الأراضي الرطبة بعدن.. مخاطر تهدد هجرة الطيور النادرة
مثلما كانت مهوى لقلوب البشر من كل الأجناس والثقافات عبر التاريخ، تؤوي أكثر أنواع الطيور ندرةً في العالم إلى مدينة عدن كل عام، طمعاً في الدفء والغذاء المكتنز داخل أراضيها الرطبة.
وتحيط الأراضي الرطبة بمدينة عدن الساحلية (جنوب اليمن) إحاطة السوار بمعصم اليد، غرباً وشرقاً، وحتى شمالاً، وهي الأكبر تقريباً على مستوى الجزيرة العربية، ما يجعلها موطناً بيئياً مثالياً لآلاف الأنواع من الطيور المهاجرة.
وهناك خمس محميات رطبة في عدن هي: بحيرات البجع والمملاح في خورمكسر (شرق عدن)، ومستنقعات الحسوة بمديرية البريقة (غرباً) ومصب الوادي الكبير وخور بئر أحمد شمال غرب المدينة، وتغطي جميعها مساحة إجمالية تقدر بـ 26 كلم؛ ما يجعلها الأكبر في الجزيرة العربية.
وتتدفق مياه خليج عدن إلى هذه المحميات، محملةً معها عناصر غذائية غنية، تشكل بيئةً مناسبة لهجرة طيور أوروبا، الهاربة من صقيع الشتاء، بحثاً عن دفء عدن وغذائها الوفير.
غير أن هذه البيئة الجاذبة لأندر الطيور في العالم تتعرض منذ سنوات لمخاطر متعددة، تمثل تهديداً لاستمراريتها، وتضعها على شفا الانهيار؛ نتيجة ممارسات بشرية ضارة بها.
مخاطر وتهديدات
وبحسب مختصين بيئيين، فقد شهدت مدينة عدن تغيرات اقتصادية واجتماعية خلال العقود الثلاثة الماضية، أثرت على وضع الأراضي الرطبة المحيطة بها، وهددت نقاءها، وفق حديث الناشط البيئي اليمني دكوان غالب.
وقال دكوان لـ"العين الإخبارية": "كانت هذه الأراضي تمثل مساحات شاسعة من المواقع المفتوحة، تهافت عليها مغتصبو العقارات كونها تتمتع بمناخ معتدل نتيجة تيارات مياه البحر المتدفقة تارة والمنحسرة تارات أخرى".
وأضاف: "أدى هذه التوجه نحو استثمار الأراضي بدون أية تخطيط أو رؤية موازية للحفاظ على البيئة إلى تآكل الأراضي الرطبة في أطراف سواحل عدن، كما تسبب باستنزاف مواردها الغنية".
وأكد دكوان غالب أن التزايد السكاني الذي شهدته عدن خلال العقود الأخيرة دفع بالزحف العمراني نحو الأرضي الرطبة، خاصة في منطقتي بئر أحمد والمملاح، بل أن مدينةً مكتملة تم تأسيسها بمحاذاة محمية الحسوة الطبيعية، التي تأثرت بشبكة الصرف الصحي التابعة لهذه المدينة.
"بالإضافة إلى استحداث محطات وقود بالقرب من المحميات الطبيعية؛ الأمر الذي تسبب بتسرب المواد السامة إلى الأراضي الرطبة وتلويث مواطن الطيور المهاجرة، والأحياء المائية التي تتغذى عليها الطيور"، وفقاً للمختص البيئي.
كل ذلك يتم رغم وجود قانون يمني، صدر في منتصف تسعينيات القرن الماضي بمنع تشييد المباني أمام السواحل إلا بمسافة تزيد عن 150 متراً كحد أدنى لأعلى مدٍ للبحر.
تهديد البيئة
وتمثل الأراضي الرطبة في عدن، مناطق صيد غنية تزخر بعشرات الأنواع من الأسماك، منها 31 نوعاً يتكاثر في محميات الأراضي الرطبة؛ باعتبارها البيئة المثالية لحضانة وتنشئة الأسماك الصغيرة.
هذه البيئة ذات أهمية بالغة للطيور المهاجرة، التي تتدفق بكثافة نحو أراضي عدن الرطبة خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول، وحتى فبراير/شباط، وهي فترة الشتاء في أوروبا، واعتدال الطقس في عدن.
ويصل سنوياً ما يزيد عن 10 آلاف طائر من 150 نوعاً مختلفاً من الأنواع المائية والخواضة، والتي تتحرك في أسراب مهاجرة بين آسيا وأوروبا من جهة وأفريقيا على الجهة الأخرى، أشهرها النحام الوردي القصير والبلشون واللقلق.
ويمكن إدراك خطورة التهديدات التي يمثلها الزحف العمراني والبناء العشوائي والصرف الصحي على هذه المحميات، التي تجعلها بيئة غير صالحة للهجرة.
aXA6IDMuMTM5Ljg3LjExMyA= جزيرة ام اند امز