ما الخطوة القادمة بعد تصويت "النواب" لعزل ترامب؟
بعد تبرئة آندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون 1998، في مجلس الشيوخ، من المتوقع أن تتم تبرئة ترامب أيضا لأن المجلس يهيمن عليه الجمهوريون
أصبحت مسألة عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يد مجلس الشيوخ، وذلك بعد تصويت مجلس النواب لصالح توجيه تهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونجرس لساكن البيت الأبيض.
وبعد تبرئة آندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون 1998، في مجلس الشيوخ، من المتوقع أن تتم تبرئة ترامب أيضا لأن المجلس يهيمن عليه الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، وفقا لقناة "الحرة" الأمريكية.
وأحال مجلس النواب الأربعاء ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ، بأغلبية 230 صوتاً مقابل 197 وامتناع نائب واحد عن التصويت، في تهمة استغلال السلطة، وبأغلبية 229 صوتا مقابل 198 وامتناع نائب واحد عن التصويت بتهمة عرقلة عمل الكونجرس.
- سياسة "النواب" الأمريكي يوافق على اتهام ترامب باستغلال السلطة وعرقلة الكونجرس
- ترامب: لن يعزلوني والحزب الديمقراطي ينتحر
وتقول وسائل إعلام إن إجراءات محاكمة ترامب قد تبدأ في يناير/كانون الثاني المقبل، وبحسب الدستور، سيؤدي أعضاء مجلس الشيوخ القسم بالتزام الحيادية وإجراء محاكمة عادلة للرئيس.
وسيترأس المحاكمة رئيس قضاة المحكمة العليا القاضي جون روبرتس، وستتشكل هيئة المحلفين من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100، ويستطيع الرئيس اختيار المحامين الذين يمثلونه.
كما أنه من المقرر أن يختار مجلس النواب ممثليه الذين سيظهرون في جلسات المحاكمة أمام مجلس الشيوخ والذين بدورهم سيمثلون دور المدعين الذين سيقدمون الحجج القاضية بعزل الرئيس.
وذكرت قناة "سي إن بي سي"، أن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ستختار أسماء المدعين خلال الأيام المقبلة.
وسيقرر أعضاء مجلس الشيوخ مسألة استدعاء الشهود وتوجيه الأسئلة لهم، ويستطيع محامو الرئيس فحص الشهود الذين سيتم اختيارهم.
رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، سيتولى قيادة العملية وبإمكانه إبقاءها مختصرة بأقل قدر من الشهادات والمناقشات.
كذلك بإمكان رئيس قضاة المحكمة العليا أن يقضي في شرعية إجراءات المحاكمة، لكن بإمكان أعضاء المجلس تعطيل قراراته من خلال التصويت.
وتوقعت صحيفة "واشنطن بوست" أن تظهر خلافات بين ماكونيل وزعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر في مسألة الشهود.
وذكرت وسائل إعلام أن شومر يرغب في استدعاء مقربين من الرئيس من بينهم كبير موظفي البيت الأبيض بالإنابة ميك مولفاني، ومستشار الرئيس للأمن القومي السابق جون بولتون، وهو ما يرفضه ماكونيل.
وبحسب أستاذ القانون روبرت تساي: "يستطيع روبرتس أن يقدم طلبا مباشرا من الديمقراطيين لاستدعاء مولفاني أو بولتون للمثول أمام مجلس الشيوخ للإدلاء بشهادة حية".
لكن من المحتمل أن يطعن عضو جمهوري على القرار فتحال القضية للتصويت، وفقا للقواعد التي تم العمل بها أثناء محاكمة كلينتون، وقد يتمكن الديمقراطيون من التأثير على عدد من الأعضاء الجمهوريين للتصويت لصالح روبرتس.
لكن خلافا لمجلس النواب، فإن مجلس الشيوخ يهيمن عليه الجمهوريون الذين سبق أن أكدوا أنهم يعتزمون تبرئة ترامب من تهمتي "استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس"، التي صوت لصالحها مجلس النواب.
لذلك فمن المتوقع أن تكون إدانة ترامب صعبة في مجلس الشيوخ وبالتالي لن يتم عزله، إذ تتطلب إدانته موافقة ثلثي أعضاء المجلس، الذي يحظى الجمهوريون فيه بـ53 من عدد مقاعده البالغة 100.
وترى "واشنطن بوست" أن فرص إدانة ترامب ضعيفة بالنظر إلى الوحدة التي أظهرها الجمهوريون بمجلس النواب، إذ لم يصوت جمهوري واحد منهم لصالح إجراءات العزل، ومن المستبعد حدوث انشقاقات.
كما أن الحزب الديمقراطي لا يضمن بقاء أعضائه على الخط الحزبي فالنائب الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي جف فان درو المعروف بمعارضته إجراءات عزل الرئيس أعلن مؤخرا رغبته في التحول إلى عضوية الحزب الجمهوري.
وصوت فان دور والنائب الديمقراطي كولن بيترسون ضد التهمتين الواردتين في قرار العزل، أما النائب جاريد جولدن فصوت لصالح تهمة استغلال السلطة فقط.
وفي مجلس الشيوخ حالياً 53 جمهوريا و45 ديمقراطيا، واثنان مستقلان عادة ما يتخذان موقف الديمقراطيين نفسه في التصويت، وتتطلب إدانة الرئيس وعزله 67 صوتا.
ويحتاج الديمقراطيون إلى 20 صوتا جمهوريا من الـ53 لتأمين ثلثي الأصوات المطلوبة لتمرير عزل الرئيس ومن ثم عزله من منصبه، وهو أمر مستبعد في ظل هذه الظروف.
لكن وعلى الرغم من أن الأعضاء الجمهوريين لا يعتقدون أن التهم الموجهة للرئيس تبرر عزله عن السلطة، يرى عدد منهم أن من "غير اللائق" أن يطلب الرئيس من دولة أجنبية التحقيق بشأن منافس سياسي.
وهناك أعضاء آخرون يمثلون ولايات متأرجحة سياسيا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يصرون على التقيد بالإجراءات الدستورية ولعب دور "المحلف النزيه" الذي يستمع الى حجج الطرفين قبل إصدار الحكم.
ومن العوامل المعقدة للملف أن 6 من مرشحي الرئاسة الديمقراطيين هم من أعضاء مجلس الشيوخ وإجراء المحاكمة في يناير/كانون الثاني قد يعرقل حملاتهم قبيل انطلاق أولى الانتخابات التمهيدية بـ"آيوا" في الثالث من فبراير/شباط المقبل.
وبغض النظر عن ماهية الاتهامات، يشير معظم المحللين إلى أن السياسة ستؤثر بشكل كبير على التصويت النهائي.
فمع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، سيكون على أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين خصوصا التفكير في مسألة إن كان ناخبوهم سيفضلون التصويت لصالح الإطاحة بالرئيس الجمهوري الذي يحظى بشعبية وسط مؤيديه أو حمايته.
وأطلق الديمقراطيون في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي إجراءات عزل ترامب بسبب طلبه من أوكرانيا التحقيق بشأن جو بايدن، المرشح الأوفر حظا لتمثيل الحزب الديمقراطي ومواجهة ترامب في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2020، وعهدت بمهمة التحقيق إلى لجنة الاستخبارات في المجلس.
وبعد الاستماع لنحو 15 شاهدا، توصلت اللجنة إلى أن "الرئيس وضع مصلحته الشخصية فوق المصالح القومية للولايات المتحدة، وسعى إلى تقويض صدقية الانتخابات الرئاسية، وعرض الأمن القومي للخطر".