"إنسانية بخلفيات اقتصادية".. احتجاجات إيران تحت المجهر
ضربت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الإيرانية، التي اندلعت ردا على مقتل شابة بعد أن احتجزتها شرطة الأخلاق شتى أنحاء إيران.
وتم تسجيل عدة خسائر، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أكدت الحكومة، الخميس، وصول القتلى إلى 17 شخصا، بينهم ضابطا أمن، منذ بداية الاضطرابات نهاية الأسبوع الماضي، فيما قالت جماعات حقوقية إن الحصيلة قد تكون أكبر بكثير.
- إيران تضع شرطا لقبول اتفاق نووي.. وتعلق على وفاة "أميني"
- 31 قتيلا.. حصيلة ضحايا احتجاجات "مهسا أميني" في إيران
وتضمنت الاحتجاجات أعدادا كبيرة من النساء، اللاتي تدفقن على الشوارع في استعراض نادر للتحدي ضد الحكومة وتطبيقها لقانون الحجاب، الذي يفرض على النساء تغطية الشعر وارتداء ملابس فضفاضة.
وانتشرت المظاهرات على نطاق واسع، مع اتساع المطالب لتعكس غضب الإيرانيين العاديين على ظروفهم المعيشية بعد سنوات من العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة وأدت إلى إعاقة الاقتصاد، بالإضافة إلى الفساد المستشري وسوء الإدارة الاقتصادية.
ومع المشاهد الاستثنائية للمعارضة، أصبحت الاحتجاجات أحد أبرز التحديات للحكومة من آخر موجة للاضطرابات عام 2019، التي قوبلت باستجابة عنيفة.
وواجهت السلطات مجددا ذلك بالتصدي بالقوة للمظاهرات، حيث أطلقت قوات الأمن الأعيرة النارية على المتظاهرين وخراطيم المياه والهراوات، كما تم تقييد استخدام الهواتف الخلوية والإنترنت بشكل كبير.
أسباب الاحتجاجات وتداعياتها
كانت مهسا أميني مع عائلتها الأسبوع الماضي خلال زيارة إلى طهران من منزلها في كردستان شمال غرب البلاد عندما ألقي القبض عليه بتهمة انتهاك قانون الحجاب، الذي دخل القانون حيز التنفيذ عام 1981، ولطالما تحدته العديد من النساء في إيران.
وتوفت أميني (22 عاما) بعد 3 أيام على احتجازها لدى شرطة الأخلاق، المسؤولة عن تطبيق الأحكام الصارمة، وصدرت قوات الأمن الإيرانية بيانا تقول إن أميني انهارت جراء أزمة قلبية بمركز الاحتجاز بينما كانت تتلقى تدريبا على أحكام الحجاب.
وعارضت عائلتها هذا الادعاء، قائلة إنها كانت بصحة جيدة قبل اعتقالها، بحسب تقارير إخبارية.
وسرعان ما ضربت وفاتها على وتر حساس، وأعطت وجها إنسانيا للغضب الشعبي المستعر منذ فترة طويلة بشأن التشريعات المتشددة.
وخلعت العديد من النساء حجابهن وأشعلن فيه النيران احتجاجا على قانون الحجاب، بحسب ما أظهرت مقاطع فيديو نشرت على الشبكات الاجتماعية وهيئة الإذاعة البريطانية باللغة الفارسية، حتى في المدينة المحافظة، مشهد، في شمال شرق البلاد.
الأزمة الاقتصادية
ومع انتشار الغضب في البلاد، انضم المزيد من الإيرانيين إلى المظاهرات، لتتحول الأزمة إلى متنفس عن حالة استياء أوسع تجاه الحكومة. وقال محللون إن سنوات من الانهيار الاقتصادي تسببت في نفاد صبر الكثير من الإيرانيين، الذين تدفقوا على الشوارع بين الحين والآخر احتجاجا على ذلك خلال السنوات الأخيرة.
وبلغ الاقتصاد الإيراني الحضيض لسنوات، وجعلت العقوبات الأمريكية، التي جاءت ردا على برامج إيران النووية والصاروخية، من الصعب على إيران بيع نفطها وحرمتها من الوصول إلى النظام المالي العالمي، فضلا عن انتشار الفساد وسوء إدارة الاقتصاد.
ولطالما عانى الإيرانيون من ارتفاع معدلات التضخم، ونقص الغذاء، واضطراب الإمدادات وندرة الوظائف.
ووجه العديد من الإيرانيين الساخطين عداءهم تجاه نظام الحكم "المرشد الأعلى علي خامنئي". وانتشرت لقطات يظهر فيها المتظاهرون يهتفون بموته وسقوط ابنه مجتبي، الذي يعتبر خليفة محتملا له، عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وردت الحكومة على ذلك بالتصدي بالقوة للمظاهرات، باستخدام تكتيكات شوهدت في مظاهرات مناهضة للحكومة سابقة.
وأظهرت مقاطع الفيديو المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المحتجين يواجهون عمليات انتشار كبيرة لضباط شرطة مكافحة الشغب، الذين استهدفوهم بالأعيرة النارية وخراطيم المياه والهراوات.
وفي كردستان شمال غرب البلاد وحدها، قتل ما لا يقل عن 17 محتجا، بحسب شبكة حقوق الإنسان في كردستان، التي نشرت أسماء وصور الضحايا عبر الإنترنت. وأصيب ما لا يقل عن 733 شخصا واعتقل أكثر من 600 آخرين في المحافظة الكردية، بحسب مجموعة "هينجاو" الحقوقية. ولم تتضمن الأرقام الصادرة عن الحكومة تفاصيل مكان وقوع الضحايا.
ولم تظهر أي بوادر على خفوت الاحتجاجات. ويوم الخميس أصدر الحرس الثوري الإيراني بيانا يصف فيه ما يحدث بـ"الفتنة"، قائلًا إنه "يجب سحق المتظاهرين لتلقين الآخرين درسا".