رغم الأرباح الضخمة.. ما سر موجات التسريح الغامضة في شركات التكنولوجيا؟
تواصل شركات كبرى شركات التكنولوجيا عمليات تسريح الموظفين التي بدأتها عقب جائحة كوفيد-19، رغم تحقيقها أرباحا ضخمة.
ومنذ 2024 سرحت 167 شركة تكنولوجيا نحو 42324 موظفا، وفقا لبيانات موقع "layoffs.fyi"، الذي يرصد حجم عمليات تسريح العمال في قطاع التكنولوجيا، على الرغم من أن معظمها أظهرت أداء ماليا ممتازا، أي أن الأمر لا يرتبط بأداء ضعيف لتلك الشركات.
واحتوت القائمة على عمليات تسريح موظفين بسبب إغلاق بعض الشركات التي أظهرت أداء ضعيفا، إلا أنها تضمنت كذلك خفضا لدى جميع عمالقة التكنولوجيا تقريبا، خاصة التي حققت أرباحا مرتفعة في تقريرها ربع السنوي الأخير.
عمليات التسريح
وسرحت شركة مايكروسوفت 1900 عامل قبل خمسة أيام من الإعلان عن ارتفاع إيراداتها الفصيلة بنسبة 17.6% إلى 62.02 مليار دولار، كما فصلت شركة غوغل أكثر من ألف عامل، رغم تحقيقها إيرادات بقيمة 86.31 مليار دولار، بزيادة 13%.
وفصلت شركة أمازون ما يقرب من ألف موظف، رغم ارتفاع إيراداتها بنسبة 14% لتصل إلى 169.96 مليار دولار، فيما خفضت شركة ميتا عمالتها بتسريح عشرات الموظفين رغم صعود الإيرادات بنحو 25% إلى 40.11 مليار دولار.
ووصلت جولات التسريح إلى شركات أصغر، حيث سرحت شركة زوم 150 موظفا، وباي بال 2500 موظف، وديسكورد 170 موظفا، وتيك توك 60 موظفا.
على الرغم من أن جولات التسريح التي بدأت العام الجاري كبيرة، فإنها ليست مثل التي حدثت في عامي 2022 و2023 عقب جائحة كوفيد-19، حيث كانت أكبر عملية في الربع الأول من 2023، وتم فصل نحو 167575 ألف موظف من 585 شركة.
وفي عامها المالي الأخير، حققت أكبر خمس شركات تكنولوجيا (مايكروسوفت، وأبل، وأمازون، وغوغل، وميتا) إيرادات وصلت إلى 1.63 تريليون دولار، أي ما يتجاوز 81% عن المبلغ الذي سجلته قبل خمس سنوات، مما مكنها من إضافة 3.5 تريليون دولار لقيمتها السوقية.
لماذا يتم تسريح الموظفين؟
أشارت عدة تقارير إلى اختلاف الوضع الاقتصادي الحالي مقارنة بالعام الماضي، حيث واجه الاقتصاد العالمي أزمة بسبب الخوف من التضخم المرتفع، مما ألحق الضرر بالأداء المالي لكافة شركات التكنولوجيا تقريبا، كما عانت الشركات من ارتفاع حجم النفقات بسبب زيادة التوظيف في ظل الطلب المتزايد على التكنولوجيا في أثناء فترة كورونا.
وفي 2023 (أسماه رئيس شركة ميتا "عام الكفاءة") أجرت الشركات تحركات كبيرة لرفع كفاءة العمل وخفض النفقات، ما دفعها للتخلص من عدد كبير من الموظفين، وإعادة الإيرادات والأرباح إلى مسار النمو.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن أعداد الموظفين في شركات (أبل وأمازون وميتا ومايكروسوفت وغوغل) زادت أكثر من 900 ألف منذ نهاية 2019 حتى بداية جولات تسريح العمال.
وخلال آخر 30 شهرًا، ألغت الشركات نحو 112 ألف وظيفة فقط، بسبب تغير الأوضاع الاقتصادية، ومع ذلك فإنهم يوظفون حتى اليوم 2.16 مليون شخص، أي أكثر بنسبة 71% عن العدد قبل فيروس كورونا.
وقال مؤسس "layoffs.fyi" روجر لي إن شركات التكنولوجيا تحاول تقليل العمالة الزائدة التي حدثت في أثناء جائحة كورونا، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة والاتجاه السلبي في قطاع التكنولوجيا، ما أدى إلى استمرار عمليات التسريح فترة أطول من المتوقع".
وأضاف لـ"بلومبرغ" أن جولات تسريح العمال الحالية أصغر حجما وأكثر دقة من التي حدثت في 2023، ما يعني أنه إذا كان تقليل العمالة في العام الماضي حدث بسبب الذعر، بهدف تقليل النفقات بأي ثمن وخفض التكاليف، فإن الأمر يحدث الآن بطريقة أكثر منهجية، وتستهدف بشكل أساسي وحدات الأعمال والأقسام التي لا تقدم أداء جيدا بما فيه الكفاية.
الذكاء الاصطناعي
وذكر تقرير لشركة "كومبتيا"، التي تراقب اتجاهات التوظيف في قطاع التكنولوجيا من خلال تحليل إعلانات الوظائف، أنه يوجد سبب آخر لعمليات التسريح، وهو تركيز العديد من الشركات على التطورات القائمة على الذكاء الاصطناعي، أو الانتقال إلى العمل باستخدام الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي.
وزاد عدد الوظائف المفتوحة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أو التي تتطلب مهارات تتعلق بهذا المجال من نحو 2000 وظيفة في ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى 17479 وظيفة في يناير/كانون الثاني 2024، بحسب شركة "كومبتيا"، ما يعني أنه من المرجح ألا تؤدي كل عمليات التسريح إلى تقليل الوظائف، وأن تقوم الشركات باستبدال موظفين ذوي مهارات معينة بموظفين لديهم مؤهلات أخرى.