القبائل الليبية تجدد دعمها لمعارك الجيش ضد الإرهاب
القبائل الليبية تدعم الجيش الوطني في معاركه ضد الإرهاب منذ انطلاق عملية الكرامة 2014.
أصدرت قبائل مدينة ترهونة المجاهدة، الخميس، بيانا مصورا تعلن فيه تأكيد دعمها للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في حرب تحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب.
وقالت القبائل في بيانها إنها قررت الثبات والصمود على الاصطفاف خلف الجيش الوطني الليبي، وإنها عاهدت الله على تقديم الغالي والنفيس في سبيل تحرير البلاد من كافة مظاهر الفساد.
ويفتح هذا البيان ملف الدعم القبلي للجيش الوطني الليبي، خاصة مع إعلان العديد من المدن والقبائل مساندتها للجيش، إضافة إلى المؤتمرات القبلية في هذا الإطار.
فمنذ اندلاع الأزمة الليبية عام 2011، حاولت القبائل أن تشارك بدور في تقليل نسبة الأضرار التي لحقت بالنسيج الاجتماعي اللييي بسبب النزاع السياسي، وإنهاء الخصومات الثأرية بين القبائل الناتجة عن الصراع السياسي.
دعم مسبق للجيش الليبي
دعم القبائل الليبية للجيش الوطني الليبي في معارك طرابلس بدأ حقيقة قبل انطلاق العملية في 4 أبريل/نيسان 2019، فقد سعى عواقل القبائل الليبية من الشرق إلى الغرب للتوصل إلى رؤية مشتركة، تتسم بشيء من العدالة؛ لإيقاف نزيف الدم والتراب الوطني من سيطرة المليشيات.
ومن أبرز هذه الاجتماعات «اللقاء الوطني العام للقبائل والمدن الليبية في ترهونة»، تحت شعار «نعم من أجل ليبيا»، 15 سبتمبر/أيلول 2018، خاصة أن هذا اللقاء حضره ممثلو كبرى القبائل الليبية من المنطقة الجنوبية، ووفود كبيرة من المناطق الشرقية والوسطى والغربية، وكان في مقدمتهم «بالعيد الشيخي» المنسق الاجتماعي لدى القيادة العامة للجيش الليبي.
وكان أبرز بنود بيان الملتقى الختامي الدعم الكامل للمؤسسة العسكرية النظامية، والدعوة لحل المليشيات التي تسيطر على العاصمة وتسليم معداتها وأسلحتها للجهات الرسمية بالدولة.
كما سبق هذا الملتقى لقاء للقائد العام للجيش الليبي مع ممثلي القبائل الليبية في الشهر ذاته، والذي قال فيه: "إن الجيش الوطني سيتحرك لتحرير طرابلس من المليشيات المسلحة في الوقت المناسب، ووفقًا لخطة دقيقة ومدروسة".
وكذلك عقدت عدة مؤتمرات قبلية في بلديات أجخرة والزنتان بمشاركة جميع الوفود الليبية في المناطق الغربية والشرقية والجنوبية، التي أكدت وحدة التراب الليبي، ودعم القيادة العامة للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، والإسراع في اتخاذ قرارات من شأنها إخراج البلاد من الأزمة السياسية، ومطالبة مجلس الأمن والأمم المتحدة برفع حظر التسليح عن الجيش الوطني الليبي، وحل التشكيلات المسلحة.
بل إن القبائل الليبية تخطت مرحلة الدعم إلى مرحلة مطالبة الجيش الوطني الليبي بالتدخل على الأرض، إذ طالب وفد من مشايخ وأعيان وحكماء مناطق غرب ليبيا وجنوبها، في الـ24 من سبتمبر/أيلول 2018 المشير خليفة حفتر، بالتدخل لوضع حد لما كان يحدث في طرابلس حينها من اقتتال بين المليشيات والكيانات المسلحة التابعة لما يعرف بحكومة الوفاق المفروضة دوليا.
طوفان الكرامة.. القبيلة ميزان النصر
وبالتزامن مع انطلاق معركة طوفان الكرامة رسميا، انضمت كتائب عسكرية من المدن الليبية من الأقاليم الثلاثة برقة وطرابلس وفزان لمساندة الجيش الليبي، كان بدايتها إعلان انضمام كتائب من الزنتان والرجبان .
كما أعلنت كتائب عسكرية من مدينة بني وليد معقل قبائل ورفلة ذات الثقل الاجتماعي، مساندتها للجيش الليبي في حربه على المليشيات مثل (حماية مطار مدينة بني وليد وكتيبة 52 مشاة وقوة الردع بني وليد) وانصياعها لأوامر القيادة العامة وامتثالها لعملية تحرير العاصمة من المليشيات والدواعش المرتهنين لقطر وتركيا".
وانضمت كتائب وألوية مدينة ترهونة إلى الجيش الليبي في معاركه في طرابلس خاصة "اللواء التاسع" الذي سهل طريق الجيش الليبي إلى مناطق جنوب شرقي طرابلس في قصر بن غشير ووادي الربيع وعين زاره، وكذلك كتائب ورشفانة التي يسكن أغلب أفرادها مناطق الساعدية والسواني والزهراء غرب العاصمة.
هذا الموقف الداعم للجيش الليبي هو ما أعلنه 21 مايو/أيار الماضي رئيس مجلس أعيان وحكماء ترهونة صالح الفاندي، قائلا: إن قبائل ترهونة وبني وليد وورشفانة والنواحي الأربعة تقف مع عمليات القوات المسلحة لتحرير العاصمة طرابلس.
