مسألة أمن قومي.. حرائق الغابات تغادر مربع الكوارث البيئية
غادرت حرائق الغابات مربع الكوارث البيئية وباتت تداعياتها مسألة أمن قومي بحسب تعبير للرئيس الأمريكي جو بايدن.
وكافحت السلطات في جميع أنحاء جنوب أوروبا للسيطرة على حرائق الغابات الضخمة خلال الأسابيع الماضية.
فى الوقت الذى تتسارع فيه وتيرة تفشي حرائق الغابات فى أنحاء من الولايات المتحدة وأوروبا بسبب الطقس السيئ، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "الأمن القومي فى خطر".
وفى تغريده على حسابه الرسمي بموقع "تويتر" أوضح بايدن أن التغير المناخى لا يفرق بين ما إذا كنت (الحرائق) فى ولاية حمراء أو زرقاء (فى إشارة الى الانتماءات السياسية للولايات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي).. الجفاف الذي يمتد لمائة عام يهدد مزارعنا ومواردنا المائية".
وأضاف بايدن أن الحرائق المندلعة فى المناطق الغربية قد دمرت أراض تزيد فى مساحتها عن (ولاية) نيو جيرزي.. وكتب: "أمننا القومى فى خطر".
حرائق أوروبا
تأتى تصريحات الرئيس الأمريكي فى الوقت الذى كافحت فيه السلطات على مدى نحو أسبوع مضي في جميع أنحاء جنوب أوروبا للسيطرة على حرائق الغابات الضخمة في دول مثل إسبانيا واليونان وفرنسا، في حين ألقي باللوم في مئات الوفيات على ارتفاع درجات الحرارة التي يقول العلماء إنها من تداعيات تغير المناخ.
ونُسبت أكثر من 1000 حالة وفاة إلى موجة الحر التي استمرت قرابة أسبوع في البرتغال وإسبانيا حتى الآن. ووصلت درجات الحرارة في إسبانيا إلى 45.7 درجة مئوية حيث أسقطت طائرات الهليكوبتر الماء على ألسنة اللهب فيما جعلت التضاريس الجبلية مهمة رجال الإطفاء أكثر صعوبة.
وفى فرنسا، قالت السلطات الإقليمية إن حرائق الغابات انتشرت على مساحة تزيد عن 11000 هكتار (27000 فدان) في المنطقة الجنوبية الغربية من جيروند، وتم إجلاء أكثر من 14000 شخص.
كما اندلعت حرائق فى كل من اليونان وإيطاليا وكرواتيا وبريطانيا التى شهدت بعضا من أكثر الأيام سخونة فى تاريخها على الإطلاق وهو ما أجبر شركات القطارات على إلغاء الخدمات والمدارس وعلى الإغلاق مبكرًا وحث الوزراء الجمهور على البقاء في منازلهم.
هل هي مسألة الأمن القومى؟
من حيث المبدأ، فإن تلك الحرائق تمثل بالفعل تهديدًا دائمًا للأمن الداخلي فهى تؤدي إلى خسارة الأرواح وتدمير الممتلكات من منازل وسيارات وكذلك تدمر الأراضي الزراعية كما تؤثر على البيئة بشكل كبير.
وتؤدي الحرائق إلى تدهور جودة الهواء من خاصة مع انتشار الدخان عبر آلاف الأميال، كما قد تضر الحرائق بخطوط الطاقة فقد تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، سواء المخطط أو غير المخطط له،
وبالنسبة للناجين من حرائق الغابات، قد تتأثر الصحة العقلية سلبًا. وقد يعاني البعض من اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب الذي يتطلب علاجًا. وتؤثر أيضا إجمالا على الموارد الطبيعية فهي تتسبب بموت الحيوانات الأليفة والماشية وعدد غير معروف من الحيوانات البرية فضلاً عن الغطاء النباتي الطبيعي، وأحيانا تؤدي إلى حرائق أصغر نطاقا.
وفى دراسة نشرها "مركز المناخ والأمن" الأمريكي (Center for Climate and Security) فإن حرائق الغابات لها عواقب وخيمة على عشرات الملايين من الأشخاص ومجتمعاتهم فى أنحاء العالم. ولأثارها المدمرة هذه، فإن التصدي لها لا يقتصر فقط على رجال الإطفاء، بل إنه فى أحيان كثيرة يتطلب تدخل الجيش الوطنى فى الدول لمكافحة النيران.
وفى الولايات المتحدة حيث تندلع النيران بشكل شبه سنوي، فإن حكام الولايات باتوا يستعينون بشكل رسمي بقوات الحرس الوطني والوحدات الأرضية والجوية العاملة بمعداتها لمكافحتها.
وقبل عامين، نشرت إدارة الإطفاء في كاليفورنيا، بحسب وكالة "رويترز"، أرقاما وصفتها بالقياسية الصادمة للخسائر التي أحدثتها حرائق الغابات خلال عام 2020.
وأوضحت أن حرائق الغابات تسببت في خسائر لأكثر من 4 ملايين فدان في عام 2020، لتتجاوز بذلك ضعفي الرقم القياسي المسجل لخسائر حرائق الغابات في أي عام سابق.
والعام الماضي، قال تقرير مركز تبادل المعلومات عن حرائق الغابات بالولايات المتحدة (InciWeb) إن حريقا بولاية أوريجون أدى إلى احتراق أكثر من 240 ألف فدان خلال 10 أيام، بمعدل 24 ألف فدان في اليوم في المتوسط، أو ما يزيد قليلاً عن 1000 فدان كل ساعة.
وقال براندون ميلر، عالم الأرصاد الجوية في شبكة سي إن إن، إن هذه مساحة أكبر من مساحة سنترال بارك كل ساعة، أو معدل حرق ملعب كرة قدم كل 5 ثوانٍ لمدة 10 أيام.
احتياجات دفاعية
وفى وثيقة صدرت عام 2019 بعنوان "تأثيرات تغير المناخ" نشرته وزارة الدفاع الأمريكية، فإن واضعى التقرير اعتبروا أن "آثار تغير المناخ هي قضية أمن قومي" من حيث التهديد الذى يواجه قواعد البلاد العسكرية فى العالم.
وقال التقرير "يجب أن تكون وزارة الدفاع قادرة على تكييف العمليات الحالية والمستقبلية لمواجهة آثار مجموعة متنوعة من التهديدات والظروف، بما في ذلك تلك الناجمة عن الطقس والأحداث الطبيعية". وتحقيقا لهذه الغاية، فإن وزارة الدفاع حددت العوامل التى ستؤثر بها تغيرات البيئة في تخطيط مهمتها وتنفيذها.
وفحص تقرير البنتاجون التهديدات المتعلقة بتغير المناخ في 72 قاعدة أمريكية حول العالم، ودرس أشياء مثل حرائق الغابات والجفاف والفيضانات والتصحر، حيث تصبح التربة الخصبة سابقًا أرضًا جافة.
وفى دراسة نشرها موقع "المكتبة الرقمية لمركز الأمن والدفاع الأمريكي" (Homeland Defense and Security Digital Library)، فقد برزت دعوة إلى استخدام القدرات الاستخباراتية كنهج عملي لمواجهة التهديدات وتقليل آثار حرائق الغابات. ومن بين هذه الوسائل جمع وتحليل ونشر المعلومات حول تهديدات الحرائق وتحديد العديد من التوصيات التي تشمل سبل التنبؤ بحدوث الحرائق وسرعة التصرف لإنقاذ الأرواح وتقليل الخسائر.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg
جزيرة ام اند امز