خبراء: السراج يهدر أموال الليبيين لاستجداء دعم سياسي لمليشياته
حكومة السراج تنفق أموال الليبيين في الخارج من خلال الحملات الإعلامية الترويجية وعقد الصفقات والتنازلات لصالح كسب رضا الدول الأخرى
تسعى حكومة الوفاق بطرابلس لاستجداء الدعم الأجنبي للمليشيات التابعة لها في التصدي لتقدم قوات الجيش الوطني نحو العاصمة لتطهيرها من هذه المليشيات والجماعات الإرهابية المسلحة.
وبعيدا عن البرقيات والاتصالات شبه اليومية من المسؤولين التابعين لهذه الحكومة بالعواصم الغربية المختلفة مباشرة أو عبر سفاراتها، سعى رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج لاستجدائهم شخصيا من خلال جولة مكوكية، بالعواصم الأوربية تلتها جولة مغاربية، ولكنهما لقيا فشلا ذريعا.
حاول السراج تطوير استراتيجيته لتحسين الصورة الأوربية لحكومته التي تسيطر عليها المليشيات، فكلف إحدى شركات الضغط والعلاقات العامة النشطة في الولايات المتحدة تسمى ”ميويكوري” لتحسين صورته أمام إدارة ترامب، وتدفع حكومة الوفاق من خزائن البنك المركزي 150 ألف دولار شهريا من إجمالي عقد سنوي قيمته 1.8 مليون دولار من أجل هذا الاتفاق.
واستمرارا لمساعي المجلس الرئاسي لمحاولة إيجاد دعم، ولو كان بسيطا، من المسؤولين في إدارة ترامب، قام نائب السراج في المجلس الرئاسي أحمد معيتيق بزيارة إلى واشنطن، الجمعة إلا أن بوادر الزيارة توحي بفشلها.
إذ يؤكد خبراء متخصصون في الملف الليبي أن زيارة معيتيق واستغلال المال السياسي لاستجداء الدعم الأمريكي للمليشيات في طرابلس، بلا طائل خاصة بعد إدراك إدارة ترامب بطبيعة من يقاتلون في طرابلس إلى صف المليشيات، التي تضمنت إرهابيين مطلوبين دوليا ومتورطين في قضية اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي 2012.
زيارة أم هروب
ويرى المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، أن السراج اعتمد على أكثر شخص انتهى سياسيا للترويج إلى حكومة المليشيات في طرابلس لدى الإدارة الأمريكية.
وتابع عقيل في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن معيتيق والسراج يدركان وغيرهم من أعضاء سلطتهم المشلولة أن الخروج من طرابلس هروب للأمام.. مضيفا في نوع من التهكم: "علهم يحظون بتصادف لحظة دخول الجيش مع وجودهم خارج البلاد".
وحول تحول حكومة الوفاق لهذا الاستغلال السافر للمال السياسي قال عقيل: "نظرا لغياب القانون والرقابة كليا، فإن أبوابا جهنمية واسعة ومروعة لنهب المال العام قد فتحت".
وأوضح عقيل أن المال العام بالنسبة لحكومة السراج يشكل بهذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد أحد أهم أهداف المجلس الرئاسي العرفي المشلول ومؤسسات البلاد الرئيسية التابعة له كالبنك المركزي ومؤسستي النفط والاستثمار.
وأكد المحلل السياسي الليبي أن صمت البعثة الأممية عن هذا الفساد المالي والسياسي يعود إلى أنها لم يعد لديها ما تقول خاصة عقب إحاطة غسان سلامة الأخيرة التي لم تترك لنفسها ولا حتى ثقبا صغيرا بجدار الرجمة لتتحدث عبره لساكنيه، في إشارة لانحيازها إلى جانب حكومة المليشيات على حساب القيادة العامة للجيش الليبي في الرجمة.