وقد تعرضت المدن الليبية التي ساندت الجيش الليبي لانتهاكات واعتداءات من قبل المليشيات إلا أنها قوبلت بتقوية دعم هذه القبائل للجيش الليبي خاصة قبائل مدينة ترهونة، التي عقدت 25 أبريل ملتقى قبليا لدعم الجيش الليبي في تحرير العاصمة.
كما حرص شيوخ وأعيان قبائل المنطقة الغربية على زيارة محاور القتال بالعاصمة طرابلس وغرفة عمليات طوفان الكرامة لتأكيد هذا الدعم القبلي.
وبمرور الأيام لا تزال القبائل الليبية تعلن يوما بعد يوم دعمها للجيش الوطني الليبي، وهو ما ظهر من إعلان قبيلة المشاشية الليبية، دعمها الكامل للجيش الوطني الليبي، وتجهيز قوة مساندة من أبنائها المعروفين بـ"أسود الجبل" بقيادة "علي المشاي" للمشاركة مع الجيش الليبي في معارك طرابلس.
تفويض مطلق لمكافحة الإرهاب
ومن جانبه، أكد الدكتور محمد الزبيدي، رئيس اللجنة القانونية في المجلس الأعلى للقبائل الليبية سابقا، وأحد أعيان قبيلة ورفلة، أن الجيش يحظى بدعم واسع خاصة من القبائل الليبية الكبرى ذات الوضع الاجتماعي الثقيل.
ونوه الزبيدي، خلال تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الحاضنة الاجتماعية للجيش الوطني الليبي هي التي ساندته في تحرير 90% من الأراضي الليبية، خاصة مع تشجيعها لأبنائها للانخراط ضد المليشيات في كتائب الجيش الوطني الليبي.
وشدد الزبيدي على أن مراجعة أسماء شهداء الجيش الليبي توضح انتماءهم لكافة القبائل الليبية، من الأقاليم التاريخية الثلاثة.
وأشار الزبيدي إلى أن كثيرا من المدن الليبية التي حررها الجيش أغلبها دخلها دون رصاصة واحدة كما حصل في سبها والجفرة ومرزق وترهونة وغريان.
وأوضح الزبيدي أن قبائل الغرب الليبي انتفضت ضد المليشيات التي تسيطر عليها وتقاتل في صف الجيش الليبي مثل مدينة غريان، وكذلك الزنتان التي تقاتل إلى جانب الجيش الليبي، في حين أن المليشيات التي سيطرت عليها في وقت ما وتقاتل ضد الجيش الليبي يغلب عليها الفكر المتطرف مثل أسامة الجويلي الذي رفض المشاركة في الدفاع عن المدينة ضد مليشيات فجر ليبيا الإرهابية 2014.
وأكد الزبيدي أن القبائل الليبية في المنطقة الغربية ترجح كفة الجيش الليبي في معاركه ضد الإرهاب خاصة مع إعلان قبائل طوق طرابلس والنواحي الأربعة وورشفانة دعمها للجيش الليبي رغم أنها لا تزال تدفع الثمن مثل استشهاد العميد مسعود الضاوي.
وكشف الزبيدي عن أن سكان أقرب تجمع سكاني يبعد عنها الجيش الليبي نحو 2 أو 3 كيلومترات يتبعون قبائل ورفلة وترهونة المساندة للجيش الليبي، وأن وصول الجيش الليبي والتحامه بهم سيعني تحرير العاصمة بالكامل.
وأعلن الزبيدي أن دعم القبائل للجيش الليبي هو بمثابة تفويض مطلق لمكافحة الإرهاب كالذي حدث في مصر عام 2013، إذ إن البنية الاجتماعية في ليبيا بنيان قبلي بالأساس، وأنها ليست دولة مؤسسات مجتمع مدني أو أحزاب، وأنه لا يوجد شخص لا ينتمي لقبيلة في ليبيا إلا المجنسين.
دعم دون تذمر
ومن جانبه، يرى عادل الفايدي رئيس لجنة التواصل الاجتماعي الليبية-المصرية، أن القبائل الليبية هى أول داعم للجيش الوطني الليبي منذ بداية عملية الكرامة إيمانا منها بدوره الوطني وأهميته فى استعادة هيبة الدولة التي ضاعت جراء عبث المليشيات ونمو التطرف والإرهاب.
وأكد رئيس لجنة التواصل الاجتماعي الليبية-المصرية أن دعم القبائل للجيش جاء منذ المؤتمرات الداعمة للجيش أعوام (2015 ،2016، 2017) التي عقدت في مصر، وأقرت في بياناتها الثوابت الوطنية، وكذلك المؤتمرات القبلية التي عقدت على المستوى الداخلي.
وشدد الفايدي، خلال تصريحات لـ"العين الإخبارية" على دعم القبائل الليبية بما لا يدع مجالا للشك للمشير خليفة حفتر والجيش الليبي منذ عام 2014 في مشروعه الوطني ضد الإرهاب في الوقت الذي كان المجتمع الدولي لا يرى في عملية الكرامة حلا لإنهاء الصراع.
وأوضح الفايدي أن عواقل القبايل الليبية ترفض دعم المليشيات وتحث على دولة القانون ووجود جيش مؤسسي ونظامي، ذي عقيدة وطنية، لردع هذه المليشيات، وأن القبائل تدفع بأبنائها للدفاع عن هيبة الدولة دون أي تذمر في حالة استشهاد أبنائها في سبيل الوطن.
وأعلن الفايدي أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال حل الأزمة الليبية دون أن تكون القبائل الليبية على رأس المشهد الحواري، مشيرا إلى أن ليبيا دولة قبلية من الدرجة الأولى، في حين أنه لا توجد عصبيات قبلية بالمعنى السيئ للمصطلح.
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA= جزيرة ام اند امز