اعتبر خبيران في شؤون جماعات الإسلام السياسي أن جماعة الإخوان قبلت مجبرة استقالة أحمد الريسوني رئيس ما يسمى بـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، على أمل احتواء أزمة جديدة عمقت جراح تنظيم يتداعى.
وأعلن "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" قبول استقالة تقدم به رئيسه أحمد الريسوني في وقت سابق اليوم، مبررا ذلك بـ "تغليب المصلحة"، وذلك على خلفية تصريحات مستفزة للأخير أغضبت الجزائريين والموريتانيين.
وأحدثت تصريحات أطلقها الريسوني قبل أسابيع غضبا واسعا في الجزائر، وكذلك في موريتانيا بعدما اعتبر أن "استقلال موريتانيا عن المغرب خطأ"، ودعا لـ"الجهاد ضدّ الجزائر" و"الزحف نحو ولاية "تندوف" الجزائرية الحدودية، وضمها للتراب المغربي.
وعلى خلفية الأزمة وتداعياتها أعلن الريسوني استقالته من رئاسة "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، الذي طالما اشتهرـ بأنه "اتحاد القرضاوي" نسبة إلى رئيسه السابق يوسف القرضاوي.
وأرجع الريسوني استقالته التي تقدم بها في وقت سابق اليوم، إلى "تمسكه بمواقفه وآرائه الثابتة الراسخة، التي لا تقبل المساومة، وحرصا على ممارسة حريته في التعبير، بدون شروط ولا ضغوط"، وفقا لما نقلته صحيفة هسبريس المغربية عن رسالته الموجهة للاتحاد.
وقال اتحاد القرضاوي في بيان اليوم، إن "مجلس الأمناء للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين توافق على الاستجابة لرغبة (..) الريسوني بالاستقالة من رئاسة الاتحاد".
وجاءت الموافقة "تغليباً للمصلحة وبناءً على ما نصّ عليه النظام الأساسي للاتحاد فقد أحالها للجمعية العمومية الاستثنائية كونها جهة الاختصاص للبت فيها في مدة أقصاها شهر"، وفق البيان.
وفي قراءته لبيان الاتحاد، قال الدكتور هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي لـ"العين الإخبارية" إن التنظيم الدولي للإخوان يحاول تدارك أزمة جديدة داخله على خلفية تصريحات الريسوني الأخيرة التي تسببت في حدوث انقسام جديد داخل الجماعة.
وأضاف : "هذا الانقسام يضاف لانقساماتها الفعلية نتيجة أزمة الجماعة الأصلية والعامة التي تعيشها منذ يونيو/حزيران 2013".
النجار اعتبر أن "الاستقالة محاولة لتدارك حدوث أزمة جديدة من شأنها أن تستنزف الجماعة داخليا وتعمق انقساماتها وضعفها".
وأكد الخبير السياسي المصري أن الاستقالة تعني أن "الجماعة تحاول طي هذه الصفحة وإرضاء الجزائر وموريتانيا حيث إنها تنهي اللغط الدائر حول موقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهو دار إفتاء التنظيم الدولي للإخوان من التصريحات التي أثارت جدلا واسعا وسببت غضبا كبيرا خاصة في الجزائر وموريتانيا.
وأشار إلى أن "هناك من فسر موقف الاتحاد وبيانه بأنه يمسك العصا من المنتصف ولا يرفض بشكل صريح تصريحات الريسوني."
ورأى النجار أن قبول الاستقالة لا يعني انقضاء الأزمة، "أثر ما حدث سيظل باقيا لفترة طويلة؛ لأن الأمر لا يقتصر فحسب على موقف فردي لقيادي إخواني، فالانقسامات موجودة والصراعات الداخلية محتدمة ومحاولات الزج بالتنظيم لخدمة ملفات بعينها يجري على قدم وساق، وهناك صراع أجنحة مكتوم ربما كان موقف الريسوني أحد تجلياته لكنه ليس الوحيد".
ومن جهته، قال منير أديب، الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي، لـ"العين الإخبارية"، إن استقالة الريسوني "تأتي لتخفيف حدة الاحتقان ضد الاتحاد".
أما قبول الاتحاد لاستقالة الريسوني بهذا الشكل، والحديث لأديب، فكأنهم يريدون القول إننا نتعامل باستقلالية وشكل مؤسسي وهوما يخالف الحقيقة.
وأضاف: "اتحاد العلماء هو اتحاد الفتنة، حيث يستهدف إثارة الفوضى والنعرات القبلية، وتشتيت العالم العربي والإسلامي".
ووصف أديب أزمة تصريحات الريسوني وتداعياتها، بـ"ضربة جديدة للإخوان ومسمار جديد في نعش ما بقي من التنظيم".
وأحدثت تصريحات الريسوني غضبا واسعا، ودفعت حملة التنديد والاستنكار الواسعة في الداخل الجزائري والمغربي والموريتاني على حد سواء، علي القرة داغي، أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى التبرؤ منها.
كما لم يجد اتحاد العالمي لعلماء المسلمين أمامه سوى محاولة التبرؤ مما أدلى به رئيسه الريسوني حول قضية الصحراء المغربية، زاعما في بيان سابق أن آراءه "لم يتم التوافق عليها بعد المشورة".
وقال في بيان أعقب صدور التصريحات المثيرة للجدل: "بناء على هذا المبدأ فإن المقابلات أو المقالات للرئيس، أو الأمين العام تعبر عن رأي قائلها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد".
وقبل أيام، قرّرت جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، تجميد عضويتها فيما يسمى بـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين".
واعتبر علماء الجزائر هذا "الاتحاد" "لا يصلح بين المسلمين، بل يؤجج النار بينهم"، مستنكرين بشدة ما وصفوه بـ"الانحراف الخطير في دوره".