وأضاف عقيل أن صمت البعثة الأممية تعاظم بعد رواج أنباء عن قرب رحيل البعثة إما: باستقالة رئيسها ونائبته أو بإقالتهما، أو بانتهاء الجيش من عملية السيطرة على طرابلس وانتقال صياغة الحل وتنفيذه كليا إلى أيد ليبية خالصة.
فشل مسبق
ويرى المحلل السياسي الليبي، عيسى رشوان، أن زيارة معيتيق إلى أمريكا للحصول على دعم مليشيات الوفاق في طرابلس والترويج للرئاسي في واشنطن محكوم عليها بالفشل مسبقا.
وشدد رشوان في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" على أن المجتمع الدولي قد اتخذ قراره بشكل واضح بأنه لا مستقبل ولا وجود للمليشيات في المشهد السياسي الليبي، وأن أمريكا لن تتورط في دعم السراج لأنها أدركت من يحارب في صفوفه في طرابلس من الإرهابيين.
وتابع رشوان أن استغلال المجلس الرئاسي للمال السياسي للترويج لحكومته التي تسيطر عليها المليشيات بهذا الشكل المباشر مقلق جدا، بما يهدد أقوات الليبيين.
ونوه رشوان بأن هذا التحول السافر في استغلال المال السياسي نتيجة لعدم وجود رادع لهم إذ تسيطر المليشيات على كافة أجهزة الدولة بما فيها الرقابية.
ونبه رشوان إلى أن البعثة الأممية التي يفترض أن تراقب المشهد الليبي تتغاضى عن أفعال قيادات حكومة الوفاق وإهدارهم المال العام، بما يدفع المراقبين في تورطهم معهم بشكل أو بآخر.
تجدر الإشارة إلى أن المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري قد أكد مؤخرا في مؤتمر صحفي، أن المبعوث الأممي إلى بلاده فقد حياديته وانحاز إلى أحد الأطراف، كما وصف القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في مقابلة مع صحيفة ”لوجورنال دو ديمانش الفرنسية” المبعوث الأممي بأنه تحول إلى وسيط منحاز في النزاع الليبي.
مزيد من الفوضى
في السياق ذاته يرى الخبير في الشؤون الليبية، عبدالستار حتيتة، أن معيتيق لا يملك القرار السياسي في المجلس الرئاسي أو في حكومة الوفاق.
وتابع حتيتة في تصريحات خاص لـ"العين الإخبارية" أن معيتيقة لا يعدو كونه نائبا لرئيس المجلس الرئاسي ولديه خلافات معه منذ شهور.
ويرى حتيتة أن زيارة معيتيقة إلى الولايات المتحدة تأتي ضمن حملة علاقات عامة في محاولة يائسة لتحسين صورة قادة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق عالميا.
ونوه حتيتة بأن معيتيقة يدور في فلك غير مرحب به في الإدارة الأمريكية إذ أنه معروف في أوساط السياسيين والدبلوماسيين الغربيين أن معيتيق أقرب إلى السياسة الإيطالية والتركية، من السياسة الفرنسية والروسية والمصرية، الداعمة للاستقرار في ليبيا.
وفيما يتعلق بإنفاق ملايين الدولارات على الترويج الخارجي للمجلس الرئاسي أوضح حتيتة أن حكومة السراج تنفق أموال الليبيين في الخارج من خلال الحملات الإعلامية الترويجية أو من خلال عقد الصفقات والتنازلات لصالح كسب رضا الدول الأخرى.
وشدد حتيتة على ألا يبدو أن نهج حكومة الوفاق على الأرض ومجهوداتها طوال السنوات الأخيرة لم تحقق أي نتائج تذكر على الأرض، فيما عدا المزيد من الفوضى والخراب.
ويخوض الجيش الوطني الليبي، منذ 4 أبريل/نيسان الماضي، عملية عسكرية باسم "طوفان الكرامة"، لتطهير العاصمة طرابلس من المليشيات والجماعات التابعة للإخوان وتنظيم القاعدة.
aXA6IDE4LjE5MS4yMTUuMzAg جزيرة ام اند امز