بطرابلس بوقت متأخر من الليل، ومع تعليمات من القيادة العامة للجنود بعدم استخدام الهواتف.
ونشرت المليشيات صورا للمنصوري من إصابات سابقة عام 2011، إلا أنه نفى الشائعة بشكل قاطع على صفحته الرسمية.
وحول هذه الشائعة يرى الفرجاني أن الهدف من ورائها كان تحديد موقع اللواء المنصوري وإرباك قوات الجيش الليبي، خاصة في وقت صعبت فيه وسائل الاتصال والتحقق.
الفخاخ المزدوجة
يعتقد محللون ليبيون أن شائعة الزيارة المرتقبة للمشير حفتر إلى البيت الأبيض وراءها المليشيات، بهدف الكشف عن الموقف السياسي الأمريكي الذي يدور في الكواليس، إلى جانب ضرب مصداقية القائد العام للجيش الليبي، وأن الإدارة الأمريكية تخلت عنه حين لا تتم الزيارة المزعومة.
وحسب أصحاب هذا التفسير فإن المليشيات هنا استهدفت الطرفين لإحداث وقيعة بينهما أو استدراجهما للصدام، وهو ما كان معروفا قديما بـ"سياسة فرق تسد" لكن مع تطويرها.
وعلى صعيد التفتيت، يشير محللون إلى محاولة مليشيات طرابلس تفكيك النسق الاجتماعي الليبي التي حاولت حكومة السراج تطبيقها مع إنشاء ما يسمى بـ"الجبهة البرقاوية"، والترويج لها في إعلام المليشيات لضرب الشرق بالانقسامات حتى داخل القبيلة الواحدة.
إضافة الى محاولة المليشيات الإيقاع بين قبيلتي (ترهونة-وورشفانة) من أقوى القبائل الليبية الداعمة للجيش الليبي باستغلال نبأ استشهاد العميد مسعود الضاوي أحد أبناء قبيلة ورشفانة في صفوف الجيش الليبي على يد قوات أخرى تابعة للجيش تنتمي لقبيلة ترهونة.
محالات مثيرة للسخرية
لم تقتصر شائعات مليشيات طرابلس على استهداف قادة الجيش الوطني، بل زعمت أن قواته تأمر باستهداف المدنيين بالأحياء ومقر عقد النواب المنقطعين عن البرلمان الذين لم يؤدوا القسم الدستوري في أحد الفنادق بطرابلس، وكذلك استهداف النهر الصناعي ومحاولة قطع المياه عن العاصمة.
إلا أنه ثبت ومن مواقع دولية وأقمار صناعية إصابة الأحياء بشكل أفقي، ما يؤكد استهدافها من داخل المدينة من مواقع تحت سطوة إحدى المليشيات لإلصاق التهمة بالجيش الليبي.
ومن أرض ثابتة، نفى الجيش الليبي المحاولات الأربع السابقة لبث الفتنة بين قواته وأبناء هذا البلد، وهنا تحدث الدكتور فرج نجم، المحلل السياسي الليبي رئيس مركز السلام للبحوث والدراسات الأورومتوسطية، عن أن حرب الشائعات التي أطلقتها حكومة الوفاق، بدأت منذ انطلاق عملية الكرامة عام 2014؛ حيث يقودها "جيش وهمي" عبارة عن خلايا إلكترونية ممولة من قطر، الداعم الأول للإرهاب في هذا البلد.
ووصف نجم هذه الشائعات بأنها "مثيرة للسخرية"، لافتاً إلى انهيار مصداقية إعلام المليشيات بعد اتضاح كذبه وفبركته باستمرار، ولعل أبرز تلك الشائعات موت المشير حفتر حفتر قائد الجيش الليبي عام 2018، وكذلك شائعتا وجود مظاهرات كبرى تجتاح إقليم برقة شرق ليبيا في 20 رمضان الماضي.
واستند رئيس مركز السلام للبحوث والدراسات الأورومتوسطية في حديثه على أن الجيش الوطني الليبي يبعد نحو 1400 كيلومتر عن قواعده حالياً، ورغم تزايد تماسكه يوما بعد الآخر، وتستمر خطوط إمداده، ويحصل على تقدمات يومية في المحاور، في ظل انهيار يومي للمليشيات.
وتكثف الجماعات الإرهابية من الترويج لانتصاراتها المكذوبة في محاولة منها للتغطية على الإصابات البالغة التي لحقت بأبرز قادتها المعروفين بـ"شريخان، والحصان، والبقرة، وصلاح بادي"، وتحديداً الأخير الملاحق دوليا.
أخبار "السم في العسل"
وفي محاولة بائسة لضرب وحدة القبائل حول الجيش الليبي، حاولت المليشيات الترويج بطريقة شيطانية لمقتل العميد مسعود الضاوي أحد أبناء قبيلة ورشفانة على الجبهة بنيران قوات الجيش القادمة مدينة ترهونة.
ولم تكتف خلايا السراج بهذا؛ بل تحدثت عن وجود ما يُسمى بـ"الجبهة البرقاوية"، والترويج لها في إعلام المليشيات لضرب الشرق بالانقسامات حتى داخل القبيلة الواحدة.
ويرى الدكتور سيد أبو شعيشع أستاذ الإعلام المساعد بجامعة القاهرة أن لجوء مليشيات حكومة الوفاق الليبية إلى حروب الشائعات الإعلامية يأتي في إطار تراجعهم العسكري ومحاصرتهم في أضيق نطاق.
شعيشع أكد أن إعلام المليشيات يلجأ إلى المغالطات المنطقية التي تعرف بالسم في العسل، في إطار الصراع القائم مع الدولة والمؤسسات، محذراً من لجوء الإرهابيين إلى نظرية "الأطر الخبرية" التي تفترض أن تكون القوتين إلى حد ما متكافئتين، لإظهار قوة الإرهابيين مساوية أو مقاربة لقوة الجيش، وأن المعركة لم تحسم لأحد الطرفين.